غيّرت الأوضاع الاقتصادية الصعبة، مشهد موسم عيد الأضحى في مصر. الركود والتباطؤ يهيمنان على الأسواق. أسعار الماشية في ارتفاع هبط بإقبال المواطنين إلى مستويات قياسية. شوارع مصر التي عادة ما تكون نابضة قبيل العيد، أصبحت اليوم مثقلة بأزمات الناس وشكاويهم. إذ يشتكي تجار الأضاحي والمربون هذا العام من بطء الحركة التجارية وضعف المبيعات، فيما قدر البعض خسائرهم المالية بنحو 30 إلى 40% إذا استمرت معدلات البيع على أوضاعها الحالية حتى انتهاء الموسم.
وعلى غير العادة، تراجع عدد شوادر الأغنام والماشية التي كان ينصبها الجزارون في الشوارع، واكتفى العديد من المهنيين بحجز أماكن محدودة، تتضمن أعدادا قليلة من الخراف والعجول، فيما تشهد محلات الجزارة إقبالاً ضعيفاً على شراء الأضاحي بمختلف المناطق بسبب الارتفاعات المستمرة والعشوائية للأسعار، مقارنة بالعام الماضي.
ومن داخل سوق الأضاحي، في منطقة العامرية بغرب الإسكندرية، يتجول المواطنون بين الخراف والماشية، يسألون عن الأسعار، ثم ينصرفون بهدوء من دون شراء. محمد عبد النبي (45 عامًا)، كان واحداً من هؤلاء، وقال لـ "العربي الجديد"، إن أسعار الأضاحي هذا العام مرتفعة للغاية، وبالتالي لن يكون قادراً على الشراء. وأضاف أن "الكباش التي كانت بسعر 10 آلاف جنيه في العام الماضي أصبحت الآن بـ 14 أو 15 ألفًا، بينما تقلصت قدراتنا على الادخار خلال العام؛ بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وهذا غير معقول، كيف سيستطيع المواطن العادي تحمل هذه التكاليف؟".
ويوضح رئيس لجنة الجزارين في الغرفة التجارية بالإسكندرية أن هناك زيادة في أسعار اللحوم هذا العام تقدر بنحو 35% عن العام الماضي نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف وتكلفة تربية المواشي بعد تحرير سعر الصرف، مما انعكس على أسعار اللحوم والأضاحي.
ويتابع أنه رغم ارتفاع أسعار الأضاحي التي تختلف من منطقة لأخرى يحرص الكثير من المصريين على الالتزام بأداء الشعيرة الدينية، مشيراً إلى أن الإقبال الأكبر هذا العام على شراء الضأن، بسبب قلة وزنه وبالتالي أسعاره أقل مقارنة بالعجول.
عيد الأضحى في مصر وسط الغلاء
ومن جانبه يقول الدكتور أحمد حشمت، الخبير الاقتصادي، لـ "العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار الأضاحي بشكل كبير، أثر بوضوح على إقبال المواطنين على الشراء هذا العام، مما خلق تحديًا كبيرًا للتجار في السوق، موضحًا أن ذلك الارتفاع يعود إلى سببين رئيسيين.
ويضيف أن أول السببين هو ارتفاع أسعار الأعلاف وتكاليف التربية والرعاية للماشية بشكل كبير نتيجة التضخم الاقتصادي والأزمات المتلاحقة، والثاني هو انخفاض أعداد المعروض من الأضاحي هذا العام؛ بسبب اضطرار أعداد كبيرة من المربين خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة إلى التخلص من ثرواتهم الحيوانية حيث تشكل عبئًا ماديًا كبيرًا عليهم.