تزايدت التوترات بين مصر والاحتلال الصهيوني في الأسابيع الأخيرة على خلفية النشاطات العسكرية في شبه جزيرة سيناء، خاصة بعد اقتراح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بنقل سكان غزة إلى مصر، وهو ما رفضته القاهرة بشدة، معتبرة أن أمنها القومي خط أحمر.

اتهمت إسرائيل مصر بتوسيع وجودها العسكري في شمال سيناء قرب الحدود مع غزة ، بما في ذلك إنشاء قواعد عسكرية جديدة وزيادة أعداد القوات.

كما حذّر وزير الدفاع الصهيوني يوآف جالانت من أن هذه الخطوات قد تشكل انتهاكًا لمعاهدة السلام الموقعة عام 1979، والتي تنص على قيود محددة للحضور العسكري في تلك المنطقة.

من جانبها، بررت مصر هذا التعزيز العسكري بمواجهة التهديدات الأمنية، خاصة من الجماعات المسلحة، وأكد مسؤولون مصريون أن انتشار القوات تم بالتنسيق مع الاحتلال.
في الوقت نفسه، تواجه مصر اتهامات من جانب الاحتلال بالتقاعس في التصدي لتهريب الأسلحة عبر الأنفاق بين غزة وسيناء، وهي الأنفاق التي يعتبرها الاحتلال تهديدًا مباشرًا لأمنها.

في سياق متصل، أعاد ترامب طرح فكرة قديمة بنقل سكان غزة إلى مصر أو الأردن.
وقد قوبلت هذه الفكرة برفض عربي موحد، حيث شددت القاهرة على رفضها لأي محاولة لتوطين الفلسطينيين خارج أراضيهم، بينما أشار السيسي إلى أن مصر لن تفرط أبدًا في أمنها القومي.

ووفق تقديرات 2022، كانت مصر تستضيف نحو 135 ألف لاجئ فلسطيني، فيما تضاعف العدد بعد تصاعد القتال في غزة أواخر 2023.
ومع ذلك، تبقى المسألة شديدة الحساسية بالنسبة للقاهرة، خاصة بسبب علاقات حركة حماس بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر.

الأنشطة العسكرية في سيناء ليست جديدة؛ ففي 2014، بدأت مصر بإخلاء مناطق واسعة في رفح لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة، عقب هجمات استهدفت نقاطًا عسكرية.
وتوسع الوجود العسكري المصري في السنوات التالية، بحسب تقارير إعلامية وصور أقمار صناعية.

في المقابل، سيطرت قوات الاحتلال الصهيوني في 2024 على ممر صلاح الدين (المعروف باسم ممر فيلادلفي) الممتد من البحر المتوسط إلى نقطة التقاء حدود غزة ومصر، بالإضافة إلى معبر رفح، بحجة منع تهديدات حماس، ما اعتبرته مصر انتهاكًا لبنود المعاهدة.

معاهدة السلام لعام 1979، التي وُقعت بوساطة أمريكية، لا تزال ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، وتنص على تقسيم سيناء إلى مناطق أمنية محددة بشروط على التسلح.
وتُشرف قوة متعددة الجنسيات على تنفيذ التزامات الطرفين.

رغم تأكيد الجانبين على التزامهما بالمعاهدة، إلا أن التطورات الأخيرة تضعها تحت اختبار جديد.
سابقًا، كان هناك تنسيق أمني وتبادل معلومات لمواجهة التهديدات في سيناء، لكن الأوضاع الحالية توحي بتراجع هذا التعاون.

سفير إسرائيل في واشنطن اعتبر أن بناء مصر لقواعد عسكرية هجومية في سيناء يمثل خرقًا واضحًا لا يمكن التغاضي عنه، مؤكدًا أن هذا الملف سيُطرح قريبًا على الطاولة.
في المقابل، وصف نائب مصري بارز تصريحات إسرائيل بـ"الابتزاز"، مؤكداً أن سيناء أرض مصرية، وأن القاهرة قادرة على الدفاع عنها بقوة.

في ظل هذه الأجواء المشحونة، يبدو أن التوتر بين البلدين سيبقى مصدر قلق إضافي في منطقة تعيش أصلاً على وقع الحروب والاضطرابات المستمرة.
https://www.newsweek.com/trump-hamas-egypt-israel-gaza-war-2056115