أبدت منظمات حقوقية مصرية ودولية مخاوفها الشديدة على حياة مئات من السجناء المهدّدين بالإعدام في السعودية بتهم ذات صلة بالمخدرات، من بينهم 33 مصرياً في سجن تبوك السعودي، وذلك في ظلّ ارتفاع حاد في أرقام أحكام الإعدام المنفّذة منذ بداية عام 2024، وترافق ذلك مع معلومات مقلقة من داخل السجون.

وبحسب المعلومات المتوفّرة لدى المنظمات، تُسجَّل في سجن تبوك حالة من القلق والرعب بين المحكومين نهائياً بالإعدام، بتهم تتعلق بالمخدرات، معظمهم من الجنسية المصرية.

وأفادت المنظمات، في بيان أصدرته مساء الخميس، بأنّ "التوتر المتصاعد يأتي مع إعدام ثمانية في سجن تبوك بتهم مشابهة، فيما وصل عدد الذين أُعدموا بتهم مخدرات فقط في مختلف المناطق، منذ بداية عام 2024 حتى الخميس ماضي 12 سبتمبر إلى 42 شخصاً، من بينهم ثلاثة من الجنسية المصرية".

وأضافت المنظمات أنّه "فيما تنعدم الشفافية في تعامل الحكومة السعودية مع ملف الإعدامات، فإنّ تتبّع بعض القضايا أكّد انتهاكات مشتركة تعرّض لها العديد من المحكومين، من بينها انعدام أيّ دور للقنصلية أو السفارة المصريتَين، وعدم حصول المتّهمين على حقهم في الدفاع الكافي عن النفس، وعدم تعيين محامٍ لهم، وعدم التعامل بجدية مع مرافعاتهم أمام المحكمة، بالإضافة إلى تعرّضهم للتعذيب وسوء المعاملة".

وتفيد البيانات التي تنشرها وزارة الداخلية السعودية بأنّ الأفراد الذين نُفّذت في حقهم أحكام إعدام من الجنسيات السعودية والمصرية والسورية والأردنية والباكستانية والأفغانية والإثيوبية والسودانية واليمنية والنيجرية.

ورأت المنظمات أنّه "على الرغم من عدم وجود أرقام رسمية لعدد المحكومين بالإعدام في السعودية، فإنّ المعطيات تشير إلى وجود مئات المحكومين في قضايا مخدرات من جنسيات مختلفة في سجون البلاد (من بينها سجن تبوك حيث المصريون المهدّدون اليوم)".

وأشارت إلى أنّ "غياب الشفافية في التعامل الرسمي مع هذه القضايا وغياب العدالة وانعدام الثقة في النظام القضائي والتخوّف من الانتقام في حال التحدّث العلني عنها، (كلّ ذلك) يمنع المحكومين من التعبير عن معاناتهم".

وبيّنت المنظمات نفسها أنّ ما وصفته بـ"العودة الدموية إلى تنفيذ أحكام الإعدام بتهم مخدرات، أتى بعد تقلّب ومزاجية في التعامل الرسمي مع الملفّ، إذ أوقفت السعودية تنفيذ أحكام القتل بتهم المخدرات منذ يناير 2020 حتى نوفمبر 2022 من دون إعلان رسمي".

وتابعت المنظمات أنّه "في يناير 2021، صرّح رئيس هيئة حقوق الإنسان الرسمية بأنّ هذا التوقف جاء لإعطاء فرصة أخرى للمحكومين بتهم غير عنيفة.

وفي مارس 2022، قال ولي العهد محمد بن سلمان إنّ الإعدام أصبح مقتصراً على جريمة القتل. ومع ذلك، عادت السعودية في نوفمبر 2022 إلى تنفيذ الإعدامات من دون أيّ سبب مبرَّر، إذ أعدمت خلال شهر واحد 20 شخصاً بتهم تتعلّق بالمخدرات.

وعلى الرغم من وقف التنفيذ لمدّة تسعة أشهر من أغسطس 2023 حتى مايو 2024، فقد استأنفت السعودية تنفيذ أحكام الإعدام في هذا النوع من القضايا".

وأشارت المنظمات إلى أن الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، شهدت زيادة بنسبة 72% بعدد الإعدامات المنفَّذة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، إذ نفّذت السعودية 167 حكماً حتى نهاية أغسطس.

وتابعت المنظمات أنّ تسارع تنفيذ الأحكام في الأشهر الأخيرة، وحالة الرعب التي يعيشها المحكومون بتهم ذات صلة بالمخدرات، من بينهم عشرات المصريين، "لا تعكس فقط انعدام الثقة بالوعود الرسمية، بل هي انتهاك صارخ كذلك للقانون الدولي الذي يحظر الإعدامات على أساس تهم ليست من الأشدّ خطورة، وفي أضيق الحدود".

وأكملت المنظمات، في بيانها، أنّ على السعودية العودة فوراً إلى "وقف تنفيذ أحكام الإعدام بتهم المخدرات، الذي كانت قد وعدت به سابقاً، والعمل على تعديل القوانين بما يتوافق مع التزاماتها والقوانين الدولية".

وشدّدت المنظمات على أنّ "انعدام اليقين والتعذيب النفسي تتحمل مسؤوليتهما الحكومة السعودية إلى جانب حكومات الدول التي يجري إعدام حاملي جنسيتها، ومن بينها المصرية".

يُذكر أنّ من بين المنظمات الموقّعة على البيان المشترك المذكور: أكات - فرنسا، وأكات - غانا، والقسط لحقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، وجمعية عدل ورحمة اللبنانية، ومركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية، ومركز الأعمال للتنمية السعودية، والتحالف التونسي لإنهاء عقوبة الإعدام، وإيجيبت وايد لحقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وأنسامبل كونتر لا بين دو مور (معاً ضدّ عقوبة الإعدام)، والمنتدى المغربي للحقيقة والعدالة، وهارم ريدكشن الدولية.