نفت الحكومة السودانية بشكل رسمي ما تداولته بعض وسائل الإعلام بشأن إرسال مبعوث من الخرطوم إلى إسرائيل، في خطوة اعتبرها مراقبون تأكيدًا على حرص الحكومة على ضبط مسار الخطاب الإعلامي المرتبط بالعلاقات الدولية، وخاصة مع إسرائيل، في ظل وضع داخلي شديد الحساسية.
بيان حكومي حازم
وجاء النفي السوداني عبر بيان رسمي أصدره وزير الثقافة والإعلام خالد الأعيسر، وصف فيه المعلومات المتداولة بأنها "عارية تمامًا من الصحة".
وأضاف الوزير أن الحكومة "تهيب بوسائل الإعلام تحري الدقة والموضوعية والمهنية"، محذرًا من مغبة نشر أخبار غير موثوقة قد تضر بمصالح البلاد.
البيان جاء ردًا على تقارير نشرتها صحف ومواقع إسرائيلية نقلاً عن منصات إعلامية سودانية، منها موقع "الراكوبة"، تفيد بأن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان أرسل مبعوثًا خاصًا إلى تل أبيب، في زيارة سرية جرت الأسبوع الماضي، التقى خلالها مسؤولين إسرائيليين بهدف دفع مسار التطبيع وتسويق صورة البرهان أمام الإدارة الأميركية.
الرواية الإسرائيلية وتوقيت النشر
التقارير الإسرائيلية زعمت أن الفريق الصادق إسماعيل هو من تولى هذه المهمة، والتي قُدمت باعتبارها خطوة في إطار تحركات تهدف إلى إعادة الزخم لملف العلاقات السودانية الإسرائيلية، والذي ظل يتأرجح منذ اللقاء الشهير بين البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2020 في أوغندا.
ويطرح التوقيت الذي ظهرت فيه هذه التسريبات تساؤلات كثيرة. فبينما تخوض السودان حربًا أهلية متشعبة الأطراف، وتعيش أزمة إنسانية غير مسبوقة، تبرز هذه الأنباء لتعيد النقاش حول السياسة الخارجية السودانية، ومحاولات بعض الجهات استغلال الأوضاع الأمنية والفراغ السياسي لتمرير أجندات خارجية.
قراءات وتحليلات.. ما وراء النفي؟
الباحث السوداني في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية عامر عباس، يرى أن البيان الحكومي "يعبر بوضوح عن موقف رسمي يسعى إلى النأي بنفسه عن أي خطوة تطبيعية في هذا التوقيت".
وأكد أن إسرائيل هي غالبًا من تبادر بتسريب لقاءات مع مسؤولين عرب أو مسلمين، لأغراض سياسية تهدف إلى دفع مسار التطبيع الإقليمي.
ويضيف عباس أن التحليلات الإعلامية التي سبقت البيان تبقى "محض اجتهادات لا يمكن الركون إليها دون أدلة واضحة"، لكنه استدرك بالإشارة إلى أن النفي الحالي "لا يعني عدم وجود تواصل سابق أو نوايا سياسية في هذا الاتجاه"، مشيرًا إلى اللقاءات السابقة بين البرهان ونتنياهو، التي لم تُنفَ رسميًا رغم الغموض الذي اكتنفها.