في مشهدٍ يعكس تدهور حقوق الإنسان في مصر، حددت محكمة استئناف القاهرة، اليوم الاربعاء، جلسة عاجلة لنظر أولى جلسات محاكمة عبد الرحمن عبد الحميد البر، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ومفتي الجماعة، وعضو مكتب الإرشاد محمود سيد غزلان، بالإضافة إلى 39 آخرين، في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "لجان العمليات النوعية بالنزهة".

هذا الحكم يأتي بعد أكثر من ست سنوات من الاعتقال الاحتياطي، في انتهاك صارخ للقوانين المصرية التي تحدد مدة الحبس الاحتياطي بعامين فقط.

تثير هذه القضية العديد من التساؤلات حول قانونية الحبس الاحتياطي الذي يُستخدم كوسيلة لقمع المعارضين وإسكات الأصوات المنتقدة. حيث أُعيد اعتقال هؤلاء الأفراد بشكل تعسفي، وعانوا من الحبس دون محاكمة أو ادلة واضحة، مما يعكس حجم الانتهاكات الممارسة من قبل النظام المصري ضد حقوق الإنسان.

نظام قمعي يواصل انتهاكاته
تشير هيئة الدفاع عن المعتقلين إلى أن العديد من المتهمين في القضية يقبعون خلف القضبان منذ أكثر من ست سنوات دون أن يُمكنوا من الاطلاع على الاتهامات الموجهة إليهم أو الأدلة التي تدينهم. وقد تذرعت السلطات بأدلة مُفبركة، تستند إلى تحريات أمنية مريبة، تكشف عن معاملة هؤلاء المعتقلين بشكل يتنافى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

اتهامات النيابة العامة تشمل "توليهم وقيادتهم جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون" و"التحضير لتنفيذ عمليات إرهابية". إلا أن العديد من الحقوقيين والمراقبين يرون أن هذه الاتهامات لا تعدو كونها أداة تستخدمها الحكومة لتجريم المعارضين السياسيين، ولا تعكس حقيقة الوضع الأمني في البلاد.

غياب العدالة والشفافية
الأمر الذي يثير القلق أكثر هو غياب الشفافية في مجريات هذه المحاكمات. فالتقارير تشير إلى أن المعتقلين لم يُمكّنوا من الاطلاع على أدلة الاتهام، بل تم التعامل معهم كأرقام في سجلات الأمن بدلاً من كونهم أفرادًا لهم حقوقهم. هذا الشكل من المعاملة يعكس سياسة القمع المتبعة من قبل النظام، حيث يتم استهداف المعارضين دون مراعاة للحقوق الأساسية أو الإجراءات القانونية.

كما يتجلى ذلك في استمرار الحبس الاحتياطي لسنوات طويلة، حيث يتعرض هؤلاء الأفراد لانتهاكات جسيمة تشمل الإهمال الطبي والمعاملة السيئة داخل السجون. ويأتي ذلك في وقت يُعاني فيه العديد من المعتقلين من ظروف قاسية، مع عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة، مما يهدد حياتهم.

قمع الحريات العامة
يُعتبر هذا التطور جزءًا من موجة قمع أكبر تتعرض لها الحريات العامة في مصر. فخلال السنوات الماضية، تم استخدام القضاء كأداة لتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، حيث تم الزج بالعديد من الشخصيات السياسية والحقوقية في السجون بحجج واهية. هذا الأمر يساهم في تعزيز ثقافة الخوف والإرهاب بين المواطنين، حيث يتم إسكات أي صوت ينادي بالحرية أو العدالة.

ختاما؛ تتطلب هذه الانتهاكات الممنهجة من قبل النظام المصري وقفة جادة من المجتمع الدولي، إذ أن ما يحدث ليس مجرد قضية قانونية، بل هو انعكاس للسياسات القمعية التي تستهدف حرية الرأي والتعبير. إن استمرار حبس قيادات الإخوان المسلمين لأكثر من ست سنوات دون وجه حق يجب أن يُعد بمثابة جرس إنذار لكل المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث تتعرض البلاد إلى هجمة شرسة على الحقوق الأساسية.

يجب أن يتكاتف الجميع لمواجهة هذه السياسات القمعية والعمل نحو تغيير حقيقي يضمن الحقوق الأساسية لجميع المصريين، بعيدًا عن أي تمييز أو قمع سياسي.