على مدار أكثر من 11 عامًا، شددت السلطات المصرية قبضتها على رجال الأعمال، مستهدفة الشركات الخاصة بطرق تثير الشكوك حول مستقبل الاستثمار في البلاد.
في البداية، استهدفت هذه الممارسات الإسلاميين بعد انقلاب يوليو 2013، لكنها توسعت لاحقًا لتشمل رجال أعمال ومستثمرين مرتبطين بالنظام نفسه، مما زاد المخاوف بشأن بيئة الاستثمار في مصر.
 

حجم الأصول المصادرة وآليات الاستيلاء
   لا تفصح الحكومة المصرية عن الحجم الإجمالي للأصول المصادرة، لكن تقريرًا حديثًا لمنظمة الجبهة المصرية لحقوق الإنسان بعنوان "ثروتهم غنيمتنا: تهديد الشركات والاستثمار المحلي تحت غطاء الحرب على الإرهاب"، يكشف عن تفاصيل هذه الحملة.
وتقدِّر بعض التقديرات أن قيمة الأصول المصادرة بين 2013 و2018 بلغت نحو 300 مليار جنيه مصري، وربما تضاعفت هذه القيمة مع استمرار الحكومة في سياساتها.

شملت المصادرات: شركات ومستشفيات ومدارس خاصة وجمعيات خيرية وحسابات مصرفية وأصول عقارية ومصانع وشركات صرافة وأراضٍ زراعية والتشريعات التي مهدت للمصادرة.

استندت الحكومة إلى حكم محكمة الأمور المستعجلة في سبتمبر 2013، الذي صنّف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، مما فتح الباب أمام مصادرة أصولهم.
تبع ذلك القرار الوزاري رقم 1141 لسنة 2013، الذي أنشأ لجنة خاصة لإدارة الأصول المصادرة، والقرار رقم 579 لسنة 2014، الذي أنشأ لجنة لحصر وإدارة أموال الجماعة.

وفي 2015، صدر القانون رقم 8 بشأن الكيانات الإرهابية، والذي استُخدم لتوسيع القوائم لتشمل سياسيين وأكاديميين وصحفيين ورجال أعمال.
كما منح القانون رقم 94 لسنة 2015 الحكومة صلاحيات واسعة للاستيلاء على الأصول دون الرجوع إلى المحاكم، وأتاح لها الوصول إلى الحسابات المصرفية دون إذن قضائي.

هذه القوانين فتحت المجال أمام حملة مصادرات واسعة، حيث أعلنت الحكومة في 2015 عن الاستيلاء على 532 شركة ومصنعين و14 شركة صرافة و522 عقارًا و400 فدان زراعي.
وبحلول 2018، توسعت المصادرات لتشمل 118 شركة و1133 جمعية خيرية و104 مدارس و69 مستشفى و33 موقعًا إلكترونيًا وقناة تلفزيونية و460 مركبة و318 فدانًا زراعيًا.

في 2018، أقر البرلمان القانون رقم 22، الذي أنشأ لجنة حصر وإدارة أصول الكيانات الإرهابية، تبعه القانون رقم 14 لسنة 2020، الذي سمح بتوسيع قوائم المصادرة لتشمل المزيد من الأفراد والشركات.
 

دور الأجهزة الأمنية في الاستيلاء على الأصول
   تتولى وحدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب تحديث قوائم المصادرة شهريًا، والتي بلغت حتى نهاية 2024 نحو 3691 فردًا و8 كيانات تجارية. ويرأس هذه الوحدة أحمد سعيد خليل السيسي، شقيق الرئيس المصري.
 

التحول إلى استهداف رجال الأعمال عمومًا
   مع مرور الوقت، لم تعد المصادرات تقتصر على الجماعات السياسية، بل شملت قطاعًا أوسع من الشركات المحلية.
يرجع ذلك إلى عاملين أساسيين: دفع الأزمة المالية الحكومة للبحث عن مصادر تمويل جديدة، ما أدى إلى الضغط على رجال الأعمال لدفع مساهمات مالية أو الدخول في شراكات قسرية مع الشركات الحكومية.
وتمكين الأجهزة الأمنية من جمع معلومات عن رجال الأعمال وهيكل شركاتهم وأصولهم المالية، دون أي رقابة قانونية.

يشير التقرير الحقوقي إلى حالات نهب مباشر للأموال أثناء المداهمات الأمنية، حيث تختفي مبالغ كبيرة من النقد المصادَر دون أن يتم توثيقها رسميًا. في إحدى الحالات، اختفى مليونا دولار تمت مصادرتها من منزل أحد المعتقلين.
 

نماذج من رجال الأعمال المستهدفين

  • صلاح دياب ومحمد الأمين وعبد الرحمن سعودي: تعرضوا لمصادرات واسعة النطاق.
  • حسن راتب: أجبر على التنازل عن حصصه في شركة أسمنت سيناء لصالح مؤسسة سيادية تابعة للجيش.
  • سيد السويركي (مالك سلسلة التوحيد والنور): خرج من السجن بعد تنازله عن أراضٍ ومحلات.
  • أحمد العزبي (مالك صيدليات العزبي): اضطر إلى بيع 49% من حصته لصندوق مصر السيادي.
  • صفوان ثابت (مالك شركة جهينة) وابنه سيف: رفضا الانضمام إلى كيان تابع للمخابرات، فتمت مصادرة أصولهما وسجنهما لمدة عامين.

أثارت قضية ثابت انتقادات واسعة، حيث أدانت منظمة العفو الدولية اعتقاله، واعتبرت أنه تم لمعاقبته على رفضه التخلي عن أصول شركته.
 

التأثير على القطاع الخاص والاستثمار
   لم تقتصر المصادرات على الشركات الكبرى، بل استهدفت شركات عقارية صغيرة ومتوسطة، مما أجبر العديد منها على الإغلاق.
في 2018، تمت مصادرة 18 شركة استثمار عقاري، وأُجبر مستثمرون على شراء وحدات سكنية في مشاريع حكومية بأسعار مرتفعة.

نتيجة لهذه السياسات، أُجبر العديد من رجال الأعمال على الهجرة، أو نقل استثماراتهم إلى الخارج، أو الحصول على جنسيات أجنبية لحماية ثرواتهم.
وفي ظل استمرار هذه الممارسات، باتت بيئة الاستثمار في مصر محفوفة بالمخاطر، مما يهدد الاقتصاد المحلي ويجعل القطاع الخاص عرضة لهيمنة المؤسسات الأمنية والسيادية.

https://www.middleeastmonitor.com/20250312-how-do-the-egyptian-authorities-seize-business-and-personal-assets