قبل أنباء قتل ياسر أبو شباب وشقيقه فتحي الغير مؤكدة إلى الآن والمنسوب قتله إلى وحدة سهم التي كونتها الشرطة الفلسطينية في غزة؛ أكدت مذكرة داخلية للأمم المتحدة أن ياسر أبو شباب - وهو عضو في قبيلة الترابين التي تمتد في جنوب غزة وصحراء النقب في الأراضي المحتلة وشبه جزيرة سيناء في مصر - باعتباره "الطرف الرئيسي والأكثر نفوذاً وراء النهب المنهجي والواسع النطاق" لقوافل المساعدات، بحسب ما حصلت عليه صحيفة واشنطن بوست الامريكية.
وهي المعلومة التي يؤكد عليها أيضا كثير من أهالي غزة أن ياسر أبو شباب وعصابته يقومون بإغلاق طريق صلاح الدين أمام محطة بهلول شرق رفح ويمنعون الشاحنات من المرور بالدخول أو الخروج من وإلى معبر كرم أبو سالم فضلا عن تعاونهم مع الاحتلال في الحصول على المساعدات لصالحهم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين صهاينة، ممن اتهموا حماس في كثير من الأحيان باختطاف المساعدات والتسليمات التجارية لإثراء نفسها، الأسبوع الماضي بأن عائلات الجريمة كانت وراء بعض عمليات النهب، بحسب واشنطن بوست.
وأكدت "واشنطن بوست" أن "ياسر أبو شباب" هو الطرف الرئيسي في النهب المنظم للمساعدات في غزة، وعصابات المساعدات تستفيد من تساهل إن لم يكن حماية من جيش الاحتلال الصهيوني، بحسب الصحيفة.
وزعم مسؤول بالاحتلال في تصريحات صحفية لواشنطن بوست نشرت في 11 نوفمبر، متحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له بالحديث علنًا: "بعض اللصوص لديهم صلات بحماس، والبعض الآخر ليس كذلك".
وقال ناهد شقيق رجل الأعمال في غزة أدهم شحيبر، رئيس جمعية النقل الخاصة في غزة، إن الرجل الذي تعتقد منظمات الإغاثة أنه زعيم العصابة الأكثر نشاطًا قضى وقتًا في سجن حماس بتهم جنائية قبل الحرب.
وأضاف "ناهد" شحيبر إن أبو شباب الذي يعمل من الجزء الشرقي من رفح يقود مجموعة تتألف من نحو "100 بلطجي" يهاجمون الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات إلى غزة، ووصف كيف تقيم العصابة سواتر ترابية لقطع الطريق على القوافل على طول الطريق الذي يسيطر عليه الاحتلال الصهيوني من معبر كرم أبو سالم، حيث ينتظرون ببنادق الكلاشينكوف وغيرها من الأسلحة.
وقال أن هناك حادثة وقعت في أوائل أكتوبر، هوجمت نحو 80 شاحنة مساعدات من أصل مائة شاحنة يملكها شحيبر وسرق رجال أبو شباب البضائع الموجودة بداخلها.
وأضاف أن العصابة قتلت أربعة من سائقيه منذ مايو، وكان آخرهم في هجوم وقع في الخامس عشر من أكتوبر.
وقال شحيبر إن سائقاً آخر تعرض للهجوم في الشهر الماضي لا يزال يرقد في المستشفى بعد إصابته بكسر في الذراعين والساقين.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، رئيس مكتب غزة التابع لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: "إن السمة المميزة الآن، على النقيض من الشهرين الماضيين، هي العنف الشديد. إن سائقي الشاحنات الذين نستأجرهم يتعرضون للضرب والتشويه والقتل".
اتصال بأبو شباب
واتصلت واشنطن بوست بأبو شباب، زعيم العصابة المزعوم، هاتفياً هذا الشهر، ونفى أن يكون رجاله يحملون أسلحة أو يهاجمون السائقين وأصر على أنهم لا يمسون "الطعام أو الخيام أو الإمدادات الخاصة بالأطفال" رغم اعترافه بأنه وأقاربه "يأخذون من الشاحنات".
وقال إن عمليته ولدت من اليأس: "لم تترك لنا حماس أي شيء، ويأتي رجالها المسلحون بين الحين والآخر ويطلقون النار علينا"، وأضاف: "دع أولئك الذين يتهموننا بالعمل مع الاحتلال يقولون ما يريدون". وأضاف: "إسرائيل لا تحتاج إلينا".
وقال ناهد شحيبر إن قوات الأمن التابعة لحماس في المناطق المكتظة بالسكان في غزة حيث لا تزال تعمل، وإن كان وجودها قد انخفض إلى حد كبير، تعاقب التجار الذين يشترون البضائع من أبو شباب لبيعها بأسعار مبالغ فيها.
وأضاف: "الأمور تحت السيطرة" في المناطق التي تسيطر عليها حماس وأضاف: "التحدي الوحيد الذي يواجهنا هو المنطقة التي يقع فيها أبو شباب" - وهي جزء من غزة "تحت الحماية الصهيونية".
ولم يرد الاحتلال الصهيوني على أسئلة من صحيفة واشنطن بوست بشأن أبو شباب وأنشطته الإجرامية المزعومة.
ووافقت حكومة الاحتلال منذ أشهر، على مسار واحد فقط لكل المساعدات التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم: وهو طريق وعر يمتد من نقطة تحميل البضائع عبر رقعة قاحلة في جنوب شرق غزة.
وقال أحد العاملين في المجال الإنساني الذي يسافر بانتظام عبر هذا الطريق إن اللصوص عادة ما يتمركزون على بعد أكثر من ميل ونصف من المعبر.
وقال آخرون أنهم رأوا رجالاً وفتياناً أقرب إلى نقطة الدخول، بعضهم مسلحون بالعصي والقضبان والبنادق.
وعلق يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، أنه أثناء سفره في قافلة إنسانية خلال زيارة إلى غزة هذا الشهر، "رأى مجموعة من الرجال يحملون العصي على بعد أقل من نصف ميل من نقطة التقاط المساعدات".
وقال إن الفرش المخصصة للنازحين كانت مبعثرة على طول الطريق، وقد قطعها اللصوص بحثاً عن السجائر؛ وأضاف أن شاحنات عدة تعرضت للهجوم في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وقال أدهم شحيبر وقاهر حميد، صاحبا شركة نقل أخرى في غزة، إن شاحنتيهما تعرضتا للنهب على بعد أكثر من 500 ياردة من المواقع العسكرية للاحتلال، وقال حميد إن جيش الاحتلال الصهيوني "يرى هؤلاء ويراقب بصمت كل ما يحدث".
وأكد "إيجلاند"، الذي تقدم منظمته الإغاثة الإنسانية والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في غزة، "من غير الممكن القيام بأي شيء" في الجيب دون علم الاحتلال.
وبينما تقوم العصابات بعملها علانية، فإن المرافقين المحليين الذين توظفهم شركات الخدمات اللوجستية "تعرضوا لإطلاق نار متكرر" من قبل قوات الاحتلال في أوائل أكتوبر، وفقًا لمذكرة الأمم المتحدة، التي تصف حادثة واحدة تتعلق بطائرة بدون طيار رباعية المراوح.
وقال عمال الإغاثة إن من يشتبه بأنهم يحملون أسلحة في أجزاء أخرى من غزة يتم القضاء عليهم على الفور بشكل عام من قبل جيش الاحتلال الصهيوني.
وينشر جيش الدفاع الصهيوني بشكل متكرر لقطات مراقبة بطائرات بدون طيار لمثل هذه الضربات المستهدفة، ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إنهم واجهوا نظراءهم الصهاينة بشأن الافتقار إلى الأمن حول كرم أبو سالم.
وقال بيتروبولوس "في مرحلة ما، أخبرنا "المسؤولين الصهاينة"، ماذا يعني ذلك أن نفكر إذا كان المكان الوحيد في غزة حيث يمكن لفلسطيني مسلح أن يقترب على مسافة 150 مترًا من دبابة ولا يُطلق عليه الرصاص هو هناك؟"
وطالبت المنظمات الإنسانية سلطات الاحتلال مراراً وتكراراً بالموافقة على معابر وطرق أخرى تسمح لها بتجاوز العصابات.
كما روى العاملون في مجال الإغاثة، كيف تم تجاهل هذه المناشدات على مدى أشهر، : "الطريق الوحيد الذي يقدمونه لنا هو من خلال اللصوص مباشرة".
وعندما حاول برنامج الغذاء العالمي تطهير طريق آخر للاستخدام الإنساني في الأشهر الأخيرة، تعرض فريقه لإطلاق النار في عدة مناسبات، وفقاً لعلياء زكي، المتحدثة باسم الوكالة.
ووافقت سلطات الاحتلال على الطريق الجديد في الشهر الماضي أخيراً، وبدأت بعض شاحنات المساعدات في استخدامه، لكن الناهبين تكيفوا بالفعل، واستهدفوا القوافل هناك أيضاً، كما قالت زكي.
وقالت جانتي سويربتو، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "أنقذوا الأطفال"، إن الطريقة الوحيدة لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة حقاً هي إغراق القطاع بالمساعدات والإمدادات التجارية ــ وتقويض الأسعار الباهظة التي تغذي عمليات النهب.
وأضافت: "الكثير من الفوضى تختفي عندما تحصل بالفعل على وصول إنساني"، وتقول جماعات الإغاثة إن حياة أعداد لا تحصى من الفلسطينيين قد تعتمد على ذلك.
https://www.washingtonpost.com/world/2024/11/18/gaza-looting-aid-convoys-israel-famine/