تعرض الرئيس الأمريكي جو بايدن لانتقادات من أكثر من عشرة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ، بسبب قراره الإفراج عن 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، رغم ما وصفوه بـ"المخاوف الخطيرة" بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الحكومة المصرية.

تعد هذه المرة الأولى التي تقرر فيها إدارة بايدن الإفراج عن كامل هذا المبلغ خلال فترة ولايته، حيث تأتي هذه الخطوة في وقت تعتمد فيه الولايات المتحدة بشكل كبير على مصر كوسيط في الصراع بين إسرائيل وحماس بشأن الحرب في غزة. ورغم ذلك، يرى الديمقراطيون أن المبلغ المرتبط بالتقدم في مجال حقوق الإنسان ضئيل، لدرجة أنه لا يعرض العلاقات العسكرية بين البلدين للخطر، ولكنه مهم لتعزيز القيم الأمريكية.

من أصل 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر، يتم تخصيص 320 مليون دولار فقط وفقاً لشروط تتعلق بالتقدم في مجال حقوق الإنسان، وهو ما أثار انتقادات أعضاء مجلس الشيوخ. وأصبحت السيناتورة باتي موراي، رئيسة لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ، واحدة من أبرز الأصوات المنتقدة لقرار بايدن. وقالت في بيان لها: "عندما نستطيع الدفاع عن القيم التي تحدد الديمقراطية الأمريكية – كالحرية والعدالة – يجب علينا أن نفعل ذلك". وأكدت أنه يجب على أي إدارة احترام الشروط التي يفرضها الكونغرس على المساعدات الخارجية.

مطالب بالإفراج عن سجناء سياسيين
ردًا على قرار وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي أخطر الكونغرس يوم الأربعاء بإعفاء أمني لتسليم الـ 320 مليون دولار لمصر، طالبت موراي بالإفراج عن سجناء سياسيين، منهم حسام خلف وسيف فطين، اللذين تعيش أسرتاهما في ولاية واشنطن، والمقيم الدائم في الولايات المتحدة صلاح سلطان. ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن التهم الموجهة إلى هؤلاء السجناء ذات دوافع سياسية، مشيرين إلى أن احتجازهم غير مبرر.

من جهته، أوضح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن بلينكن استند إلى "مصلحة الأمن القومي" في قرار الإفراج عن المبلغ، مضيفًا أن هذا القرار يعزز السلام الإقليمي ويساهم في تحقيق أهداف الأمن القومي الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن إلى ديارهم.

انتقادات إضافية من أعضاء مجلس الشيوخ
إلى جانب موراي، وجه أعضاء آخرون في مجلس الشيوخ، مثل كريس كونز وكريس مورفي، انتقادات حادة للقرار. وأكد السيناتوران أن القانون الأمريكي واضح، ويتطلب تقدمًا "واضحًا ومتسقًا" من مصر في مجال حقوق الإنسان لإطلاق هذه المساعدات. إلا أنهما أعربا عن خيبة أملهما، مشيرين إلى أن مصر سجنت في العام الماضي ضعف عدد السجناء السياسيين الذين أفرجت عنهم، وهو ما يعتبرونه "خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء".

وأعرب مورفي عن خيبة أمله من القرار، مطالبًا بحجب كامل مبلغ الـ 320 مليون دولار المخصص لمصر. وفي رسالته إلى بلينكن، شدد مورفي على أن الشراكة بين الولايات المتحدة ومصر، رغم أهميتها في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة ومكافحة الإرهاب، يجب أن تتماشى مع التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان.

السياق الأوسع للعلاقات الأمريكية-المصرية
تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على مصر كشريك في قضايا إقليمية حساسة مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ومكافحة الإرهاب. مصر، باعتبارها دولة محورية في الشرق الأوسط، تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وخاصة في ظل النزاعات المتكررة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.

على الرغم من هذا، تتعرض العلاقات الأمريكية-المصرية لضغوط مستمرة بسبب سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، والذي يتضمن انتهاكات واسعة النطاق، مثل قمع المعارضة السياسية واعتقال النشطاء والصحفيين. وكما أشار أعضاء مجلس الشيوخ، فإن الحكومة المصرية لم تقم حتى الآن بخطوات كافية لتحسين هذه الأوضاع، مما يضع إدارة بايدن في موقف صعب بين الالتزامات الأمنية والمبادئ الديمقراطية.

المستقبل القريب للعلاقات العسكرية والمساعدات الأمريكية لمصر
على الرغم من الانتقادات، من المرجح أن تستمر المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، نظرًا لأهمية الدور الذي تلعبه القاهرة في السياسة الإقليمية. ومع ذلك، سيظل ملف حقوق الإنسان في مصر قضية حساسة في العلاقات الثنائية، حيث تتعرض الإدارة الأمريكية لضغوط من الكونغرس والمجتمع المدني لمحاسبة الحكومة المصرية على انتهاكاتها.

وفي نهاية المطاف، ستظل إدارة بايدن تسعى لتحقيق توازن بين مصالحها الأمنية في الشرق الأوسط والتزاماتها الدولية تجاه حقوق الإنسان، وهو ما قد يتطلب إجراء تعديلات على سياسة المساعدات الخارجية في المستقبل.