خلا عيد الفطر هذا العام من ضحكات الأطفال وهم يحتضنون ألعابهم الجديدة، بعدما تراجعت مبيعات لعب الأطفال بنسبة وصلت إلى 50% مقارنة بالعام الماضي، بحسب ما أكده بركات صفا، نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال بغرفة القاهرة التجارية.

هذا التراجع الحاد لم يكن مفاجئًا بالنسبة للمراقبين، في ظل موجة الغلاء التي تضرب السوق المصري منذ أشهر، وسط تغييرات اقتصادية متسارعة أثرت على أولويات الإنفاق لدى الأسر، التي باتت مضطرة لاختيار الأساسيات والتخلي عن الكماليات، ومن بينها لعب الأطفال.
 

أسعار تقفز.. وجيوب لا تحتمل
   يرى صفا أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع يعود إلى الارتفاع الكبير في الأسعار، مشيرًا إلى أن أسعار الألعاب شهدت زيادة تصل إلى 20%، على خلفية صعود سعر الدولار الجمركي من 31 جنيهًا إلى 50 جنيهًا، وهو ما رفع من تكلفة استيرادها بشكل ملحوظ.

ولم تقتصر الضغوط على سعر الصرف فقط، بل جاءت أيضًا نتيجة لتطبيق ضريبة تنمية موارد الدولة بنسبة 10%، وهو ما أضاف عبئًا جديدًا على كاهل المستوردين والتجار، وبالتالي انعكس على المستهلك النهائي.
 

الألعاب صينية.. والإنتاج المحلي لا يغطي
   أوضح صفا أن السوق المصري يعتمد بنسبة كبيرة على الاستيراد، حيث لا يتجاوز الإنتاج المحلي 20 إلى 25% من احتياجات السوق، بينما يتم استيراد ما يقرب من 75 إلى 80% من الصين، نظرًا لانخفاض أسعار الألعاب الصينية مقارنة بمنتجات دول أخرى.

لكن مع تراجع القوة الشرائية للمواطنين، انخفضت فاتورة الاستيراد أيضًا، إذ تراجعت لتتراوح بين 66 و70 مليون دولار، مقارنة بنحو 85 مليون دولار في السنوات السابقة، وهو ما يعكس حجم الانكماش في هذا القطاع.
 

مواسم متداخلة تضغط على المستهلكين
   وبحسب صفا، فإن التراجع في الإقبال لا يُعزى فقط إلى ارتفاع الأسعار، بل أيضًا لتداخل عدد من المواسم في توقيت واحد هذا العام، مثل عيد الأم، وشهر رمضان، وعيد الفطر، بالتزامن مع عودة الدراسة، وهو ما جعل كثير من الأسر تعيد ترتيب أولوياتها المالية.

وأشار إلى أن العيد، الذي كان يشهد عادةً انتعاشة في حركة بيع الألعاب، فقد هذا الزخم لصالح مستلزمات المدارس أو متطلبات رمضان، وهو ما أثر على السوق بشكل غير مسبوق.
 

ذكاء اصطناعي بدل الدُمى؟
   في ظل هذا التراجع، تبرز ظاهرة جديدة تلعب دورًا في تقليص الإقبال على الألعاب التقليدية، وهي توجه الأطفال نحو الألعاب الإلكترونية، التي أصبحت متاحة عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بل وتُفضِّلها بعض الأمهات كوسيلة لإشغال الطفل، رغم التحذيرات المتكررة من آثارها السلبية على النمو العقلي والاجتماعي للأطفال.

صفا أشار إلى أن هذه الظاهرة، رغم انتشارها، لا يمكن أن تكون بديلًا صحيًا للألعاب التقليدية التي تساعد على تنمية مهارات الطفل وتطوير خياله وذكائه، مؤكدًا أن غياب الوعي المجتمعي حول خطورة الإفراط في استخدام التكنولوجيا للأطفال، يزيد من تفاقم الأزمة.