تواصل بورصة مصر تراجعها للأسبوع الثاني على التوالي، مسجلة أدنى مستوى لها في أكثر من شهر ونصف، مما يعكس الحالة القلقة للاقتصاد المصري. فقد بلغت خسائر السوق 34.3 مليار جنيه (705 ملايين دولار) خلال الأسبوع الجاري، وذلك في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد الوطني تحديات كبيرة.
استقرار أسعار الفائدة في ظل التضخم
أعلنت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري، يوم الخميس الماضي، قرارها بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي. هذا القرار جاء بعد زيادة التضخم في الشهرين الماضيين، حيث استقرت عوائد الإيداع والإقراض عند 27.25% و28.25% على التوالي.
هذا الثبات في أسعار الفائدة يثير القلق بين المستثمرين، خاصة في ظل عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم. إن استمرار هذه السياسات النقدية يعدّ بمثابة تلميح لفشل النظام في معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد.
تراجع مؤشرات البورصة
خلال الأسبوع الجاري، تراجع مؤشر البورصة الرئيسي "إيجي إكس 30" بنسبة 2% ليصل إلى مستوى 31143 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس الماضي. بينما ارتفع مؤشر "إيجي إكس 70" بنسبة 2.6% و"إيجي إكس 100" بنحو 1.3%، لكن هذا الارتفاع لا يمكن أن يخفي المخاوف المتزايدة حول الأداء العام للسوق.
رأس المال السوقي تراجع أيضًا بنسبة 1.7% ليصل إلى 2.15 تريليون جنيه، مع تسجيل قيمة التداول في بورصة مصر نحو 320.6 مليار جنيه بحجم تداول بلغ 3.3 مليار سهم. تشير هذه الأرقام إلى عدم وجود ثقة لدى المستثمرين في السوق المصرية، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي.
تأثير المستثمرين الأجانب
تأثرت مؤشرات البورصة بشكل كبير بمبيعات المستثمرين الأجانب، الذين سجلوا صافي بيع بقيمة 147.6 مليون جنيه. في المقابل، اتجه المستثمرون العرب نحو الشراء بصافي 58.1 مليون جنيه، مما يعكس تباين وجهات النظر حول السوق المصري.
أداء الأسهم الكبرى
أما بالنسبة لأسهم الشركات الكبرى، فقد شهد سهم "التجاري الدولي" - الذي يمتلك أكبر وزن نسبي في البورصة - تراجعًا بنسبة 2.5%. كما انخفضت أسهم "إي إف جي القابضة" و"السادس من أكتوبر" بنسبة 9.4% و8.3% على التوالي، مما يدل على حالة من عدم الاستقرار في السوق.
ومع ذلك، كان هناك أداء استثنائي لسهم "دومتي" الذي شهد ارتفاعًا بنسبة 39.4% بعد تقديم عرض استحواذ من شركة "أرلا فودز" الدنماركية. هذا النوع من الأحداث يظهر أن هناك فرصًا قد تطرأ، ولكنها تبقى معزولة عن الاتجاه العام للسوق.
التحديات المستقبلية
في الوقت الذي يتعرض فيه الاقتصاد المصري لضغوط متزايدة، يبقى السؤال: ماذا سيحدث في المستقبل؟ إن الاستمرار في السياسات النقدية الحالية وعدم اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة التضخم والعجز الاقتصادي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع.
إن معالجة هذه التحديات تتطلب رؤية شاملة وخططًا طموحة من قبل النظام الحاكم، لكن حتى الآن، يبدو أن الحكومة تعاني من غياب استراتيجية واضحة لتعزيز الثقة في السوق وجذب الاستثمارات.
ختاما؛ يتضح من خلال تراجع بورصة مصر وخسائرها المستمرة، أن هناك أزمة ثقة عميقة في الاقتصاد الوطني. إن عدم الاستقرار الحالي يجب أن يكون دافعًا لتغيير السياسات الاقتصادية، والبحث عن حلول مبتكرة تستجيب لمتطلبات السوق وتعيد الثقة للمستثمرين. فالاقتصاد المصري في حاجة ماسة إلى إصلاحات حقيقية، وإذا استمر الوضع على هذا المنوال، فإن العواقب ستكون وخيمة على جميع الأصعدة.