في يوليو 2020 وجَّه أهالي منطقة الحضرة استغاثة من ارتفاع مستوى التلوث الناتج عن انبعاثات مصنع الإسكندرية للحراريات؛ وقال أهالي الحضرة إن مستوى التلوث الناتج عن انبعاثات المصنع في ارتفاع وأنه ما زال موجودا في منطقة سكنية دون مراعاة لصحة المواطنين.

مسؤول بالمصنع كشف في تصريحات أن التعرض للأتربة الناعمة واستنشاقها أحد أكبر المخاطر التي تواجه العاملين بالمصنع، وتؤدي إلى إصابة عدد كبير منهم بمرض التحجر الرئوي، ثمّ يُحالون إلى المعاش بسبب مرضهم؛ مؤكداً أن الإصابة بهذا المرض تطال جميع العاملين، حتى أصحاب الأعمال المكتبية.

وتلوث الهواء أزمة خطيرة تستدعي اهتمامًا عالميًا، مع وصول جودة الهواء إلى هذه المستويات المتدنية يعكس إهمالًا طويل الأمد في التعامل مع التلوث البيئي.

وبرأي مراقبين لا يمكن تجاهل الآثار الصحية الكارثية على ملايين السكان، خصوصًا الأطفال وكبار السن.
الحل يتطلب إجراءات عاجلة تشمل تقليل الانبعاثات الصناعية، تعزيز وسائل النقل العام، وزيادة المساحات الخضراء.
التعامل مع هذه الأزمة مسؤولية مشتركة للحكومات والمجتمعات.
 

مستويات هائلة من التلوث
تقرير وزارة البيئة المصرية لعام 2022؛ كشف عن خطورة بيئية تهدد صحة السكان في المناطق المحيطة بالمصنع، الذي يتوسط كتلة سكانية كبيرة.

التقرير أوضح نسبة تلوث الهواء المرصودة من خلال الشبكة القومية لرصد ملوثات الهواء المحيط؛ تبين أن أكثر من محطة رصد في عدد من المحافظات، سجّلت مستويات مرتفعة من التلوث، تجاوزت الحدود المسموحة؛ من بينها محطتا رصد في محافظة الإسكندرية، إحداهما في مدينة برج العرب، والأخرى في منطقة بشائر الخير، وهي الأقرب لمصنع الإسكندرية للحراريات، حيث تبعد عنه بنحو سبعة كيلومترات فقط.

وتبين أن تركيزات الجسيمات الصلبة، ذات القطر الأقل من 10 ميكرومترات (PM10)، قد تجاوزت الحدود القانونية المسموح بها في المناطق المحيطة بمحطة الرصد.

أما عن نسبة الجسيمات الصلبة ذات القطر الأقل من 2.5 ميكرومتر، فقد اقتربت من الحد الأعلى المسموح به قانوناً في هذه المحطة (50 ميكروجراماً/متر مكعب)، فبلغت 41 ميكروجراماً/متر مكعب، كما رصدتها محطة بشائر الخير.

وأمراض صدرية كثيرة يعانيها أغلب سكان المنطقة المحيطة بالمصنع، ويعالج الكثير منهم بل عائلات كاملة من حساسية الصدر لكثرة تعرضهم للأتربة.

بعضهم يضطر بحسب تقارير إلى ارتداء كمامة طبية أثناء تنظيف المنزل، لتجنب المضاعفات من أتربة المصنع التي تتسلل رغم إغلاق النوافذ.

وتحدث الأهالي عن أزمة صدرية أودت بحياة طفلة قبل بضع سنوات؛ وأن الحادثة دفعت الأهالي لتقديم شكاوى عديدة لنقل المصنع، ولكن من دون جدوى.

المجلس القومي للسكان، قال إن حي وسط، هو الأعلى نسبة بين أحياء المحافظة بالكامل، في وفيات الأطفال دون الخامسة، وأتى ثانياً في معدلات وفيات الرضع، بعد حي الجمرك. كما سجّل حي وسط أعلى معدلات وفيات بشكل عام، على مستوى المحافظة.

تقع منطقتا الحضرة والإبراهيمية (المناطق الأكثر تضرراً من المصنع والأقرب له) في نطاق قسم باب شرق، التابع لحي وسط؛ ويبلغ عدد سكان باب شرق وحده نصف تعداد الحي بالكامل تقريباً

ومصنع الإسكندرية لإنتاج الحراريات، هو أحد مصانع شركة الإسكندرية للحراريات، التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية بمحافظة الإسكندرية.

أُنشئت شركة الإسكندرية عام 1938، ويقع مقرها الرئيسي في "النزهة، البر القبلي، الإسكندرية"، تعود ملكيتها للشركة القابضة بنسبة 99.80 %.

تقرير الفريق البحثى البيئ صدَّق على أن نسبة الغبار الكلى المعلق أقل من النسبة المسموح بها، ولكنه اقترب من حدود المسموح فى منطقة الممونات المخصوصة بجوار ماكينة التعبئة التى تراوح التركيز بها من 9.8 إلى 10 مجم لكل متر مكعب، كما أن الأتربة المستنشقة أقل من الحد المسموح بكنترول الباتشنج، ولكنه اقترب من الحد بجوار الكسارة الخضراء بسطح الباتشنج وكذلك بالنسبة للغبار المنبعث من المداخن الذى جاء أقل من المعدل وبلغ 30% من الحد الأقصى !!

وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن قسم باب شرق وحده، الأعلى معدلاً في الوفيات بحي وسط، وأتى ثانياً بعد قسم سيدي جابر، في معدل الوفيات على مستوى أقسام المحافظة بالكامل.

ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كانت أمراض الجهاز التنفسي ثاني أكثر أسباب الوفاة بمحافظة الإسكندرية، التي جاءت ثانية بعد القاهرة وقبل الجيزة، كأعلى معدل للوفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي على مستوى الجمهورية.

وعلى مدار السنوات الماضية، أخفقت محاولات جهاز شؤون البيئة بمحافظة الإسكندرية في إيجاد حل لهذه الأزمة، وفق أحد مسؤولي الجهاز، الذي أشار إلى قيام الجهاز بعدة جولات تفتيشية على المصنع، واتخاذ إجراءات قانونية ضده بسبب وجود مخالفات بيئية عديدة؛ لكن من دون جدوى.

وهيئة التنمية الصناعية هي الجهة الوحيدة التي لديها صلاحية قانونية لاتخاذ إجراءات ضد المنشآت الصناعية، سواء بالإغلاق أو بغير ذلك من القرارات، وفقاً لقانون التنمية الصناعية الصادر عام 2018.