قالت صحيفة بوليتكو الأميركية إن ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، يعرف الكثير عن الاغتيالات، وأنه كان يخبر المشرعين الاميركيين انه معرض لخطر الاغتيال.
ونقلت الصحيفة عن أعضاء بالكونجرس (التقوا بن سلمان) ومنهم (لينسي جراهام وماكلاوهان لم تذكرهما الصحيفة) ما نقلوه عن بن سلمان أنه يعرض حياته للخطر من خلال السعي إلى صفقة كبرى مع الولايات المتحدة و"إسرائيل" تتضمن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، وفي مناسبة واحدة على الأقل، استشهد بأنور السادات، الزعيم المصري الذي اغتيل بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، متسائلا عما فعلته الولايات المتحدة لحماية السادات.
وناقش ولي العهد السعودي التهديدات التي يواجهها في شرح سبب وجوب أن تتضمن أي صفقة من هذا القبيل مسارا حقيقيا إلى دولة فلسطينية ــ وخاصة الآن بعد أن أدت الحرب في غزة إلى تفاقم الغضب العربي تجاه "إسرائيل".
الصحيفة قالت إن ما أدلى به بن سلمان كانت عبر مسؤول أميركي سابق مطلع على المحادثات وشخصان آخران على علم بها، فضلا "عدم الكشف عن هويتهم لوصف موضوع حساس وعالي المخاطر".
اغتيال جاد
وأضافت "بولتيكو" أن النقاشات بشأن هذا الموضوع جادة ومهمة، لكن أحد الاستنتاجات، كما قال الأشخاص، هو أن ولي العهد، الذي يشار إليه غالبًا باسم MBS، يبدو عازمًا على إبرام الصفقة الضخمة مع الولايات المتحدة وإسرائيل على الرغم من المخاطر التي تنطوي عليها. فهو يرى أنها حاسمة لمستقبل بلاده.
وأشارت إلى أن الخطوط العريضة للاتفاقية السرية ظهرت إلى حد كبير والتي لا تزال قيد التطوير في تقارير مختلفة، بما في ذلك تقريري هذا، وهي تتضمن التزامات أمريكية متعددة تجاه السعوديين، بما في ذلك الضمانات الأمنية من خلال معاهدة، والمساعدات في برنامج نووي مدني، والاستثمار الاقتصادي في مجالات مثل التكنولوجيا.
العلاقة مع الصين
ويبدو أن بن سلمان بالاتفاق سيفقد الكثير من العلاقات الاستراتيجية بحسب ما استندت الصحيفة لتقارير قالت إن السعودية ستحد من تعاملاتها مع الصين كاحد الامور التي ستقدمها الرياض بموجب هذه الصفقة، كما ستنشئ علاقات دبلوماسية وغيرها مع "إسرائيل" معبرة عن رأيها أنها "نعمة كبيرة للإسرائيليين نظرًا لأهمية المملكة العربية السعودية بين الدول الإسلامية".
واستدركت أنه لم تكن الحكومة "الإسرائيلية" راغبة في تضمين مسار موثوق به لدولة فلسطينية في الاتفاقية.
ونقلت عن المطلعين على المحادثات التي أجراها محمد بن سلمان مع القادة الإقليميين والأمريكيين."لقد قالها (ولي العهد السعودي) على النحو التالي: "إن السعوديين يهتمون بهذا الأمر بشدة، والشارع في جميع أنحاء الشرق الأوسط يهتم بهذا الأمر بشدة، ولن تكون ولايتي كحارس للأماكن المقدسة للإسلام آمنة إذا لم أعالج القضية الأكثر إلحاحًا وهي العدالة في منطقتنا".
وعلق "المصدر المطلع": "عندما سمعت لأول مرة عن تفاصيل ما يقوله الأمير السعودي، كنت مفتونة ومتشككة.. لقد فكرت بالطبع في الصحفي الراحل جمال خاشقجي، الذي يُتهم محمد بن سلمان بإصدار الأمر بقتله، لكن محمد بن سلمان هو الذي يخشى على حياته الان؟ هل هذا يعتبر مفارقة؟"!
الموقف من فلسطين
ويبدو أن التشكيك بقدرات بن سلمان أو استفزازه من جانب مقابل كان هدف الصحيفة فقالت: "لقد تذكرت أيضًا العديد من التقارير السابقة بشأن كيف لم يهتم محمد بن سلمان بالفلسطينيين، حيث رأى أن قضيتهم تبطئ التقدم العربي وزعماءهم غير أكفاء، وتساءلت لماذا التهديد الذي يواجهه الآن أكثر خطورة من التهديدات التي واجهها منذ فترة طويلة: لقد دفع بتغييرات اجتماعية دراماتيكية في المملكة، وتجاهل العديد من أقاربه ورجال الدين الإسلاميين المحافظين الذين لا شك أنهم غاضبون من ذلك".
وأوضحت أن "كلما فكرت في الأمر وتحدثت إلى أشخاص أذكى مني، كلما أصبحت أرى أن تأطير محمد بن سلمان للموقف هو استراتيجية تسويق دبلوماسية ذكية: فهو يقول إن حياته في خطر لدفع المسؤولين الأميركيين إلى زيادة الضغط على إسرائيل للخضوع لصفقة يحبها".
تشكيك بالاغتيال
وعبرت عن تشككها منن حقيقة تعرض بن سلمان للاغتيال فعليا ولكنه يريد تشويق الحاضرين فقالت: "إن القول بأنك تخاطر بحياتك من أجل صفقة قد تكون تاريخية هو بالتأكيد طريقة مقنعة لجذب انتباه محاوريك، ومن الإنصاف أن نقول إن هذا صحيح أيضًا."!!
وقالت الصحيفة "إن صنع السلام عمل خطير. وهذا صحيح بشكل خاص في الشرق الأوسط، حيث كان محمد بن سلمان حتى قبل حرب غزة يقامر باللعب بفكرة إقامة علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل".
ونقلت عن دينيس روس المفاوض المخضرم في الشرق الأوسط والذي عمل مع العديد من الرؤساء الأميركيين: "إنها طريقة أخرى للقول: هذا قرار بالغ الأهمية بالنسبة لي، ولهذا السبب أحتاج إلى شيء من أجله".
التردد السعودي
وعن امتداد مسار التطبيع قالت الصحيفة "كان الممثلون السعوديون الذين تواصلت معهم مترددين، كما هو متوقع، في تفصيل محادثات ولي العهد. ورفضت السفارة السعودية في واشنطن التعليق، لكن أحد كبار المسؤولين السعوديين أخبرني أن محمد بن سلمان يعتقد أنه بدون حل القضية الفلسطينية، فإن بلاده في نهاية المطاف لن تستفيد من الفوائد الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية المفترضة للصفقة الشاملة، وذلك لأن "لن يكون لدينا أمن واستقرار إقليمي دون معالجة القضية الفلسطينية"، كما قال المسؤول".
ولفتت إلى أن التعليقات كانت منطقية في سياق كيف وصف لي آخرون بمحمد بن سلمان - كقومي سعودي، سواء كان يهتم شخصيًا بالقضية الفلسطينية أم لا، فهو سيدعمها إذا كانت تفيد السعودية.. سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن الصفقة الضخمة التي يجري العمل عليها قد تغير الشرق الأوسط بشكل كبير، وخاصة من خلال رؤية إسرائيل والسعودية تعملان كجبهة موحدة ضد إيران.".
الصفقة غير القريبة
وأوضحت الصحيف أنه نظرًا للتقويم الانتخابي، والحاجة إلى تصديق مجلس الشيوخ على أي معاهدة معنية، فإن الصفقة لن تصبح حقيقة في أي وقت قريب. لكنني أتوقع أنه بغض النظر عن فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس أو الرئيس السابق دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة في نوفمبر، فانهما سيواصلان سعيهما إلى تحقيق نسخة ما منها.
وقالت إن العديد من المراقبين أعربوا عن خشيتهم من أن الصفقة الكبرى قد ماتت عندما هاجم مسلحو حماس الفلسطينيين "إسرائيل" في 7 أكتوبر، مما أشعل فتيل الحرب التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
وأوضحت أنه مع ارتفاع حصيلة القتلى في غزة - حوالي 40 ألفًا الآن، بما في ذلك المدنيون والمسلحون - ثار مواطنو الدول العربية ضد ما يرون أنه فظائع "إسرائيلية"، وكانت تلك أحدث موجة من الغضب من الناس في جميع أنحاء المنطقة الذين احتقروا "إسرائيل" بالفعل بسبب احتلالها المستمر منذ عقود من الزمان للأراضي التي يطالب بها الفلسطينيون.
واستدركت الصحيفة إلى أن كبار اللاعبين المعنيين لم يتخلوا عن الصفقة - معتبرين أنها حاسمة لاستقرار المنطقة على المدى الطويل، ومع ذلك، كان لابد من تغيير بعض العروض المطروحة على الطاولة.
7 أكتوبر
وقبل 7 أكتوبر، أحضر المفاوضون قادة فلسطينيين لمعرفة ما يمكن تضمينه لشعبهم في الصفقة، وهو الأمر الذي أشار إليه مسؤول كبير في إدارة بايدن عندما طلبت تعليقًا من البيت الأبيض لهذا العمود، وفي تلك المرحلة، ربما كانت بعض التنازلات الصغيرة - اتفاقيات محادثات مستقبلية أو شيء من هذا القبيل - قد ترضي السعوديين، لكن الآن أصبح الطلب "مسارًا واضحًا لا رجعة فيه" إلى دولة فلسطينية.
وأضافت أن محمد بن سلمان هو مستبد قمع المعارضة السياسية، لكنه لا يزال يهتم بالرأي العام، والقضية الفلسطينية حساسة بشكل خاص لأنها تؤذيه مع السعوديين الأصغر سنا الذين يدعمون إصلاحاته الاجتماعية ويوفرون حصنًا ضد المتشددين الدينيين والعائلة المالكة الذين يعارضونه.
وأشار مسؤول كبير ثانٍ في إدارة بايدن: "إنه يتمتع بسكان من الشباب الصغير للغاية والذين يتم تنشيطهم بطرق عديدة، وتحفيزهم من خلال أول صراع كبير بين الإسرائيليين والفلسطينيين شهده الكثير منهم في حياتهم. لا يتطلب الأمر أن تكون داخل رأسه لفهم أن هذا سيثقل عليه"، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعهد بعدم السماح أبدًا بإنشاء دولة فلسطينية، كما فعل أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم، ويعارض جزء كبير من الجمهور الإسرائيلي الفكرة أيضًا بعد أن ذبحت حماس 1200 شخص على أرضهم في 7 أكتوبر.
صفقة البخس
الصحيفة أوضحت أن السعودية مقبلة على صفقة في حيت أنه "حتى الآن، هناك القليل من الأدلة على أن الضغوط الخارجية ستغير رأي نتنياهو - فحتى مطالب الرئيس جو بايدن لم تقنع نتنياهو بوضع خطة جادة لكيفية التعامل مع غزة بعد الحرب، ناهيك عن الفلسطينيين ككل."!
وأضافت الصحيفة أن تعليق المسؤولين "الإسرائيليين" وكان أفضل ما قدمه أحدهم: "إن فهمنا هو أن حكومات الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل مهتمة جميعًا بملاحقة صفقة تغطي القضايا الثنائية بين الولايات المتحدة والسعودية والتطبيع بين "إسرائيل" والسعودية. ومع ذلك، فإن الأمر يتطلب شروطًا معينة لتحقيق مثل هذه الصفقة، والتي ليست كلها موجودة حاليًا".
وأوضحت أن معالم هذه الصفقة هو أنها على بياض وأن بن سلكان يقبلها في حين أن الطرف الثاني لم يوضح ما سيمنحه للطرف الأول فقالت "ليس من الواضح ما إذا كانت استراتيجية محمد بن سلمان المتمثلة في التأكيد على المخاطر التي يخوضها ستقنع نتنياهو بأنه يجب عليه أيضًا المخاطرة."
وأضافت أن "الامر عمومًا ينم عن مخاطرة، فقد كان رئيس الوزراء إسحاق رابين شخصية أخرى من الشرق الأوسط اغتيلت بسبب سعيه إلى السلام، ولكن من المرجح أن يأمل كل من محمد بن سلمان والولايات المتحدة أن يسأل نتنياهو نفسه ما هو الأفضل لبلاده على المدى الطويل، وليس فقط في الوقت المؤلم الآن".