أعلن صندوق النقد الدولي إتمام المراجعة الثالثة للاقتصاد المصري في إطار تمويله الأخير للقاهرة بمبلغ 8 مليارات دولار، وهي الخطوة التي يتبعها صرف 820 مليون دولار لحكومة أكبر بلد عربي سكانا، وثاني أكبر اقتصاد في القارة الأفريقية.

وهو ما يدعو للتساؤل حول أهمية تمرير المؤسسة الدولية لتلك المراجعة، والنتائج المترتبة عليها بشأن تحسن وضع الاقتصاد المصري الذي يعاني أزمات مزمنة وهيكلية، وحول تعديل وضعه المالي، وتوفير العملة الأجنبية التي يعاني شح كبير منها، وبخصوص تسهيل حصول مصر على تمويلات دولية جديدة، ودفع ملف الاستثمار الخارجي.

لكن المثير في الأمر، أن إفراج الصندوق عن 820 مليون دولار لمصر يقابله ديون مستحقة وأقساط وفوائد قروض سابقة للصندوق بنحو 750 مليون دولار وجب دفعها الشهر الجاري، ما يقلل وفق مراقبين من أهمية وقيمة هذا المبلغ ودوره في تصحيح بعض الأوضاع وحل جزء من الأزمات، أو حتى في دفع خدمة دين خارجي تبلغ أكثر من 168 مليار دولار، وفق آخر بيان رسمي نهاية العام الماضي.

كما أنه من اللافت، للتساؤل أيضا: كيف مرّر الصندوق المراجعة الثالثة بينما لم تتحقق بعض مطالبه، وبينها سعر صرف مرن غير مدار أو مُتحكم فيه من قبل البنك المركزي، وكذلك ملف تقليل حصة الجيش في الاقتصاد الوطني حيث أنه لم يتم تنفيذ بيع ما تم عرضه من شركات الجيش، وخاصة شركتي "وطنية"، و"صافي"؟.

وفي ظل التساؤلات السابقة، أعرب مراقبون وخبراء ومتابعون عن مخاوفهم من أن يكون لإنهاء وفد الصندوق المراجعة الثالثة له تبعاته، معلنين عن تحسبهم لما قد من إجراءات تقشف جديدة أو ضغوط على المصريين تم الاتفاق عليها مع الصندوق مقابل إتمام المراجعة.

مصر المكبلة بديون خارجية هائلة تواصل سياسة الاقتراض الخارجي التي ينتهجها رئيس النظام عبد الفتاح السيسي منذ 2014، كانت قد توصلت لاتفاق للحصول على تمويل من صندوق النقد في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2022، بـ 3 مليارات دولار، فيما تم زيادة قيمة برنامج التمويل إلى 8 مليارات دولار في آذار/ مارس الماضي.

وتأتي تلك المراجعة إثر إتمام الصندوق في نيسان/ أبريل الماضي، المراجعيتن الأولى والثانية، ما منح الحكومة المصرية 820 مليون دولار، فيما من المنتظر الحصول على مبلغ مماثل للمراجعة الأخيرة التي من المنتظر أن تتبعها مراجعتين منتصف أيلول/ سبتمبر، وآذار/ مارس، المقبلين.

ويدفع المصريون ثمنا باهظا مع كل قرض تحصل عليه حكومة السيسي، بل إن اتفاق القرض الأخير تبعه قرارات 6 آذار/ مارس الشهيرة من البنك المركزي المصري.

حينها جرى رفع سعر الفائدة بأعلى نسبة في تاريخه بواقع 600 نقطة أساس، والسماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقا لآليات السوق مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار إلى 49.47 جنيها، حينها، ليستقر بنحو 47 جنيها رسميا.

وهي القرارات التي تبعها رفع في أسعار الوقود والعشرات من السلع والخدمات، ما فاقم أزمات ملايين المصريين.

كما أنه وقبل إتمام تلك المراجعة وبمجرد حضور وفد بعثة الصندوق إلى القاهرة صدرت قرارات حكومية صادمة، بإعلان رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، رفع سعر رغيف الخبز المدعم من 5 إلى 20 قرشا، في سابقة تاريخية لم تحدث منذ ثلاثة عقود، تبعها إعلان رفع أسعار الكهرباء والوقود وإنهاء الدعم الحكومي لها بشكل متتابع.

وعلى النقيض، فإن حكومة مدبولي، التي حكمت إلى جوار السيسي 6 سنوات كاملة منذ العام 2018، وتم تجديد الثقة فيه مرة أخرى قبل أيام لتشكيل حكومة جديدة، تعرب دائما عن سعادتها مرارا بالحصول على قروض خارجية، وتعتبره نجاح اقتصادي كبير.

وفي 6 آذار/ مارس الماضي، أعرب مدبولي عن سعادته من أن الاتفاق مع صندوق النقد، سيسمح لحكومته بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار، وسيسمح للبنك الدولي والاتحاد الأوروبي، بتوفير قروض ميسرة.