حافظ سعر الدولار على استقراراه في منتصف تعاملات اليوم الأحد 5 مايو 2024، إذ سجل سعره في البنك المركزي نحو 47.89 جنيه للشراء، و48 جنيهًا للبيع.

وتناول العديد من الخبراء الاقتصاديين أزمة الدولار في مصر ومستقبله خلال الشهور القادمة؛ إذ رجّح العديد منهم انخفاض سعر الدولار لـ 40 جنيهًا.

وأوضح الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أمس السبت، إمكانية انخفاض سعر الدولار لأقل من 40 جنيهًا.

وقال بدرة، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "الحكاية"، المُذاع عبر فضائية "إم بي سي مصر"، إن هناك تقارير كثيرة تعتمد على التقديرات والتدفقات النقدية القادمة تفيد بانخفاض سعر الدولار لأقل من 40 جنيهًا.

وأشار إلى أنه من الممكن أن ينخفض الدولار لأقل من 40 جنيهًا فهناك من يتحدث أنه سينخفض لأقل من 40 جنيهًا أو 40 جنيهًا أو 45 جنيهًا، وفقًا لـ"مصراوي".

وأوضح أن انخفاض الدولار شق إيجابي جدًا لكن المهم الحفاظ على استمراريته، مشددًا على ضرورة الاستمرارية في تحسين قدرات التدفقات النقدية لضمان استمرار تحسن قيمة الجنيه.

 

مستقبل الدولار

وتحدث أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان الدكتور عمرو سليمان عما ينتظر الاقتصاد المصري بعد مشاكل كبرى واجهته خلال الـ50 عامًا الماضية في ظل ارتفاع أسعار الدولار.

وأكد سليمان أنه يجب التفرقة بين مشكلة الدولار وأزمة الدولار، مشيرًا إلى أن مصر تعاني من مشكلة هيكلية تتعلق بصافي التدفقات من العملة الأجنبية الداخلة والخارج من الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أنه خلال الـ 50 عامًا الأخيرة تعاني مصر من أن الواردات ضعف الصادرات، وهناك قصور شديد في العملة الأجنبية، يتم تعويضه من السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، وقناة السويس، وباقي المصادر الدولارية في مصر، فضلًا عن المنح والقروض وهو ما يحقق التوازن وفي بعض الأوقات الفائض من العملة في مصر.

وأوضح في تصريحات لـ"روسيا اليوم" أن الاقتصاد على مدار الـ 50 سنة الماضية يعاني من نقص أو تسرب العملة الأجنبية للخارج، مشيرًا إلى أن هذه المشكلة الهيكلية يكون حلها في زيادة الصادرات وتغيير في الهيكل الاقتصادي تقوية لبعض القطاعات وأهمها الصناعة، وتصدير الخدمات وتكنولوجيا المعلومات والأدوية والسلع الغذائية، مما ينعكس على تحسين الاقتصاد.

وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة تنفيذ إستراتيجية لجذب الاستثمارات الأجنبية، تتضمن تيسير الإجراءات والقضاء على البيروقراطية، ومكافحة الفساد، والسياسات الاقتصادية المستقرة التي تتمثل في السياسة النقدية، وليس فقط السياسة المالية.

 

"3.5 مليار دولار فقط"

وفي تعليقه على أزمة الدولار في مصر، لفت الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المصري الأمريكي محمود وهبه، إلى بعض أسباب تراجع قيمة الجنيه بالبنوك والسوق السوداء مجددًا بعد 40 يومًا من ثبات سعر صرفه مقابل الدولار برغم الإعلان عن مساعدات وقروض وأموال بنحو 50 مليار دولار، للبلاد.

وأوضح أنه "لم يدخل للخزينة المصرية من تلك الأموال إلا 10 مليارات دولار هي الشريحة الأولى من صفقة (رأس الحكمة) مع الإمارات"، مبينًا أن "ما ستحصل عليه الميزانية العامة للدولة هو فقط 3.5 مليار دولار، والباقي من تلك الأموال هو ملكية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة"، وفقًا لـ"عربي 21".

وأكد أن "باقي الأموال المعلن عنها هي مجرد وعود بقروض"، ملمحًا إلى أنه في المقابل فإن "مصر غارقة في الدولارات من المال الساخن، والتي تبلغ قيمته نحو 23 مليار دولار"، مبينًا أن "الكل يعرف أنه لا يمكن ضمان أو الاعتماد على المال الساخن".

 

إيرادات عارضة والأزمة أكبر

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن "أزمة الدولار في مصر لم تُحل على مدار الشهرين السابقين"، موضحًا أن "ما حدث هو أن هناك نوع من التدفقات المالية التي ليس لها صفة الاستدامة ولكنها إيرادات عارضة".

وأعرب عن أسفه الشديد من أنه "يقابل تلك التدفقات التزامات ثابتة متمثلة في أقساط القروض الخارجية والفوائد المدفوعة عليها".

الصاوي، واصل وصف الحالة المصرية وأسباب عودة ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، مشيرًا إلى أنه "وفي الوقت ذاته يتأثر دخل مصر من السياحة بسبب أحداث الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي".

ولفت أيضًا إلى أنه "لازال الاقتصاد المصري يعاني بشكل كبير من تراجع الإنتاجية"، مؤكدًا أن "هذا كله له أثره على ميزان المدفوعات، والميزان التجاري على وجه التحديد".

"فضلا عن أزمة الطاقة التي عادت تطل برأسها مرة أخرى على مصر"، ملمحًا إلى أن "الميزان التجاري البترولي وصل إلى عجز وصل حولي 4 مليارات دولار بالعام المالي (2022/ 2023)، وأيضًا بالنصف الأول من (2023/2024)".

وأكد أن "هناك عجزًا في الميزان التجاري البترولي وهذا واضح في أزمة الكهرباء ومحاولات تنظيم إمدادات البيوت والمصانع بالكهرباء عبر خطة لتخفيف الأحمال".

وأشار إلى أنه "لم تكن هناك إدارة صحيحة لقضية الطاقة، بالتوسع في تصدير الغاز الطبيعي من حقل (ظُهر) فضلًا عن تراجع الإنتاج منه الفترة الماضية"، مضيفًا أن "بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقول إن إنتاج مصر من الغاز والنفط أقل من الاستهلاك على مدار الشهور الستة الماضية".

الخبير الاقتصادي، خلص للقول إن "كل هذا يزيد من الطلب على الدولار، وبالتالي الجهات غير الحكومية من القطاع الخاص والقطاع العائلي أصبحت مرة أخرى في أزمة لتوفير الدولار، وليس أمامها سوى السوق السوداء".

وختم بالقول: "وأحسب أنه بعد مجيئ الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة (10 مليارات دولار) يستمر الوضع في شبه استقرار لشهر أو على الأكثر 40 يومًا، ثم تعود الأزمة مرة أخرى إلى ما كانت عليه، ليصعد سعر الدولار مقابل الجنيه مرة أخرى".

 

"لن يتعدى هذا الحد"

وفي رؤيته، أرجع الكاتب والباحث والمحلل الاقتصادي المصري محمد نصر الحويطي، ارتفاع الدولار في السوق المحلي إلى أنه "مردود ارتفاع العملة الأمريكية في السوق العالمي خلال الأسبوعين الأخيرين، لأسباب منها ارتفاع مبيعات قطاع التجزئة الأمريكية، وانتظار الفيدرالي الأمريكي المزيد من خفض الفائدة الفترة المقبلة".

الحويطي، أكد أن "هذه الإجراءات الأمريكية تقوي بلا شك قيمة الدولار اقتصاديًا، ولو راجعنا الأخبار المتابعة لحركة سعر الدولار ستجد أن العملة الخضراء ارتفعت أمام سلة العملات كلها".

ولفت إلى أن "مصر رغم حصولها على جزء من أموال صفقة رأس الحكمة تواجه أزمات مثل فوائد خدمة الدين وأقساط خدمة الدين"، معتبرًا أنها "سبب استمرار الفجوة الدولارية؛ خاصة وأن المؤشرات تشير لتراجع تحويلات المصريين من الخارج خلال عام 2023 قياسًا للعام السابق عليه"، مؤكدًا أن "هذا يزيد الفجوة الدولارية".

وفي تقديره للحدود المحتملة لعملية تراجع سعر الجنيه وارتفاع الدولار، وما إذا كان الجنيه أمام أزمة ينفرط فيها عقده مجددًا، مع تلاشى تأثير قرارات التعويم الأخيرة ورفع سعر الفائدة في 6 مارس الماضي، قال الحويطي: "لا شيء يسمى حدود التراجع".

وأضاف: "لكن توقعاتي الشخصية أن الجنيه لن يتراجع مجددًا أمام الدولار، والدولار لن يرتفع مجددًا أمام الجنيه بوتيرة أوسع"، مؤكدًا أنها "مسألة وقتية، ومازلت عند رأيي بأن حدود حركة الدولار أمام الجنيه ستظل في منطقة الأربعينات، بحد أدنى 42 و43 جنيهًا وبحد أقصى 48 جنيهًا، في هذه المنطقة".

ويرى أن ارتفاعات الأيام الأخيرة "قد تكون مجرد مضاربات في كميات قليلة من العملة الأمريكية في السوق السوداء المحلية، لا أكثر ولا أقل".