في خطوة أثارت الجدل وأدت إلى استياء واسع في الأوساط البرلمانية والشعبية، أعلن حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، في مداخلة هاتفية مع برنامج "خلاصة الكلام" عبر قناة "النهار"، أن الوزارة أصدرت قرارًا بتقليص الدعم الموجه إلى الألبان الصناعية، وذلك بحجة تشجيع الرضاعة الطبيعية.

القرار، الذي وافق عليه خالد عبد الغفار، وزير الصحة، يقضي بتخصيص الألبان المدعمة لعدد محدود من الحالات الاستثنائية فقط، بما يشمل أطفال الأمهات اللواتي يعانين من حالات صحية معينة مثل الفشل الكلوي أو الكبدي، وكذلك بعض الأمراض الخطيرة التي تعيق الرضاعة الطبيعية.

 

قرار وزارة الصحة: من سيحصل على اللبن المدعّم؟

القرار يقصر صرف الألبان المدعمة على 8 فئات فقط من الحالات الاستثنائية، وتضمنت الفئات المستحقة حالات مثل ولادة توائم، وفاة الأم، أو إصابة الأم بأمراض مزمنة تستدعي العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، كما تم تحديد الكميات المقررة لكل طفل، حيث سيتم منح كل طفل 64 عبوة لبن بوزن 400 جرام طوال العام.

لكن مع كل ذلك، ستُطلب من الأسر تقديم مستندات طبية معتمدة لإثبات الحالة المرضية بالإضافة إلى الوثائق الرسمية، ما يجعل الوصول إلى هذه الألبان المدعمة أمرًا صعبًا للكثير من الأسر.

 

انتقادات واسعة من البرلمان والمواطنين

لاقت هذه الخطوة معارضة واسعة من النواب والمختصين؛ حيث عبرت النائبة إيرين سعيد عن استيائها من القرار، مشيرة إلى أنه أغفل العديد من الحالات المرضية الأخرى التي تمنع الأمهات من الرضاعة الطبيعية، كما أكدت أن 20% من الأطفال في مصر يحتاجون إلى اللبن المدعم بسبب مشاكل صحية لدى الطفل أو الأم، وناشدت حكومة السيسي بمراجعة هذا القرار الذي سيحرم العديد من الأسر من هذا الدعم الحيوي، مما سيجبرهم على شراء اللبن الحر بأسعار باهظة.

 

التكاليف الاقتصادية: أولويات الحكومة في ظل الأزمات

من جانب آخر، قدّر رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، علي عوف، أن الدولة تدعم لبن الأطفال بمبلغ يصل إلى 3.6 مليار جنيه سنويًا، وبالنظر إلى حجم الدعم الذي تقدمه الحكومة في سياق الأزمات المالية، يبدو أن تقليص هذا الدعم لا يعدو كونه خطوة رمزية مقارنة بالأعباء المالية الأكبر التي تواجهها الحكومة، مثل مدفوعات الدين الخارجي التي وصلت إلى 42.3 مليار دولار هذا العام.

وفي ظل هذا الوضع، يرى العديد من الخبراء أن الحكومة تستمر في تنفيذ سياسات التقشف التي تضر بأوضاع المواطنين اليومية، خاصة في وقت يعاني فيه قطاع كبير من المصريين من ارتفاع تكاليف المعيشة.

 

كيف ستؤثر هذه القرارات على صحة الأطفال؟

أصبحت زيادة معدلات الفقر والجوع في مصر واقعًا مريرًا، وبالنسبة للكثير من الأسر، فإن قدرة الأب على توفير احتياجات الأسرة أصبحت شبه مستحيلة. وبينما تحاول الحكومة تبرير قرار تقليص دعم اللبن بحجة تعزيز الرضاعة الطبيعية، يظل الواقع مغايرًا حيث إن القدرة الشرائية للمواطن المصري قد تدهورت بشكل كبير، ووفقًا لبعض التقارير، فإن أكثر من 38% من النساء في مصر يعانين من الأنيميا، ما يزيد من المخاطر الصحية التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال عند الرضاعة الطبيعية.

 

هل يتحمل المواطن المصري هذا العبء؟

وفي ظل راتب متوسط قدره 6 آلاف جنيه شهريًا، أصبح من الصعب على الأسر المصرية تحمل تكلفة اللبن الصناعي الذي يتراوح سعره في السوق ما بين 1000 و2500 جنيه شهريًا، حسب عمر الطفل، مما يعني أن الأسرة ستحتاج إلى تخصيص جزء كبير من دخلها لتلبية هذه الحاجة الأساسية، مما يهدد بتفاقم الأزمات الصحية والاجتماعية.