بعد نحو عشرين عاما، أمرت هيئة محلفين فيدرالية الثلاثاء 12 نوفمبر الجاري، متعاقدا مع وزارة الدفاع الأمريكية بدفع مبلغ 42 مليون دولار لثلاثة عراقيين تعرضوا للتعذيب في سجن أبو غريب، بحسب ما أفاد فريق الدفاع عنهم.
وخلصت الهيئة الى أن المتعاقد CACI Premier Technology ضالع في تعذيب الرجال الثلاثة في السجن عامي 2003 و2004، وفق ما أفاد مركز الحقوق الدستورية.
وجاء قرار هيئة المحلفين المكونة من ثمانية أعضاء بعد أن فشلت هيئة محلفين أخرى في وقت سابق من هذا العام في الاتفاق على ما إذا كان ينبغي تحميل شركة “سي إيه سي آي”، ومقرها رستون في ولاية فرجينيا، المسؤولية عن عمل محققيها المدنيين الذين عملوا جنباً إلى جنب مع الجيش الأمريكي في أبو غريب في عامي 2003 و2004.
ومنحت هيئة المحلفين المدعين سهيل الشمري وصلاح العجيلي وأسعد الزوبعي ثلاثة ملايين دولار لكل منهم كتعويضات و11 مليون دولار لكل منهم كتعويضات عقابية.
وشهد الثلاثة بأنهم تعرضوا “للضرب والاعتداء الجنسي والإجبار على التعري” وغير ذلك من أشكال المعاملة القاسية في السجن.
ولم يزعموا أن محققي “سي أيه سي آي” مارسوا الانتهاكات بأنفسهم بشكل صريح، لكنهم زعموا أن “سي أيه سي آي” متواطئة لأن محققيها تآمروا مع الشرطة العسكرية "لتليين" المعتقلين للاستجواب من خلال المعاملة القاسية.
ولم يعلق محامي شركة “سي إيه سي آي”، جون أوكونور، بعد الحكم الصادر يوم الثلاثاء على ما إذا كانت الشركة ستستأنف الحكم أم لا.
فيما قال باهر عزمي، محامي مركز الحقوق الدستورية الذي رفع الدعوى نيابة عن المدعين، خلال تصريحات صحفية ، نقلتها وكالة جسور بست، إن الحكم "إجراء مهم للعدالة والمساءلة" وأشاد بالمدعين الثلاثة على مرونتهم "خاصة في مواجهة كل العقبات التي ألقتها عليهم المحكمة الدستورية".
وقال عزمي إن المبلغ البالغ 42 مليون دولار يطابق بالكامل المبلغ الذي يطلبه المدعون.
وقال الصحفي العجيلي في بيان مكتوب: "اليوم هو يوم عظيم بالنسبة لي وللعدالة. لقد انتظرت هذا اليوم طويلاً؛ هذا النصر ليس فقط للمدعين الثلاثة في هذه القضية ضد شركة؛ هذا النصر هو نور ساطع لكل من تعرض للقمع وتحذير قوي لأي شركة أو مقاول يمارس أشكالاً مختلفة من التعذيب والإساءة".
وكان مركز الحقوق الدستورية أصدر بيان قال فيه إن: "سهيل الشمري، مدير مدرسة عراقية، وأسعد الزوبعي، مزارع، وصلاح العجيلي، صحفي، حصلوا على تعويض بلغ 14 مليون دولار لكل
ووفق حقوقيين، يمثل التعويض المالي الذي حصل عليه العراقيين الـ 3 يمثل بارقة أمل لكل تعرض لتعذيب في اماكن العالم المختلفة، وخاصة من قِبل الحكومة الأمريكية والشركات المتعاقدة مع جيـشها.
كما أن الحكم بمثابة تحذير قوي لأي شركة تتعاقد مع الجيـوش لتعـذيب المواطنين، خصوصًا أن الشركات الأمنية الخاصة، ليس لديها مشكلة أن تُقدم على أفعال غير قانونية مقابل تأمين عقود وتحصيل أرباح، إلا أن الحكم سيمثل درسا قاسيا للشركات الامنية، انها قد تخسر اضعاف تلك الارباح اضعافا مضاعفة لاحقا عبر احكام قضائية ملزمة..
ويشل الحكم ايضا يد الجيوش ، في استعمال المحلفين المدنيين والشركات الأمنية الخاصة، في استعمال الوسائل غير القانونية ضد المعتقلين والسجناء.
شيء من العدالة
وعلقت منظمة هيومن رايتس ووتش على الحكم الصادر بتعويض العراقيين بأنه السبب الوحيد الذي سمح باتمام المحاكمة أنها استهدفت شركة خاصة، لكن المحاكم الأمريكية رفضت قبل ذلك قضايا ضد الحكومة الفيدرالية بسبب قانون من العام 1946 الذي يمنح الحصانة للقوات الأمريكية في الدعاوى الناشئة أثناء الحـرب.
المنظمة الحقوقية انتقدت الحكومة الأمريكية لعدم قيامها بأي برنامج تعويض رسمي لمن تعرض للتعذيب على يد موظفيها، لكنها بطبيعة الحال رحبت بحكم التعويض وقالت إن الإجراء "خطوة حاسمة لتحقيق العدالة لـ 3 رجال"، وفي الوقت نفسه أشارت لوجود مئات من الناجين الآخرين الذين تطاردهم ذكريات الماضي حيث تعرضوا لانتهاكات شديدة القسوة، ومع ذلك لا زالت فرصهم ضئيلة في تحقيق العدالة.
من للمصريين؟
وفي زاوية ثانية للحكم، تبرز معاناة مئات الآلاف من المصريين، الذين يتعرضون ليل نهار للتعذيب والقهر بسجون نظام السيسي ومقار الاحتجاز والسجون السرية، دون رادع أو تعويض، بل منهم من مات تحت التعذيب وحملت المحاكم أسرهم تكاليف ومضروفات لتلفيات في منشآت عامة، لا علاقة للضحايا بها من الأساس..!!!
وباتت كثير من أقسام الشرطة سلخانات مشهورة باستخدام التعذيب ، مثل قسم المطرية، وقسم العرب ببرسعيد،....وغيرهم..
كما أن الأمن يستخدمم التعذيب بشكل منهجي،وسط إنكار كامل من حكومة السيسي عن وجود تعـذيب في المقرات الأمنية.
وغالبا ما يتم تمرير التعـذيب تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
وكثيرا ما يكون ضحايا التعذيب في السجون المصرية من الصحفيين والمحامين والكتاب والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان وتعذيبهم، كما يجري مع الصحفي ياسر أبو العلا ومع المترجم ورسام الكاريكاتير أشرف عمر.
وفوق كل ذذلك ، يأتي قانون الإجراءات الجنائية الجديد ليشرعن التعـذيب في مقرات الأمن الوطني!
ومع استمرار الحكم العسكري، يبدو أن المصريين لن ينظر إليهم أحد، طالما بقوا بلا حراك من أجل الحرية والديمقراطية كمسارات آمنة للوصول للحقوق والحريات الضرورية للإنسان المصري.