حصلت جهات رقابية على مستندات رسمية تكشف تورط مسؤول مالي بارز معين من قبل لجنة التحفظ والإدارة والتصرف في أموال "الجماعات الإرهابية والإرهابيين"، في قضية رشوة مالية كبيرة.
وتشير الوثائق إلى أن المسؤول المتهم، وهو منتصر محمد الضوي، 51 عامًا، والذي كان مكلفًا بإدارة شركة الشروق للإنشاءات والتعمير، قد طلب وتقاضى رشوة من رجل الأعمال محمد حافظ رفاعي، صاحب شركة النيل للمقاولات، مقابل تسهيل صرف مستحقات مالية مجمدة تبلغ 24 مليون جنيه.
تفاصيل القضية وآلية تنفيذ الرشوة
تشير أوراق القضية، التي تحمل الرقم 2286 لسنة 2025 جنايات أمن الدولة العليا، إلى أن عملية الرشوة تمت على مراحل عدة، وتضمنت تسجيلات صوتية ومراسلات إلكترونية تثبت صحة الاتهامات الموجهة إلى المتهمين.
فقد قام المفوض المالي بطلب مبالغ مالية على سبيل الرشوة مقابل تسريع إجراءات صرف المستحقات، مهددًا بتعطيل صرفها نهائيًا في حال عدم الاستجابة لمطالبه.
وبحسب التحقيقات التي أجراها محمد محمود عبد المجيد، عضو هيئة الرقابة الإدارية، فقد توصلت تحرياته إلى أن المتهم الأول طلب نسبة 10% من إجمالي المستحقات، أي ما يعادل 2.4 مليون جنيه، قبل أن يتم التفاوض على تخفيض المبلغ إلى 1.75 مليون جنيه.
وتم الاتفاق على دفع الرشوة في صورة تسهيل حصول رجل الأعمال المتهم على وحدة تجارية مملوكة لشركة الشروق بمجمع "مارفي" التجاري في منطقة التجمع الخامس، كجزء من تسوية مالية غير مشروعة.
كيف بدأت خيوط القضية؟
تعود بداية القضية إلى عام 2022، حينما تعاقدت شركة النيل للمقاولات مع شركة الشروق للإنشاءات والتعمير لإجراء أعمال كهروميكانيكية في مجمع "مارفي" التجاري.
لكن عقب صدور قرار قضائي بالتحفظ على شركة الشروق، تم تعيين شركة "أخبار اليوم للاستثمارات" لإدارتها، والتي بدورها أوكلت المسؤولية المالية إلى منتصر محمد الضوي.
وفي إطار مساعي رجل الأعمال محمد حافظ رفاعي لصرف مستحقاته المتأخرة، استغل الضوي سلطته في تعطيل الإجراءات حتى رضخ صاحب الشركة لمطالبه بتقديم الرشوة.
وتكشف التحقيقات أن الرشوة لم تكن فقط مالية، بل شملت ترتيبات لتسهيل استحواذ رجل الأعمال على عقار تابع للشركة كجزء من الصفقة المشبوهة.
اعترافات المتهمين والإحالة إلى المحاكمة
عقب تحقيقات موسعة، اعترف المتهم الثاني، محمد حافظ رفاعي، بأنه اضطر لدفع الرشوة تحت ضغط وابتزاز المسؤول المالي لضمان صرف مستحقاته.
وبناءً على الأدلة الدامغة، وجهت نيابة أمن الدولة العليا للمتهم الأول تهمة استغلال منصبه الوظيفي كموظف عام، وطلب وأخذ عطايا مالية مقابل تأدية عمل من أعمال وظيفته، فيما وجهت للمتهم الثاني تهمة تقديم رشوة لموظف عام.
ردود الفعل والتداعيات القانونية
أثارت القضية جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والاقتصادية، حيث سلطت الضوء على الفساد داخل المنظومة المالية للشركات المتحفظ عليها، والتي من المفترض أن تكون تحت إشراف صارم.
ومن المتوقع أن تصدر المحكمة أحكامًا مشددة في هذه القضية، خاصة في ظل توافر الأدلة القوية، بما في ذلك التسجيلات الصوتية والمراسلات الإلكترونية، والتي تعد دليلاً قاطعًا على تورط المتهمين في جريمة الرشوة.