شهدت مصر في الأيام الأخيرة موجة جديدة من ارتفاع أسعار الوقود، حيث قفز سعر بنزين 95 من 17 إلى 19 جنيهاً للتر، وبنزين 92 من 15.25 إلى 17.25 جنيهاً للتر، بينما ارتفع سعر بنزين 80 من 13.75 إلى 15.75 جنيهاً للتر، كما زاد سعر السولار من 13.5 إلى 15.5 جنيهاً للتر.
هذه الزيادات، التي تأتي ضمن سلسلة متواصلة من رفع الأسعار منذ الانقلاب العسكري في 2013، تزيد من معاناة المواطنين وتُغذي السخط السياسي في ظل سياسات اقتصادية فاشلة تعتمد على القروض الدولية وتراكم الديون.
 

السياسات الخاطئة وانهيار القدرة الشرائية
   لم تكن هذه الزيادات الأخيرة سوى حلقة جديدة في مسلسل تحميل الشعب أعباء فشل سياسات الانقلاب العسكري.
فمنذ 2013، ارتفعت أسعار الوقود بنسب صادمة، حيث كان سعر لتر البنزين 92، على سبيل المثال، لا يتجاوز 1.75 جنيه قبل الانقلاب، بينما يقفز الآن إلى 17.25 جنيهاً، أي ما يقارب عشرة أضعاف.
هذه القفزات تأتي ضمن برنامج تقشفي مفروض من صندوق النقد الدولي مقابل القروض التي تجاوز الدين الخارجي بموجبها 165 مليار دولار بحلول 2025.  

وقد أدت هذه السياسات إلى تدهور حاد في مستوى المعيشة، حيث يقترن ارتفاع الوقود بموجة تضخم قياسية تجاوزت 35% في بعض الفترات، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
كما أن الأسر المصرية تنفق الآن أكثر من 40% من دخلها على الغذاء والمواصلات فقط، مما يترك هامشاً ضئيلاً للرعاية الصحية أو التعليم، ناهيك عن الرفاهية.
 

تأثير الزيادات على السخط السياسي
   
لا يقتصر تأثير ارتفاع الوقود على الجانب الاقتصادي، بل يتحول إلى عامل رئيسي في إذكاء الغضب الشعبي.
فالمواطن الذي يجد نفسه مضطراً لدفع نصف راتبه فقط لمواصلاته ونقل بضائعه يدرك أن السبب هو سياسات حكومة الانقلاب الفاشلة.
وتشير استطلاعات غير رسمية إلى أن أكثر من 80% من المصريين يعتبرون أن هذه الزيادات غير مبررة، خاصة في ظل عدم تحسن الخدمات العامة أو البنية التحتية.  

كما أن هذه الزيادات تزيد من الاحتقان الاجتماعي، حيث تشهد بعض المدن احتجاجات عمالية وطلابية متفرقة رغم القبضة الأمنية المشددة.
وقد لاحظ مراقبون أن السخط لم يعد مقتصراً على الطبقات الفقيرة، بل امتد إلى أصحاب الدخل المتوسط، الذين أصبحوا عاجزين عن توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة.
 

مواقف الأحزاب والمعارضة.. صمت قسري واحتجاج محدود 
   في ظل القمع السياسي الممنهج، تبدو أصوات المعارضة داخل البرلمان خافتة، حيث يهيمن مؤيدو النظام على المشهد السياسي الرسمي.
ومع ذلك، فقد تجرأ بعض النواب على انتقاد الزيادات الأخيرة، وإن كان ذلك بشكل محسوب.
أما خارج أروقة السلطة، فإن الأحزاب المعارضة، مثل حزب الدستور، قد أدانوا هذه القرارات ووصفوها بأنها "ضربة جديدة للفقراء".  

لكن تأثير هذه الأصوات يظل محدوداً بسبب التضييق الأمني والإعلامي.
وفي المقابل، تستغل قوى المعارضة في الخارج، مثل تحالف "نداء مصر"، هذه الزيادات لتسليط الضوء على فشل سياسات النظام، مشيرين إلى أن ارتفاع الأسعار يأتي في وقت يزداد فيه الفساد المالي والإدارة غير الرشيدة للموارد.  
 

الخاتمة.. هل تدفع الزيادات نحو انفجار اجتماعي؟ 
   تشير كل المؤشرات إلى أن الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود ستزيد من حدة السخط السياسي في مصر.
فمع استمرار سياسات الاقتراض والتقشف، وتراجع الخدمات العامة، وانهيار قيمة الجنيه، يصبح المواطن العادي أكثر إحساساً بالظلم.
ورغم أن القمع الأمني قد يمنع احتجاجات واسعة في المدى القريب، إلا أن تراكم الغضب قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي يصعب على النظام احتوائه.  

في النهاية، تؤكد الأرقام أن زيادة الوقود ليست مجرد قراراً اقتصادياً، بل هي جزء من سياسة منهجية تقوم على إفقار الشعب لضمان بقاء النظام.
ولكن مع كل جنيه إضافي يدفعه المواطن، يزداد السؤال: إلى متى سيستمر هذا الوضع قبل أن يتحول السخط الصامت إلى غضب عارم؟