تركّز الغضب الدولي في الأيام الأخيرة على اقتراح دونالد ترامب بأن تستحوذ الولايات المتحدة على غزة، وأن يتم تهجير أكثر من مليوني فلسطيني لإفساح المجال لتحويل القطاع من "منطقة مدمرة" إلى "ريفيرا الشرق الأوسط".

في الأردن ومصر، أثار مطلب أن تقبل الدولتان أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين من غزة – بشكل قد يكون دائمًا – قلقًا مماثلًا.
فقد رفض قادة البلدين الاقتراح على الفور، ويسافر الملك عبد الله الثاني ورئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن لمحاولة إقناع ترامب بتغيير مساره.

يقول نيل كويليام، الزميل الباحث في برنامج الشرق الأوسط في معهد "تشاتام هاوس" في لندن: "إنهم مرعوبون من أن تصبح سياسة التهجير الإسرائيلية حقيقة واقعة."

يعلم كل من عبد الله والسيسي أنهما معرضان لضغوط ترامب بسبب اعتماد بلديهما الكبير على المساعدات والتجارة مع الولايات المتحدة.
 

الأردن.. ذاكرة نكبة لا تُنسى
   استقبل الأردن أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين المهجرين في عام 1948، خلال الحروب التي صاحبت تأسيس الاحتلال الصهيوني، وفي عام 1967 عندما احتل اليهود الضفة الغربية وغزة.
ونتيجة لذلك، يُعتقد أن أكثر من نصف سكان الأردن من أصول فلسطينية، وكثير منهم لا يزالون يحملون صفة "لاجئ".

تقول كاترينا سامور، المحللة المستقلة في عمّان: "ستكون هذه إعادة لصدمة نكبة 1948، التي لا تزال حاضرة بقوة في ذاكرة الشعوب العربية الجماعية".

ويُعدّ دور الفلسطينيين في الأردن أحد أكثر القضايا السياسية حساسية في المملكة.
ففي عام 1970، كاد مسلحون من منظمة التحرير الفلسطينية أن ينتزعوا السيطرة على البلاد من يد الملك حسين (والد الملك عبد الله)، مما أدى إلى حرب أهلية دموية عُرفت باسم "أيلول الأسود".
ورغم أن تكرار  هذا الحدث غير مرجح اليوم، إلا أن القلق من أي تحولات سكانية كبيرة لا يزال قائمًا.

حذّر المسؤولون الأردنيون منذ بداية الحرب من أن تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن قد يؤدي إلى ضم الاحتلال للضفة، وهي خطوة يعتبرها الأردن "إعلان حرب".

ويقول كويليام: "الأردنيون قلقون جدًا من أن ما يحدث في غزة قد يكون مقدمة لضم الضفة الغربية من قبل إسرائيل."

تواجه السلطات الأردنية احتجاجات مستمرة منذ أشهر تدعو إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة لدعم الفلسطينيين.
لذا، فإن أي موافقة ضمنية على خطة ترامب ستُعتبر خيانة للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن الأردن لديه معاهدة سلام مع الاحتلال الصهيوني وعلاقات عسكرية واقتصادية وثيقة مع الولايات المتحدة، مما يجعل موقفه صعبًا للغاية.

يقول أحد المسؤولين الأردنيين: "نحن في وضع حساس للغاية... نحن بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة، لكننا لا نستطيع تحمل غضب شعبنا".

تقول عالية إبراهيم، خبيرة الشرق الأوسط في "المجلس الأطلسي": "الأسئلة حول الهوية الأردنية ومن هو الأردني وما يعنيه أن تكون أردنيًا هي قضايا شديدة الحساسية. هذه القضية يمكن أن تزعزع استقرار النظام الملكي نفسه."
 

مصر.. رفض قاطع وقلق أمني
   في مصر، يُشكل الأمن مصدر القلق الأكبر، خاصة فيما يتعلق باقتراح إنشاء مخيمات لاجئين ضخمة في سيناء. رفضت القاهرة باستمرار السماح للفلسطينيين باللجوء إلى أراضيها أثناء الحرب، خوفًا من أن يتحول الوجود الفلسطيني إلى أمر واقع دائم.

وأضافت إبراهيم: "من بين السكان المهجرين، سيكون هناك دائمًا متشددون، سواء من حماس أو من جماعات جديدة تسعى للانتقام للأجيال الفلسطينية التي تعرضت للقمع والتدمير".

إذا بدأ هؤلاء المسلحون في تنفيذ عمليات عسكرية انطلاقًا من الأراضي المصرية، فقد يؤدي ذلك إلى انهيار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعزز هذا الجماعات المسلحة المناهضة للنظام المصري، التي كانت نشطة بالفعل في شمال سيناء.

تواجه مصر أيضًا أزمة اقتصادية عميقة، رغم تلقيها مساعدات أمريكية ضخمة. يقول كويليام: "مصر دولة ضخمة، لكن هذه الخطة ستفرض عليها أعباء اقتصادية هائلة... الاقتصاد المصري يواجه بالفعل تحديات كبيرة".

أحد المخاوف الكبرى للقاهرة هو أن قبول اللاجئين الفلسطينيين قد يؤدي إلى زيادة الاستياء الشعبي، مما قد يؤدي إلى موجة احتجاجات جديدة مثل ثورة 2011.
 

هل يستطيع ترامب فرض خطته؟
   في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال ترامب إنه يعتقد أن "عبد الله والسيسي سيفتحان قلوبهما" لاستقبال الفلسطينيين، و"سيوفران لنا الأرض التي نحتاجها لتحقيق السلام والوئام".

لكن في العالم العربي، يُنظر إلى خطته على أنها تهديد وجودي، مما جعل الكثيرين يصفونها بأنها "أسوأ كابوس" بالنسبة للأردن ومصر.

ويضيف كويليام: "ببساطة، ترامب أعاد إحياء أسوأ مخاوف القيادات العربية في عمان والقاهرة."

https://www.theguardian.com/world/2025/feb/06/egypt-jordan-trump-gaza-plan