تنطلق غدًا الاثنين أولى جلسات المرافعات الشفهية التي تعقدها محكمة العدل الدولية في لاهاي، لإعطاء رأي استشاري حول "الممارسات الإسرائيليّة التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينيّة المحتلة، بما فيها القدس الشرقيّة"، بعد قرار من الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في 30 ديسمبر2022، (القرار 77/247)، بمشاركة 52 دولة وثلاث منظمات إقليميّة، وهو أعلى رقم لمشاركة دول في محكمة العدل الدولية منذ إنشائها عام 1954.

 

وعن الخطوات التي يُمكن فعلها في حال صدر القرار لصالح الفلسطينيين وضد الاحتلال، قالت المشاركة في قسم القانون الدولي لحقوق الإنسان في جامعة نبريجا الإسبانيّة، سونيا بولس: "هذا يتعلق بفحوى الرأي الصادر عن المحكمة. في عام 1970، طُلب من المحكمة إصدار رأي استشاري بشأن العواقب القانونيّة لاستمرار وجود جنوب أفريقيا في ناميبيا (جنوب غرب أفريقيا). بعد أن تبين أن جنوب أفريقيا فشلت في ضمان رفاهية وأمن السكان الأصليين في ناميبيا، أنهت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966 انتداب جنوب أفريقيا وأعلنت أنها ليس لها الحق في إدارة الإقليم".

 

وتابعت "في عام 1969، دعا مجلس الأمن جنوب أفريقيا إلى سحب إدارتها، التي أشار إليها باسم (الاحتلال)، وفي عام 1970 أعلن أن (الوجود المستمر) لجنوب أفريقيا في ناميبيا غير قانوني، في رأيها الاستشاري رأت محكمة العدل الدولية أنه في غياب انتداب صالح، ليس لدى جنوب أفريقيا أي أساس قانوني لاستمرار وجودها في ناميبيا، وبالتالي فهي ملزمة بالانسحاب غير المشروط من الإقليم".

 

وأضافت "عندما تفشل دولة ما بشكل صارخ أو منهجي في الوفاء بالتزام ناشئ عن قاعدة قطعية، مثل الحق في تقرير المصير للشعوب، فإن الدول الأخرى ملزمة بوضع حد لهذا الانتهاك، بما في ذلك عدم الاعتراف بهذا الوضع، أو تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ عليه. وفي حالة ناميبيا، كانت الدول ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية مطالبة جنوب أفريقيا بالملكية شبه السياديّة على الإقليم، والامتناع عن الدخول في تعاملات اقتصاديّة وغيرها من المعاملات مع جنوب أفريقيا، الأمر الذي قد يرّسخ سلطة جنوب أفريقيا على ناميبيا".

 

ولفتت بولس إلى تشابه الاحتلال العسكري والانتداب من حيث "إن كلاهما إدارات إقليميّة، ويفترض أنهما مؤقتتان، وكلاهما يفرض التزامات على المسؤول لضمان رفاهية وأمن السكان المحليين"، مضيفة إلى أنه "غني عن القول إن محكمة العدل الدولية خلصت، في رأيها بشأن الجدار، إلى أن بناء الجدار في الأراضي المحتلة غير قانوني، لأن جدار الفصل والنظام المرتبط به يخلقان "أمراً واقعاً" على الأرض يمكن أن يصبح بمثابة ضم فعلي. وشددت على واجب الدول بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار، أو تقديم المساعدة لترسيخه".

 

وأشارت بولس إلى أنه في حال توصلت محكمة العدل الدولية إلى نتيجة مفادها "أن الاحتلال الإسرائيلي ككل غير قانوني كما ذكرنا سابقًا، فهذا يعني أن زوال الاحتلال من وجهة نظر قانونية يجب أن يكون فوريًا ولا يجوز اشتراطه بالمفاوضات، كما تدعي الدول الداعمة لإسرائيل".

 

وتابعت "لتسريع إنهاء الاحتلال المحكمة يمكنها إصدار توصية مماثلة لتلك التي صدرت في قضية ناميبيا، وهذا يمكن أن يفتح الباب أمام إجراءات سياسيّة وقانونيّة مختلفة، ويمكن أن يكون بمثابة أساس لمطالبة الدول اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل الامتناع عن الدخول في تعاملات اقتصاديّة وغيرها من التعاملات مع إسرائيل، أو اتخاذ إجراءات قانونيّة ضد الدول أو الشركات التي تفشل في الوفاء بالتزاماتها بعدم الاعتراف، أو تقديم المساعدة للأوضاع غير القانونيّة الناتجة عن حرمان الشعب الفلسطيني من الحق في تقرير مصيره".

 

وخلصت بولس إلى القول "إذا اعترفت المحكمة بأن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 يرقى إلى مستوى الجرائم الدوليّة المتمثلة في الفصل العنصري أو الاضطهاد كجريمة ضد الإنسانيّة، فسيكون هذا أمرًا حاسمًا للضغط على المحكمة الجنائيّة الدوليّة للمضي قدمًا في تحقيقاتها".