تصاعدت في الآونة الأخيرة الدعوات لوقف تنفيذ أحكام في العراق إذ شهد الشهر الماضي إعدام نحو دون الإعلان رسميا عن هذه العمليات. ودانت العديد من المنظمات الحقوقية إقدام السلطات العراقية على تنفيذ أحكام الإعدام بمعتقلين انتزعت اعترافاتهم تحت التعذيب، ومن دون مراعاة طلبات إعادة النظر بقضاياهم. وتتهم السلطات العراقية من قبل منظمات حقوقية دولية بممارسة التعذيب ضد المعتقلين في السجون وتنفيذ إعدامات ممنهجة بناءا على خلفيات طائفية. إعدامات مفاجئة يقول أحد اقرباء المعدومين والذي بدوره تحدث عن التفاصيل التي رافقت تنفيذ أحكام الإعدام بشقيقه. يقول قتيبة العبيدي، "اعتقل شقيقي عبد العزيز أواخر عام 2011 في طريق عودته من الأنبار إلى بغداد، واستمرت جهود البحث عنه نحو 8 لنعرف بعدها أنه معتقل في سجن مطار المثنى، من دون توجيه أي تهمة له". ويتابع، "استمر الاعتقال بدون تهمة قرابة السنة والنصف، حتى فوجئنا برفع أوراق عبد العزيز إلى المحكمة وعند الجلسة الثانية التي استمرت 15 دقيقة حكم عليه بالإعدام". "نقل بعدها عبد العزيز إلى سجن الناصرية -سيء الصيت- ومنذ ذلك الحين حاولنا بشتى الطرق إعادة محاكمته حتى وصلت تكاليف المحاولات نحو 80 ألف دولار"، وفقا لقتيبة. ويقع سجن الحوت في مدينة الناصرية، في محافظة ذي قار، جنوبي العراق، ويضم نحو 40 ألف معتقل، وهو أكبر السجون العراقية بعد إغلاق سجن أبو غريب. وتابع، "كان الحكم مبنيا على اعترافات انتزعت تحت التعذيب الشديد والتهديد بالاغتصاب حتى اعترف شقيقي على قضايا في مدن لم يزرها قط". وأردف، "فوجئنا أواخر نيسان/ أبريل الماضي باتصال من السجن يطلب منا استلام جثة شقيقي الذي أعدم من دون إخبارنا ولا إبلاغه حتى". وختم، "لم نستطع استلام الجثمان إلا بعد دفع رشوة وهددنا ضباط الاستخبارات بالاعتقال في حال أقمنا له مجلس عزاء". المشنقة فوق القانون في قصة أخرى يروي عبدالاله القيسي حادثة إعدام نجله في سجن "الحوت" الناصرية رغم امتلاكه تقارير طبية تثبت تعرضه للتعذيب. يقول القيسي، "اعتقل ولدي عمر خلال عودته إلى العراق بعد إكمال شهادة الماجستير في مصر عام 2016 وبعد طول بحث وجدنا أنه قابع في سجن سري ببغداد". واتهم الشاب المعتقل بالمسؤولية عن تفجيرات حدثت في بغداد، يقول والده إن تواريخها تتطابق مع تواريخ وجود نجله خارج القطر، إلا أنه اعترف بذلك تحت التعذيب". وأعدمت السلطات عمر القيسي "٣٦ عاما" في سجن الناصرية خلال شهر شباط/ فبراير الماضي من دون الإعلان عن ذلك رسميا. وأكد القيسي أن محكمة التمييز لم تنظر للتقارير الطبية التي تثبت تعرض نجله للتعذيب الشديد ولا حتى بوجود ابنه خارج العراق عند وقوع التفجيرات التي اتهم بالتورط بها. وبحسب القيسي، فقد أبلغته السلطات بمنع إقامة مجلس عزاء وحذرته من الحديث لوسائل الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي. أشار القيسي نقلا عن معتقلين كانوا برفقه ولده، إن سلطات جاءت يوم تنفيذ الإعدام وأخبرت من نودي عليهم بأنهم سيُنقلون لسجن آخر، لكنهم تفاجأوا ليلا بخبر تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم. "انعدام مروع للشفافية" في أواخر نيسان/ أبريل الماضي، قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات العراقية أقدمت على إعدام 13 رجلا على الأقل في 22 من ذات الشهر في سجن الناصرية المركزي، بمحافظة ذي قار الجنوبية، بعد إدانتهم بتهم إرهاب فضفاضة ومبهمة للغاية. وذكرت المنظمة أنها يساورها القلق من أن العديد من الأشخاص غيرهم ربما أُعدموا سرا وسط انعدام مقلق للشفافية فيما يتعلق بالإعدامات التي نُفّذت في العراق في الأشهر الأخيرة. وكانت مصادر أمنية قد أكدت سابقا لوسائل الإعلام إعدام 13 رجلًا في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2023، إلا أن نشطاء ومحامين يمثلون سجناء محكوم عليهم بالإعدام أبلغوا العفو الدولية أن العشرات من الأشخاص الاضافيين قد أُعدموا منذ 10 نيسان/ ابريل مضيفين أن السلطات لم تعطِ إشعارا مسبقا للسجناء، أو لأسرهم ومحاميهم. ونقلت المنظمة عن رازاو صالحي، الباحثة المعنية بالعراق في منظمة العفو الدولية قولها. “إن الإعدامات الأخيرة في العراق مروّعة وتُسبّب الإحباط فعلى مدى سنوات، ابتُلي نظام القضاء في العراق بإرث من الانتهاكات والتجاوزات فيما يخص حقوق الإنسان، ما أدى إلى الحكم بالإعدام على الآلاف من الأشخاص عقب محاكمات بالغة الجور”، وأضافت، "قد ترقى الإعدامات التي تُنفَّذ عقب محاكمات لا تستوفي المعايير الدولية لحقوق الإنسان إلى حد الحرمان التعسفي من الحياة. وعلى الحكومة العراقية أن تفرض على الفور وقفًا رسميًا لعمليات الإعدام وأن تعمل على إلغاء عقوبة الإعدام برمتها”.