نعت جماعة "الإخوان المسلمون" البروفيسور خورشيد أحمد، عالم الاقتصاد الإسلامي المعروف وأحد رواد الدعوة الإسلامية والفكر الاقتصادي الحديث، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 93 عامًا، بعد مسيرة علمية ودعوية امتدت لعقود، جاب خلالها قارات العالم محاضِرًا ومناظِرًا وناشرًا للفكر الإسلامي.
وقال القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، الدكتور محمود حسين، في بيان النعي الصادر يوم الأحد 14 شوال 1446هـ الموافق 13 أبريل 2025م:
"تتقدم جماعة "الإخوان المسلمون" بخالص العزاء في وفاة البروفيسور خورشيد أحمد، الرئيس المؤسس للمؤسسة الإسلامية في بريطانيا، وكلية ماركفيلد للدراسات العليا، وعدد من الجمعيات والمراكز البحثية في العالم، والذي لقي ربه بعد رحلةٍ طويلةٍ في الدعوة إلى الله تعالى، وخدمة قضايا الأمة، ونسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يُلهم أهله ومحبيه وتلاميذه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون".
الأستاذ.. عقل اقتصادي وروح دعوية
يعد خورشيد أحمد أحد أعلام الفكر الإسلامي الحديث، وعُرف بلقب "الأستاذ" في الأوساط الأكاديمية والدعوية، لما له من تأثير بالغ في بلورة مفاهيم الاقتصاد الإسلامي وتقديمها للعالم بلغات العصر ومنهجيته العلمية الصارمة.
ولد في العاصمة الهندية دلهي عام 1932م، قبل أن يهاجر إلى باكستان عقب تقسيم شبه القارة الهندية، ويحصل على درجات علمية متعددة في القانون، والشريعة، والدراسات الإسلامية، إلى جانب دكتوراه فخرية في الاقتصاد الإسلامي من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا.
رحلة علمية رائدة ومناصب قيادية
خلال مسيرته، تبوأ خورشيد أحمد مناصب مرموقة، حيث عمل وزيرًا فيدراليًا للتخطيط والتنمية ونائبًا لرئيس هيئة التخطيط في الحكومة الباكستانية، كما شغل عضوية مجلس الشيوخ الباكستاني ورئاسة لجنة الشؤون الاقتصادية فيه.
أكاديميًا، عمل أستاذًا في جامعة كراتشي، وباحثًا زائرًا في جامعة ليستر البريطانية، وأسّس وترأس المعهد الدولي للاقتصاد الإسلامي في إسلام آباد، إضافة إلى توليه رئاسة تحرير عدة مجلات علمية إسلامية بارزة.
كما ترأس المؤسسة الإسلامية في ليستر بالمملكة المتحدة، وهي من أبرز المراكز الفكرية الإسلامية في الغرب، وقدمت على مدار سنوات نماذج ناجحة في التأطير العلمي والفكري لمسلمي أوروبا.
محاور عالمي ومشارك في حوارات الأديان
امتدت شهرة البروفيسور أحمد خارج الدوائر الاقتصادية والدعوية، ليُعرف بمحاورته الفريدة لرجال الدين المسيحيين واليهود، من خلال مؤتمرات ومنتديات جمعت ممثلي الديانات السماوية.
شارك في مؤتمرات عالمية في لندن وبرلين وجنيف، وترأس لقاءات حوار الأديان في شمبيزي بسويسرا، وكان أحد رموز الانفتاح الإسلامي على الحوار دون التفريط في الثوابت.
تراث علمي زاخر
خلف البروفيسور أحمد إرثًا علميًا ضخمًا، يتمثل في أكثر من 70 كتابًا باللغة الإنجليزية و17 كتابًا بالأوردية، إلى جانب مئات المقالات والأوراق البحثية، التي ناقشت قضايا الشريعة، والاقتصاد، والهوية الإسلامية، والتحديات المعاصرة.
كما أشرف على تحرير مجلة "ترجمان القرآن" لأكثر من 35 عامًا، وترك بصمة واضحة في إعادة صياغة خطاب الدعوة الإسلامية بلغة علمية منهجية تحاكي روح العصر.
جوائز وتكريمات دولية
نال أحمد عدة جوائز دولية رفيعة، أبرزها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1990، تقديرًا لدوره في إنشاء مؤسسات علمية إسلامية وتنشيط الفكر الاقتصادي الإسلامي، ومشاركته الفعالة في الحوار الإسلامي المسيحي، وكذلك جائزة بنك التنمية الإسلامي في الاقتصاد، وجائزة بيت التمويل الأمريكي.