"عشتُ أحداث نكبة عام 1948، وكنت شاهدًا على ما جرى من مجازر وتهجير بحق سكان قرية دير سنيد" التي هُجّر منها قسرًا مع والديه إلى قطاع غزة.

ويواصل المسن أبو رأفت ( 91 عامًا) قائلًا: "لكن أهوال القتل والمجازر التي أعيشها خلال الحرب الحالية على غزة، لا يمكن وصفها بما جرى من عمليات قتل وتهجير خلال النكبة الأولى، فعمليات الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال خلال الحرب الحالية هي الأعنف والأخطر على الإطلاق، خاصة وأن هناك الآلاف من المواطنين فقدت آثارُهم ولا يعرف مصيرهم، ويعتقد أن أكثر من نصفهم قتلوا وتم إخفاء جثثهم، إلى جانب استمرار الحرب بقوتها لأشهر وتدمير كافة المقومات الحياتية، في خطوة من قبل الاحتلال الذي فشل في تهجير المواطنين قسرًا بتهجيرهم طوعًا بعد انعدام سبل الحياة بشكل كامل"، وفقًا لـ"القدس العربي".

و"النكبة" مصطلح يطلقه الفلسطينيون على اليوم الذي أُعلن فيه قيام إسرائيل على معظم أراضيهم بتاريخ 15 مايو 1948.

 

النكبة في أرقام

بينما يحيي الفلسطينيون في 15 مايو من كل عام ذكرى نكبة عام 1948، التي مرّ عليها 76 عامًا، وجرى خلالها تهجيرهم من مدنهم وقراهم وإقامة دولة الاحتلال على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، إذا بهم يتعرضون خلال أكثر من سبعة أشهر لنكبة ثانية هي الأبشع لاسيما على سكان غزة. نكبة جديدة لا تختلف كثيرًا من حيث الأهداف عن الأولى، لكن أرقام الشهداء والمجازر وعمليات التهجير والطرد، هي وحدها التي اختلفت.

ووفق المركز الفلسطيني للإحصاء، فإن الاحتلال الإسرائيلي قد ارتكب خلال نكبة عام 48 قرابة 70 مجزرة بحق السكان الآمنين، راح ضحيتها قرابة 15 ألف فلسطيني فضلًا عن فقدان أكثر من 15 ألف آخرين، إضافة إلى طرد أكثر من مليون فلسطيني من أصل مليون و400 ألف، كانوا يقيمون في 1300 قرية ومدينة عام 1948، من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى دول عربية مجاورة وأبرزها الأردن وسوريا ولبنان. هناك أقام اللاجئون مخيمات إلى يومنا هذا على أمل العودة إلى ديارهم التي هُجِّروا منها قسرًا.

وسيطرت إسرائيل في حينه على 774 قرية ومدينة فلسطينية، 531 منها تم تدميرها بالكامل، بينما تم إخضاع المتبقية إلى الاحتلال وقوانينه.

وفي النكبة أقيمت إسرائيل على أكثر من 85 بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة قرابة 27 ألف كيلومتر مربع.

ووفق التقرير، قتلت إسرائيل 134 ألف فلسطيني وعربي في فلسطين منذ عام 1948، إضافة إلى تسجيل نحو مليون حالة اعتقال منذ "نكسة" 1967، حين احتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.

ومع استمرار الحرب والنكبة الثانية على سكان غزة والتي وصفت بالأعنف منذ النكبة الأولى، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 2495 مجزرة بحق المدنيين منذ السابع من أكتوبر الماضي، عدا عن قتل أكثر من 35 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 79 ألفًا، وتهجير أكثر من مليون ونصف من أصل مليونين و300 ألف مواطن إلى مدينة رفح القريبة من الحدود مع مصر، بالإضافة إلى فقدان 7000 مواطن منذ بداية الحرب لا يُعرف مصيرهم بعد، سواء كانوا معتقلين داخل السجون الإسرائيلية أم تم دفنهم في مقابر جماعية.

 

تضاعف عدد الفلسطينيين 10 مرات

ويذكر جهاز الإحصاء المركزي أن "عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم بلغ 14.63 مليون نسمة في نهاية عام 2023"، مشيرًا إلى "تضاعف عدد الفلسطينيين نحو 10 مرات منذ أحداث نكبة 1948".

ويوضح أن الفلسطينيين يتوزعون في أنحاء العالم على النحو التالي: "5 ملايين و500 ألف فـي دولة فلسطين (الضفة الغربية بما فيها القدس وغزة)، وحوالي مليون و750 ألفًا في أراضي 1948 (إسرائيل)، بينما بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية حوالي 6 ملايين و560 ألفًا، وحوالي 772 ألفًا في الدول الأجنبية"، وفقًا لـ"الأناضول".

ويتوزع الفلسطينيون كالتالي: "3 ملايين و200 ألف في الضفة الغربية، 477 ألفًا منهم في القدس الشرقية، كما يوجد مليونان و100 ألف في قطاع غزة، بينما العدد المتبقي في الشتات (خارج فلسطين التاريخية)"، وفق المصدر ذاته.

ويقول التقرير الإحصائي، إن "الفلسطينيين يشكلون نحو 49.9 بالمئة من السكان المقيمين في فلسطين التاريخية، بينما يشكل اليهود ما نسبته 50.1 بالمئة، لكنهم يستغلون أكثر من 85 بالمئة من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية".

وبذلك، يضيف جهاز الإحصاء، يبلغ "عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية حوالي 7 ملايين و300 ألف، في حين يقدر عدد اليهود بنحو 7 ملايين و200 ألف مع نهاية عام 2023".

وعن الكثافة السكانية يوضح التقرير الفلسطيني أنها "582 فردًا لكل كيلومتر مربع في الضفة الغربية، و6 آلاف و185 فردًا لكل كيلومتر مربع في قطاع غزة، كما هو في نهاية 2023".

 

استيطان واعتقالات

ومنذ أحداث النكبة وحتى الوقت الراهن، تستمر سياسات الاعتقال الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ويذكر جهاز الإحصاء المركزي الرسمي أنه تم تسجيل أكثر من مليون حالة اعتقال منذ عام 1967، مشيرا إلى وجود نحو 9 آلاف و400 أسير حاليًا في سجون إسرائيل.

على الصعيد الاستيطاني، يشير التقرير الفلسطيني إلى أن "عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ نهاية عام 2022 في الضفة الغربية 483 موقعًا، منها 151 مستعمرة (مستوطنة) و25 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة".

كما يتحدث عن "163 بؤرة استعمارية، و144 موقعًا آخر يصنف مناطق صناعية أو سياحية أو خدماتية ومعسكرات للجيش".

وقال "الإحصاء الفلسطيني" إن عدد المستوطنين في الضفة الغربية "بلغ 745 ألفًا و467، وذلك في نهاية عام 2022، معظمهم يسكنون محافظة القدس بواقع 336 ألفًا و272 مستعمرًا".

 

حرب مستمرة

وتحل ذكرى النكبة بينما يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 مخلفًا عشرات آلاف القتلى والجرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

ويقول جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني في تقريره، إن خسائر قطاع غزة المباشرة جراء الحرب الإسرائيلية الحالية بلغت نحو "30 مليار دولار"، مشيرًا إلى "تدمير أكثر من 31 ألف مبنى، وتضرر حوالي 17 ألف مبنى بشكل كبير، و41 ألف مبنى بشكل متوسط".

وبموازاة حربه على غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي عملياته بالضفة، مخلفًا 498 قتيلًا ونحو 5 آلاف جريح منذ 7 أكتوبر، إضافة إلى آلاف الاعتقالات، وفق معطيات وزارة الصحة الفلسطينية.

ويشير "الإحصاء المركزي" إلى أن إسرائيل "قامت خلال عام 2023 بهدم وتدمير ما يزيد عن 659 مبنى ومنشأة بالضفة الغربية" وأصدرت "1333 أمر هدم لمنشآت فلسطينية بحجة عدم الترخيص".

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربًا على غزة خلفت أكثر من 114 ألفًا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وقرابة 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورًا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.