تحاول حكومة الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي بشتى الطرق إلغاء الدعم الذي يمثل الملاذ الأخير لملايين المصريين في ظل أزمة اقتصادية خانقة. في ظل هذه السياسة، لا يبدو أن السيسي يأبه لمصير الشعب ومعاناته، حيث إن أولويته الأساسية تتمثل في تنفيذ تعليمات صندوق النقد والبنك الدولي، اللذين يديران الاقتصاد المصري منذ انقلاب يوليو 2013. هذه السياسات تهدف إلى ضمان سداد فوائد وأقساط الديون الخارجية دون اكتراث بما يخلفه ذلك من جوع وفقر بين المصريين. وفي إطار هذه المحاولات، أعلن شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية بحكومة الانقلاب، عن دراسة مقترح لبيع الخبز المدعم بالوزن بدلاً من العدد، وهو ما أثار حالة من الجدل في الشارع المصري. المقترح الجديد يقضي بتخصيص 450 جراماً من الخبز لكل فرد يوميًا بدلاً من 5 أرغفة. وعلى الرغم من تصريحات فاروق بأن هذه الفكرة لا تزال قيد الدراسة، إلا أن هناك قلقًا واسعًا بين المصريين بسبب التداعيات المحتملة لهذا القرار. تحديات واقعية وعلى الرغم من محاولة فاروق تهدئة الأجواء، فإن الفكرة تواجه العديد من التحديات. من أبرز هذه التحديات هو رد فعل أصحاب المخابز الذين يرون أن تطبيق هذه الفكرة سيزيد من تكلفة الإنتاج ويعقد عملية البيع. أعضاء شعبة المخابز باتحاد الغرف التجارية أعربوا عن رفضهم لهذه الخطوة، مشيرين إلى أن زيادة العمالة وتكاليف تعبئة الخبز ستكون من أبرز العوائق. كما أن التغيير سيبطئ عملية البيع ويثير اعتراضات من قبل المواطنين غير المتعودين على شراء الخبز بالكيلو. وأشار بعض أصحاب المخابز إلى أن هذا النظام سيؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج بشكل عام، مما سيقلل من هامش الربح، واعتبروا أن المقترح قد يفشل إذا لم يتم دراسة جوانب الربحية لأصحاب المخابز بعناية. التحول إلى نظام الوزن بدلاً من العدد يتطلب أيضاً توفير أدوات جديدة، مثل الموازين الدقيقة، وتدريب العاملين، وهو ما يزيد من الأعباء المالية على المخابز. صعوبات عملية عبد الله غراب، رئيس شعبة المخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية، أشار إلى أن الخبز المدعم يتم بيعه حالياً وفقاً لمواصفات قياسية محددة من قبل الحكومة، حيث يزن الرغيف الواحد 90 جراماً. هذه المواصفات يتم مراقبتها بشكل مستمر من قبل الأجهزة الحكومية للتأكد من التزام أصحاب المخابز بها. ورغم موافقة غراب على الفكرة من حيث المبدأ، إلا أنه أشار إلى صعوبات عملية قد تعيق تنفيذها، مثل الحاجة إلى توفير موازين كافية لكل مخبز، مما سيبطئ عملية البيع ويسبب ازدحامًا. غراب أكد أن هناك ما يقرب من 30 ألف مخبز على مستوى الجمهورية، وكلها تلتزم بنظام الوزن لضمان حصول المواطنين على حقهم كاملاً من الخبز. ومع ذلك، أشار إلى أن بيع الخبز بالكيلو قد يثير اعتراضات من قبل المواطنين، خاصةً أن عملية الوزن قد تكون مرهقة وغير عملية في ظل الظروف الحالية. تكاليف إضافية من جانبه، قال خالد صبري، المتحدث باسم الشعبة العامة للمخابز باتحاد الغرف التجارية، إن فكرة بيع الخبز بالوزن ليست جديدة، بل تم طرحها قبل سنوات بهدف منع التلاعب في الأوزان. لكن صبري أشار إلى أن هذه الفكرة ستضيف تكاليف جديدة على أصحاب المخابز، مثل تعيين "عامل للميزان" وتوعية المواطنين بثقافة الشراء بالكيلو. صبري أكد أن عملية إنتاج الخبز بالوزن قد تتطلب زيادة في عدد العمالة بسبب الجهد الإضافي المطلوب، إضافة إلى تكلفة تعبئة الخبز في أكياس محددة الوزن. وأشار إلى أن تغيير نظام الدعم يجب أن يتم بطريقة تضمن تحقيق ربحية للمخابز، محذرًا من أن تطبيق الفكرة دون دراسة كافية سيجعل من الصعب على أصحاب المخابز الالتزام بها. خاتما ؛ يظهر من هذا الجدال أن محاولة حكومة الانقلاب لتغيير نظام بيع الخبز المدعم ستواجه تحديات كبيرة على أرض الواقع. في الوقت الذي تتبع فيه الحكومة تعليمات صندوق النقد الدولي، تبقى معاناة الشعب المصري حاضرة في ظل التضييق المستمر على مصادر قوته اليومي. ورغم أن الفكرة قد تهدف إلى ضبط السوق، إلا أنها قد تتحول إلى أزمة جديدة تزيد من العبء على الفقراء، وهو ما قد يؤدي إلى المزيد من الاحتجاجات الشعبية في المستقبل.