سادت حالة من الغضب وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، إثر تعديل مواعيد قطع الكهرباء عن المناطق كافة من دون سابق إنذار، وزيادة مدة الانقطاع بداية من الـ 3 ساعات حتى 5 ساعات متواصلة بدلاً من ساعتين، بالتزامن مع موجة حر شديدة تشهدها البلاد.

وبشكل مفاجئ، أعلنت الشركة القابضة للكهرباء في مصر زيادة مدة "تخفيف الأحمال"، ويقصد بها قطع الكهرباء على مستوى الجمهورية إلى ثلاث ساعات يومياً، وتعديل مواعيد الانقطاع لتبدأ من الثانية ظهراً بدلاً من الثالثة عصراً، إلى حين استقرار درجات الحرارة، وانتهاء الموجة الحارة. وعزت الشركة قرارها إلى ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء إلى مستوى 35700 ميغاوات أول أمس السبت، ونقص كميات الوقود والغاز الطبيعي الموردة إلى محطات توليد الكهرباء، الأمر الذي نتج عنه زيادة الضغط على الشبكة القومية للكهرباء.

وأفاد بيان رسمي لوزارتي الكهرباء والبترول بأنه نظراً لزيادة معدلات الاستهلاك المحلي من الكهرباء، نتيجة الموجة الحارة شديدة الارتفاع، فإنه تقرر زيادة فترة تخفيف الأحمال اليوم وغداً، لمدة ساعة إضافية، على خلفية زيادة استهلاك الغاز المولد للطاقة، ومن أجل الحفاظ على الكفاءة التشغيلية لمحطات إنتاج الكهرباء والشبكة القومية للغازات الطبيعية. وكتب محمد منصور عبر صفحته في فيسبوك، قائلاً: "بينما يشعر بعض الناس بالأمان في المصعد تنقطع عنهم الكهرباء فجأة، ودون سابق إنذار، فيختنقون داخل المصيدة الحديدية. أصبح كل ما نتمناه الآن أن تعود الأمور إلى سابق عهدها، ليس إلى أيام الرئيس الراحل حسني مبارك، وإنما إلى الأيام السابقة لإجازة العيد، وأن يصبح انقطاع التيار وفق جدول معلن". وقال المحامي الحقوقي ناصر أمين: "أنتم فشلة ومجرمون. موضوع قطع الكهرباء سرقة لأموال الناس، وخراب بيوت، وتدمير للناتج القومي، وإهدار للاقتصاد. لو كنتم محترمين اعترفوا بأنكم خربتم البلد"، في إشارة منه إلى حكومة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

وقالت رشا الهلالي على فيسبوك: "ناهيك عن الحر الرهيب الذي يقتلنا أثناء انقطاع الكهرباء، هل الحكومة على علم بخسارة كم مشروع وغلقه؟ أو كيف ستكون معدلات الجريمة والطلاق التي سنصل إليها؟". ومن المرجح أن تقر الحكومة زيادة هي العاشرة في أسعار الكهرباء منذ عام 2014 لجميع شرائح الاستهلاك، بداية من فاتورة يوليو/ تموز المقبل، بحجة تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع أسعار الغاز والمازوت المستخدمين في محطات توليدها.

وكشفت أزمة قطع التيار الكهربائي في مصر عن هشاشة برنامج الحكومة الضخم لبناء محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي، خلال الفترة من 2015 إلى 2022، والاعتماد على قروض عالية التكلفة من الخارج بقيمة 18 مليار دولار. واعتمدت مصر على تدبير الوقود محلياً من حقل غاز "ظهر"، الذي تعرض إلى سحب جائر خلال فترة التشغيل الأولى من 2018-2021، وعانى أخيراً من تحديات وعقبات تحول دون زيادة إنتاجه.

وتتجه السلطات المصرية لاستغلال سوق الغاز الطبيعي المسال من أجل تخفيف تأثير حرارة الصيف الشديدة، حيث تسعى "المصرية القابضة للغازات الطبيعية" (إيجاس/ EGAS) للحصول من الأسواق على ما لا يقل عن 17 شحنة غاز طبيعي مسال على الأقل للتسليم في الصيف، فيما تعاني الدولة الشمال أفريقية أصلاً من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متقطع.

وفي التفاصيل التي تناولها تقرير لبلومبيرغ، تخطط مصر للقيام بأكبر عملية شراء للغاز الطبيعي المسال منذ سنوات، في إطار تكثيف جهودها لتخفيف نقص الطاقة. ويشمل طلب "إيجاس" شحنات الوقود فائق التبريد للتسليم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وفقاً لما نقلت الشبكة الأميركية عن تجار مطلعين على المناقصة.

وبدأت مصر عمليات الشراء في الأشهر الأخيرة عبر الأردن، لأن المحطة العائمة التي استأجرتها في مايو/أيار الماضي للتسليم المباشر لن يتم تركيبها إلا في يونيو/حزيران الجاري. وقد اقتربت تلك المحطة العائمة "هوغ غاليون" (Hoegh Galleon) الآن من العين السخنة، على ساحل البحر الأحمر، وفقاً لبيانات تتبع السفن على بلومبيرغ، على أن تبقى هناك لمدة تتراوح بين 19 و20 شهراً.

وزعم السيسي، في 25 مايو/ أيار الماضي، أن تكلفة إنتاج الكهرباء تزيد بنسبة 200% مقارنة بأسعار بيعها، مخيراً المواطنين في بلاده بين استمرار قطع التيار الكهربائي عن المنازل والمحال يومياً، أو مضاعفة أسعارها من 100 إلى 300 جنيه على سبيل المثال.