تشهد سوق العقارات في مصر موجة جديدة من الضغوط التضخمية مع بداية عام 2025، مدفوعة بالزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، والتي يقدّر مطورون عقاريون وخبراء مقاولات أنها ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بنسبة لا تقل عن 15% خلال الشهور المقبلة.
هذه الزيادة المتوقعة تعمّق من أزمة التكاليف التي تضرب القطاع منذ سنوات، وتعيد طرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل السوق العقارية في ظل تآكل القدرة الشرائية وضبابية المشهد الاقتصادي.
أسعار الوقود تُشعل التكاليف
وكانت لجنة تسعير المنتجات البترولية قد أعلنت الجمعة الماضية عن زيادات جديدة فى أسعار الوقود، ليرتفع سعر السولار إلى 15.50 جنيهًا للتر، وبنزين 95 إلى 19 جنيهًا، وبنزين 92 إلى 17.25 جنيهًا، وبنزين 80 إلى 15.75 جنيهًا، فى خطوة قال مسؤولون إنها ضرورية لضبط الموازنة العامة، لكنها تلقي بظلال كثيفة على سلاسل الإنتاج والنقل، وخاصة في قطاع البناء والمقاولات.
انعكاسات فورية على مواد البناء
المهندس محمد لقمة، رئيس مجلس إدارة شركة "ديتيلز" للمقاولات والإنشاءات، أوضح أن التأثير سيكون "مباشرًا وسريعًا"، لا سيما في أسعار مواد البناء الأساسية مثل الأسمنت والحديد، التي تعتمد بشكل كبير على الوقود في عمليات الإنتاج والنقل.
وتوقع لقمة ارتفاعًا لا يقل عن 15% في أسعار العقارات خلال عام 2025، مشيرًا إلى أن المطورين لن يكون أمامهم بديل سوى إعادة تسعير الوحدات المعروضة لتغطية فروق التكلفة، مع احتمالات لتباطؤ وتيرة التنفيذ في بعض المشروعات الجارية.
ضغط متزايد على المقاولين
القطاع الأكثر تأثرًا – بحسب لقمة – هو قطاع المقاولات، الذي يعتمد بشكل كثيف على الوقود في تشغيل المعدات الثقيلة وأعمال النقل، ويحذر من أن هذه الزيادات ستضع الشركات في مأزق حقيقي ما لم يتم توفير آليات دعم وتعويض سريعة من الدولة لامتصاص الزيادة في النفقات التشغيلية.
فجوة تمويلية تهدد المشروعات
من جانبه، يشير الدكتور طارق الغمراوي، رئيس مجلس إدارة شركة "بيت مصر" لخدمات التمويل العقاري، إلى أن غياب آلية واضحة ومرنة لتعويض الشركات عن فروق الأسعار الناجمة عن الزيادات المستمرة في مدخلات الإنتاج يمثل عبئًا متزايدًا على الشركات المنفذة، محذرًا من أن بعض المشروعات قد تتأخر أو تتوقف بالكامل إذا لم تتم معالجة هذا الخلل.
تعاقدات قديمة ومعدلات تضخم جديدة
ويتفق معه شمس الدين يوسف، رئيس مجلس إدارة شركة "الشمس" للمقاولات، الذي يرى أن توقيت زيادة أسعار الوقود يُفاقم من الأعباء على الشركات، لا سيما مع وجود عدد كبير من التعاقدات المبرمة بأسعار قديمة، قبل الطفرات السعرية الأخيرة في الوقود والمواد الخام. ويؤكد أن التعويضات الحكومية الحالية لا تغطي فعليًا الفجوة الناتجة عن التضخم الحقيقي في التكلفة، ما يزيد من المخاطر المالية التي تواجهها الشركات.
ارتباط عضوي بين الوقود والأسعار
أما ممدوح المرشدي، عضو اتحاد المقاولين، فيلفت إلى أن تأثير الوقود يتعدى النقل والتشغيل، ليصل إلى تكلفة تشغيل المصانع المنتجة لمواد البناء ذاتها، موضحًا أن كل حلقة في سلسلة التوريد تتأثر تلقائيًا بارتفاع أسعار الوقود، وهو ما يجعل أي محاولة لتثبيت أسعار العقارات في الوقت الحالي أمرًا بالغ الصعوبة.