عقدت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان المصري، اجتماعاً، لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي أعدته لجنة فرعية، سبق وشكلها رئيس المجلس المستشار، حنفي جبالي.

كان رئيس مجلس النواب ترأس، السبت الماضي، اجتماعا مغلقا في مقر المجلس، شارك فيه وزيرا المجالس النيابية المستشار محمود فوزي، والعدل المستشار عدنان فنجري، وعدد من رؤساء الأحزاب السياسية وممثلون عن الحوار الوطني والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وعدد من أعضاء مجلس النواب، لعرض رؤاهم بالنسبة لمشروع القانون.

وقال جبالي، خلال الاجتماع، إن اللجنة الفرعية توافقت على نحو 95٪ من مواد مشروع القانون الذي انتهى إلى صياغات منضبطة، حسب بيان للمجلس.

واعتبر أن صياغة النصوص الخاصة بالحبس الاحتياطي تحقق التوازن بين مصلحة التحقيق والمحاكمة وحقوق المواطنين.

ولفت إلى تخفيض مدد الحبس الاحتياطي وتنظيم التعويض عنه وإعادة تنظيم اختصاصات وصلاحيات مأمور الضبط القضائي بإقرار مزيد من الضمانات التزاما بالمحددات الدستورية، وأهمها الحصول على أمر قضائي مسبب في حدود ما تقتضيه الضرورة الإجرائية.

وقال رئيس اللجنة النائب إيهاب الطماوي، إن مشروع القانون مكون من 540 مادة ويرسخ سلطة النيابة العامة في تحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، وخاصة في أحوال القبض، وتفتيش الأشخاص ودخول المنازل وتفتيشها.

وزاد: يتضمن المشروع تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، ووضع حد أقصى لها، وتنظيم حالات التعويض عنه، تحقيقاً للغاية من كونه تدبيراً احترازياً وليس عقوبة، فضلاً عن إقرار بدائل الحبس الاحتياطي.

وقالت صحيفة القدس العربي” أن مشروع القانون الجديد حدد في المادة 133 الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بـ 18 شهرا، أي عام ونصف!

وجاء نص المادة: “لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدبير على ثلاثة أشهر في مواد الجنح ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، ويجب على النيابة العامة في هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس أو التدبير خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة إلى المحكمة المختصة وفقا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 120 من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام أو وجب الإفراج عن المتهم أو إنهاء التدابير حسب الأحوال”.

وحسب نص المادة: “إذا كانت التهمة المنسوبة إليه جنائية، فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على 5 أشهر إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بمد الحبس أو التدابير مدة لا تزيد على 45 يوما قابلة للتجديد”.

ونصت المادة على أنه في جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز 4 أشهر في الجنح، و12 شهرا في الجنايات، و18 شهرا إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.

وكان القانون رقم 145 لسنة 2006 بشأن تعديل قانون الإجراءات الجنائية أقر الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بعامين، ونص على أنه في جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهرًا في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.

ومع ذلك فلمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادراً بالإعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطيًّا لمدة خمسة وأربعين يومًا قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها في الفقرة السابقة.

وفيما يخص التعويضات عن فترة الحبس الاحتياطي، فلم يأت مشروع القانون بجديد، واحتفظ بصياغات القانون الحالي نفسها، وحدد من يستحق التعويض عن الحبس الاحتياطي، في المادة 523، التي نصت على أن يستحق التعويض كل شخص تم حبسه احتياطيا أو حكم عليه بعقوبة ثم صدر من النيابة العامة أنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، أو صدر حكم ببراءته من جميع التهم المنسوبة إليه.

المنع من السفر

أما فيما يتعلق بقرارات المنع من السفر، فاحتفظ مشروع القانون الجديد بالإجراءات نفسها، فجاء في نص المادة 147 من مشروع القانون، أنه يجوز للنائب العام أو من يفوضه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن، ولقاضي التحقير المختص، عند وجود أدلة كافية على جدية الاتهام في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس أن يصدر أمرا مسبباً بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول لمدة سنة قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، لما تستلزمه ضرورات التحقيقات أو حسن سير إجراءات المحاكمة، وضمان تنفيذ ما عسى أن يقضى به من عقوبات.
يذكر أن عددا كبيرا من الحقوقيين المصريين عانوا من القرارات الصادرة بمنعهم من السفر لسنوات على ذمة القضية التي كانت معروفة إعلاميا بقضية «التمويل الأجنبي» وتعود لعام 2011، قبل أن يصدر قاضي التحقيق في القضية خلال العامين الماضيين قرارات ببراءة الحقوقيين.

التحفظ على الأموال

وفي شأن القرارات التي تصدرها النيابة بالمنع من التصرف في الأموال والتي طالت على مدار السنوات العشر الماضية عدد كبير من النشطاء والمعارضين، فلم يختلف الأمر عن القانون الحالي، ونصت المادة 143 من الفصل العاشر، أن للنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال أن يأمر مؤقتا بمنع المتهم من التصرف في أمواله أو إداراتها، ويجب أن يشتمل أمر المنع على تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها، وعلى النائب العام في جميع الأحوال أن يعرض أمر المنع على المحكمة الجنائية المختصة خلال 7 أيام على الأكثر من تاريخ صدوره.

ويجوز للمحكمة بناء على طلب النيابة العامة أن تشمل في حكمها أي مال لزوج المتهم أو أولاده القصر أو ورثته إذا توافرت أدلة كافية على أنه متحصل من الجريمة موضوع التحقيق.

المعارضة ترفضها

وجاءت التعديلات التي أدخلت على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، مخيبة لآمال المعارضة المصرية التي طالبت أن تخفيض مدة الحبس الاحتياطي إلى 3 أشهر.

وسبق ورهنت «الحركة المدنية الديمقراطية» المعارضة التي تتشكل من 12 حزبا معارضا مشاركتها في «الحوار الوطني» بتنفيذ 6 مطالب، من ضمنها تعديل قانون الحبس الاحتياطي الذي يسمح بحبس المواطنين لفترة تبلغ عامين في القضايا السياسية، والعودة للصياغة القديمة التي كانت تنص على عدم تجاوز الحبس الاحتياطي فترة ستة شهور.

وكانت الحركة هددت في بيان أغسطس 2024 بتجميد نشاطها ردا على القبض على المتحدث السابق باسمها يحيى حسين عبد الهادي.

وقالت في بيان إن الحبس الاحتياطي إجراء احترازي لحماية المجتمع لا يجوز تطبيقه على المعارضة السلمية وسجناء الرأي الواجب إخلاء سبيلهم جميعا. وتقدر منظمات حقوقية مستقلة عدد المعتقلين في مصر بـ 60 ألف معتقل، معظمهم رهن الحبس الاحتياطي، فيما تنفى السلطات المصرية وجود معتقلين في السجون، وتقول إن كافة المحتجزين على ذمة قضايا جنائية.

ورغم حديث السلطات المصرية عن وجود انفراجة في ملف حقوق الإنسان، بعد دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإجراء حوار وطني في أبريل 2022، وتشكيل لجنة العفو الرئاسي، إلا أن المنظمات الحقوقية تنفي حدوث مثل هذه الانفراجة.

وحسب «الجبهة المصرية لحقوق الإنسان» الفترة التي امتدت لـ 26 شهرا منذ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي شهدت إلقاء القبض على 6 آلاف شخص. واعتبرت أن حجم الاعتقالات خلال هذه الفترة ينفي ما تردد عن وجود «انفراجة» حقوقية وحدوث حلحلة في ملف الحبس الاحتياطي وملف سجناء الرأي والمحبوسين على ذمة قضايا سياسية.