منذ بداية العام الجاري توفي ٤ معتقلين سياسيين في سجن بدر لسوء أحوالهم الصحية والإهمال الطبي المتعمد بحسب منظمات حقوقية، منهم النائب ببرلمان الثورة عادل رضوان عثمان عن دائرة ديرب نجم وإبراهيم العجيزي من دمياط، وتوفيا  أثناء احتجازهما بسجن بدر3.


الأحدث في وفيات سجن بدر طه أحمد هيبة الذي كان معتقلا داخل سجن بدر1 احتياطيا دون محاكمة على مدى 4 سنوات بخلاف شهور من الإخفاء القسري، وخرج منه إلى قبره.


ورفع اغتيال "هيبة" أعداد وفيات الإهمال الطبي بالسجون إلى 1184 معتقلاً، توفوا نتيجة الانتهاكات، داخل السجون والمعتقلات، ومقار الأمن الوطني وقوات الأمن غير القانونية، منذ انقلاب 2013 وحتى اللحظة.


عقد كامل، لم يتوقف فيه نزيف السجون، حيث يخرج المعتقل من قبر إلى قبر، وتتحول لحظات الانتظار الثقيلة -لفرحة التحرر واللقاء- بين لحظة وأخرى، إلى كابوس وجنازات وتشييع وحزن وجرح لن يندمل.


انتهاكات فجة

"لجنة العدالة لحقوق الإنسان" رصدت سوء الأوضاع المعيشة للمعتقلين وسط تهديدات نزلاء سجن بدر3 بالإضراب وقالت إن واقع الانتهاكات الفجة كشفت "الحملات الدعائية “البروباجندا” التي قامت بها السلطات المصرية لتحسين صورة السجون ومقار الاحتجاز أمام أنظار المجتمع الدولي".


وخصت المؤسسة المحتجزون السياسيين داخل مقار الاحتجاز والسجون في مصر والذين يعانون من تسلط غيرهم من غير السياسيين بإيعاز من مباحث السجون للتضييق عليهم.

وقالت إن الأوضاع المزرية للمعتقلين والانتهاكات التي يتعرضون لها؛ نتيجة لعدم وجود رقابة أو محاسبة داخل السجون والليمانات في مصر.


إضراب المعتقلين

وكشفت رسالة مسربة للمحتجزين سياسيًا داخل سجن بدر3، نيتهم إعلان الإضراب الشامل في حالة استمرار منع الزيارات العائلية عنهم والتنكيل بهم من قبل إدارة السجن.

ونقلت المنظمة رسالة عن المحتجزين أكدوا فيها أن إدارة السجن مصممة على حرمانهم من أبسط حقوقهم في التواصل مع ذويهم؛ سواء من خلال فتح الزيارات المنصوص عليها قانونًا في لائحة السجون المصرية أو حتى عن طريق الرسائل أو المكالمات، حيث تمنع الإدارة دخول أو خروج أي رسائل لاطمئنان المعتقلين على عائلاتهم والعكس!

وأشار المحتجزون إلى منعهم من قبل إدارة السجن من التريض أو التعرض لأشعة الشمس، وسط تهديدات بانتشار الأمراض بسبب التكدس ومنع الخروج من الزنازين.

وقالت “لجنة العدالة” إنه من الواضح غياب الإرادة السياسية في إصلاح أنظمة السجون ومقار الاحتجاز في مصر، ووضع حد للأزمة الحقوقية بالبلاد، فلا إصلاح حقيقي ملموس يمكن أن نلحظه في الملف الحقوقي بشكل عام، وملف السجون ومقار الاحتجاز بشكل خاص.


رسالة مسربة

وهدد مئات المعتقلين في رسالة مسربة في يناير من خلف قضبان سجن بدر3 بالتصعيد، لعدم التزام إدارة السجن بتعهداتها المتعلقة بفتح الزيارات، بعد حرمانهم منها لسنوات طويلة دون سند من القانون، وبالمخالفة لمواد الدستور والقوانين المصري والدولي والإنساني.

وأكد المعتقلون أنهم يتعرضون لحرب نفسية قاسية، تتمثل في حرمانهم من أبسط حقوقهم في التواصل مع العالم الخارجي أو محاميهم، مع حبس الكثير منهم في زنازين انفرادية، وحرمانهم من التريض والتعرض لأشعة الشمس، وعدم السماح لهم بالاتصال التليفوني أو بكتابة رسائل إلى ذويهم، أو وصول رسائل من ذويهم إليهم.

واتخذ المعتقلون نمط احتجاجي، بإغلاق (النضارة) نافذة ضيقة على أبواب الزنازين، ووضع سترات قماش على كاميرات المراقبة الموجودة داخل الغرف؛ كخطوة أولى للرد على تهرب إدارة سجن بدر3 من الاستجابة لمطلب فتح الزيارات لهم، خاصة وأن لكل منهم ما يعرف بالزيارة الطبلية كل شهرين، مما يقطع كل سبل التواصل مع العالم الخارجي، ويؤدي إلى استمرار حرمانهم من حقوقهم الأساسية لسنوات دون سند من القانون.

وسبق أن قالت "رسائل" نسبت إلى السجن نفسه بدر3 إن "عشرات المعتقلين حاولوا الانتحار للتخلص من معاناتهم، بينما دخل آخرون في إضراب مفتوح عن الطعام".


أصناف التعذيب

وأكدت منصة (#حقهم) الحقوقية أن التنكيل المستمر والانتقام استدعى دخول المعتقلين في إضرابات متكررة، وحاول عدد كبير منهم الانتحار كما قالت لجنة العدالة ومنظمات أخرى.


وعبر (اكس) @TheirRightAR قالت المنصة إن سجن بدر 3 يؤكد أنه أسوأ من العقرب، إذ استمر منع الزيارات عن معظم معتقليه للعام الثامن على التوالي، أضيف إلى ذلك منع التواصل -تماماً- مع الأهل والعالم الخارجي، بعد أن كان يتم خلسة أثناء الانتقال بين السجن والمحكمة.


وأضافت أن معظم المعتقلين يقضون سنوات عمرهم في زنازين انفرادية محرومين من التريض والتعرض لأشعة الشمس، والتعرف على أخبار أهاليهم، بالمخالفة للمادة 42 -سيئة السمعة- من قانون السجون، التي تقّيد المنع المطلق للزيارات. مردفة أن المعتقلين يتعرضون لسياسة تجويع مستمرة بتقديم كميّات طعام ضئيلة للغاية، مع غلق كافيتريا السجن.


وأكدت المنصة أن المعتقلين بالسجن يتعرضون للإهمال الطبي المتعمد، والحرمان من الحق في العلاج فضلا عن التفتيش المتكرر المصحوب بالاعتداء والضرب المبرح.


وافتتحت سلطات الانقلاب مجمع سجون بدربعد فترة وجيزة من إطلاق ما يسمى "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" في مصر في سبتمبر 2021.

وتعري أوضاع المعتقلين السالفة والمؤكدة بشهادات الأهالي ومعتقلين سابقين، مزاعم سلطات الانقلاب على أنه أيقونة نجاح في استبدال السجون التقليدية بمراكز إصلاح وتأهيل وفق المعايير الدولية الحقوقية!


ويرى حقوقيون أن الواقع العملي أثبت فشل كل تلك الدعايات، فما نفع تطوير المباني؛ والعقول التي تديرها كما هي بلا تغيير، وأنه على مدار أعوام؛ أعرب المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والحكومات الغربية، عن قلقه بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ودعا السلطات المصرية إلى احترام حقوق المعتقلين، ومع ذلك فإن أوضاع المعتقلين في مصر لا تزال متردية، وهناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات أقوى لإنهاء معاناتهم.