في واقعة تُبرز استمرار الانتهاكات الحقوقية في مصر، وثَّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان استمرار جهاز الأمن الوطني في إخفاء الشاب عبد الله محمد صادق، الطالب بالفرقة الثانية بكلية التجارة بجامعة بني سويف، الذي يبلغ الآن 27 عامًا.
بعد مرور سبع سنوات على اعتقاله من أمام جامعته في 21 نوفمبر 2017، ولا تزال أسرته تبحث عن أي معلومات تتعلق بمصيره، بينما تُنكر السلطات أي علم بوجوده.
القصة من البداية
الاعتقال الأول (مايو 2015): سنوات من القمع والمعاناة
بدأت معاناة عبد الله مع جهاز الأمن الوطني المصري عندما اعتُقل للمرة الأولى في مايو 2015. على مدار عامين، تنقَّل عبد الله بين أقسام الشرطة بمحافظتي بني سويف والمنيا، وسُجن في سجون شديدة الحراسة، منها سجن المنيا، بني مزار، ومغاغة، بالإضافة إلى احتجازه في زنازين أمن الدولة.
أثناء فترة احتجازه الأولى، حُرم عبد الله من حقوقه الأساسية، بما في ذلك استكمال دراسته الجامعية.
كانت القيود المفروضة عليه صارمة إلى درجة منعته من أداء امتحاناته. وفي مارس 2017، أُفرج عنه بعد عامين من الاعتقال، إلا أن حريته لم تستمر طويلًا.
الاختفاء القسري (نوفمبر 2017): بداية المعاناة الطويلة
في 21 نوفمبر 2017، اعتُقل عبد الله مرة أخرى من أمام مبنى كلية التجارة بجامعة بني سويف.
وفقًا لشهادات شهود عيان، اقتادته قوة أمنية إلى جهة مجهولة، وانقطعت أخباره تمامًا منذ ذلك الوقت.
التداعيات القانونية والانتهاكات المستمرة
رغم إنكار سلطات السيسي علمها بمكان عبد الله، إلا أنه يواجه أحكامًا غيابية قاسية.
أُدين في القضية رقم 123 عسكرية وحُكم عليه بالسجن المؤبد، ثم صدر حكم غيابي آخر من المحكمة العسكرية بأسيوط بنفس العقوبة.
لم يُمنح عبد الله أي فرصة للدفاع عن نفسه أو المثول أمام قاضٍ خلال هذه المحاكمات.
أسرته في مواجهة الصمت الرسمي
على مدار سبع سنوات، لم تتوقف أسرة عبد الله عن البحث عن الحقيقة.
قدَّمت الأسرة عشرات البلاغات إلى الجهات الرسمية، بما في ذلك وزارة الداخلية والنائب العام، إلا أن الردود كانت دائمًا مبهمة، وغالبًا ما تضمنت إنكارًا لوجوده لدى السلطات.
أحد أفراد الأسرة أعرب عن قلقه البالغ على حياة عبد الله، قائلًا: "كل يوم يمر دون معرفة مصير عبد الله هو يوم إضافي من العذاب. نحن لا نطلب إلا العدالة والإنصاف. أين هو؟ وما الذي حدث له؟"
موقف الشبكة المصرية لحقوق الإنسان
في تقريرها، حملت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وزارة الداخلية والنائب العام المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة عبد الله محمد صادق.
وطالبت سلطات السيسي بالكشف الفوري عن مكان احتجازه وإتاحة الفرصة لأسرته لزيارته، واحترام الدستور والقوانين المحلية والدولية التي تجرم الإخفاء القسري، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة التي تُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، فيما طالبت بتدخل المجلس القومي لحقوق الإنسان وغيره من المنظمات المستقلة لوقف معاناة عبد الله وأسرته.
فيما دعت الشبكة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية العالمية إلى ممارسة مزيد من الضغوط على سلطات السيسي للكشف عن مصير آلاف المختفين قسريًا في مصر.
وأكدت أن استمرار هذه الممارسات يضع البلاد في مواجهة انتقادات حادة تتعلق بسجلها الحقوقي.