رأى المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل، اليوم الأربعاء، أن التوصل لصفقة تعيد الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بقطاع غزة لا تشكل أولوية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رغم احتجاجات عائلاتهم للمطالبة بإنجازها.

تحليلات المحلل العسكري البارز جاءت في مقال نشره بصحيفة "هآرتس" اليسارية، تعليقًا على مجريات المباحثات في مصر أمس الثلاثاء، بهذا الخصوص.

وعاد الوفد الإسرائيلي من القاهرة، الثلاثاء، بعد المشاركة في اجتماع رباعي ضم رئيس وكالة المخابرات الأمريكية ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات الإسرائيلية "الموساد" ديفيد بارنياع، بحسب هيئة البث العبرية.

وبحث الاجتماع صفقة لتبادل أسرى فلسطينيين وإسرائيليين ووقف إطلاق نار في قطاع غزة، دون أن يصدر عن الاجتماع أي بيان.

 

نتنياهو لا ينوي الاستسلام لشروط حماس في قضية الأسرى

وقال هارئيل: "في اللحظة الأخيرة، حصل الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ديفيد بارنياع، على موافقة بالتوجّه إلى القاهرة لحضور القمة الرباعية التي تهدف إلى إحياء مفاوضات صفقة الرهائن المتعثرة".

وأضاف: "لكن التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي ضيّق للغاية، ووصفت إسرائيل الشروط التي قدمتها حماس، وهي ليست طرفًا مباشرًا في المحادثات، بأنها غير مقبولة".

وتابع: "في الوقت الحالي، يبدو أن نتنياهو لم يمنح الوفد الكثير من السلطة للتصرف من تلقاء نفسه، ولا يبدو أن لديه السلطة لإجراء أي مفاوضات حقيقية".

ولفت إلى أن "الجنرال (احتياط) نيتسان ألون، رئيس وحدة جمع المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالرهائن في الجيش، لم ينضم حتى إلى الوفد".

وأشار هارئيل إلى أنه "تم تخصيص جزء كبير من المحادثة الهاتفية نهاية الأسبوع بين (الرئيس الأمريكي جو) بايدن ونتنياهو لجهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق".

وقال: "في هذه الأثناء، يتخذ نتنياهو موقفًا عدوانيًا علنًا، فهو لا ينوي الاستسلام لمطالب حماس، وستواصل إسرائيل استخدام القوة لمحاولة إنقاذ الرهائن، وسيستمر الضغط العسكري على حماس في خانيونس، كما يستعد الجيش لاجتياح رفح (جنوب قطاع غزة)".

وخلص هارئيل إلى أن "التقدم نحو صفقة أخرى من شأنها تحرير الرهائن الإسرائيليين مقابل وقف طويل لإطلاق النار وإطلاق سراح أعداد كبيرة من السجناء الأمنيين الفلسطينيين لا يشكل أولوية قصوى، بغض النظر عن احتجاجات عائلات الرهائن".

وتابع: "حاليًا، من المقرر أن يتم الهجوم على رفح في وقت لاحق، ويفضل الجيش التركيز أولًا على مخيمين للاجئين في وسط غزة".

ورأى أن "الحديث عن هجوم وشيك (على رفح وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي) على ما يبدو يهدف أساسًا للضغط على الدول العربية على أمل أن تتمكن من إقناع حماس بالبدء في البحث عن طريقة لإنهاء الحرب"، وفق قراءته.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، قالت الثلاثاء، إن اجتماعات القاهرة انتهت وسط إصرار حركة "حماس" على موقفها بإنهاء الحرب على القطاع، وهو ما لا تقبله إسرائيل، بينما لم يصدر بيان عن أطراف الاجتماع أو عن "حماس" حتى ظهر اليوم الأربعاء.

والثلاثاء، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المقرّبة من السلطات عن مصدر مصري رفيع لم تكشف هويته، قوله إن "أجواء اجتماع القاهرة الرباعي إيجابية، واستمرار المشاورات على مدار الأيام الثلاثة القادمة"، دون تحديد ما إذا كان الاجتماع انتهى أم لا، وهل ستكون المشاورات عن بُعد أم في القاهرة.

 

عدد الأسرى هو نقطة الخلاف

ومن جهته، نقل موقع "واللا" العبري عن مصادر إسرائيلية وأمريكية لم يسمها قولها، إن "الفجوة الرئيسية التي تمنع الانتقال إلى مفاوضات أكثر جدية كانت ولا تزال العدد الكبير من الأسرى الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم مقابل كل رهينة إسرائيلية وخاصة الجنود والمجندات".

ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي لم يسمه: "انتهت المحادثات في القاهرة بين إسرائيل والولايات المتحدة وقطر ومصر بشأن الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة دون تحقيق انطلاقة، لكن تم إحراز تقدم في فهم الفجوات التي يجب سدها من أجل الدخول في مفاوضات قد تؤدي إلى اتفاق".

وأضاف: "لقد كان اجتماعًا جيدًا، وجميع الأطراف التي شاركت فيه تبذل جهدًا كبيرًا لمحاولة تحقيق انفراجة. وكانت هناك مناقشة معمقة لمختلف الفجوات المتبقية، بما في ذلك مسألة السجناء".

وتابع المسؤول الإسرائيلي: "غادرت جميع الأطراف الاجتماع وعليها واجبات، وبعد ذلك سيكون من الممكن معرفة ما إذا كانت شروط المفاوضات الفعالة قد استوفيت".

وأردف أن "وسطاء مصريين وقطريين سيعقدون محادثات مع حماس في الأيام المقبلة لفهم ما إذا كانت مطالبها بشأن الأسرى مجرد موقف أولي ستكون الحركة مستعدة للتخفيف منه للدخول في مفاوضات جادة".

واعتبر المسؤول الإسرائيلي أنه "بدون تخفيض كبير في عدد الأسرى الذي تطالب بهم حماس، فلن يكون هناك أي تقدم".

 

أهالي الأسرى يهددون بالاعتصام أمام وزارة الدفاع

وفي الإطار نفسه، هدد أهالي المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، بالاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، إذا واصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهلهم ولم يلتق بهم.

جاء ذلك في بيان ممثلي أهالي المحتجزين، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، على خلفية تقارير برفض نتنياهو إرسال وفد إسرائيلي إلى القاهرة الخميس، لاستئناف المفاوضات بشأن صفقة لتبادل الأسرى.

وقال البيان: "تلقى أهالي المختطفين بدهشة قرار إفشال مفاوضات القاهرة".

واعتبر أهالي المحتجزين، أن الوفد الإسرائيلي الذي شارك في المفاوضات الأخيرة بالعاصمة المصرية، تلقى تعليمات بأن يكون "مجرد مستمع سلبي".

وقالوا إنهم يطالبون بـ"عقد اجتماع فوري مع وزراء المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر (الكابينت) برئاسة نتنياهو، وكذلك مع فريق التفاوض الإسرائيلي".

وهددوا بأنه حال لم يحدث ذلك، فإنه "ابتداء من الغد، سيبدأ الاعتصام الشامل أمام قاعدة الكرياه"، التي تضم وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وأضافوا: "إذا فكر رئيس الوزراء وبعض أعضاء الكابينت في التخلي عن المختطفين حتى الموت، فسوف يواجهون ملايين الإسرائيليين الذين يدركون أنه غدًا سيتم التخلي عنهم وعن أطفالهم مرة أخرى من قبل نفس الأشخاص".

وسبق أن سادت هدنة بين "حماس" وإسرائيل لمدة أسبوع حتى 1 ديسمبر الماضي، جرى خلالها وقف إطلاق النار وتبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة للغاية إلى غزة، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.

وتقدّر تل أبيب وجود نحو 134 أسيرًا إسرائيليًا في غزة، بينما تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 8800 فلسطيني، بحسب مصادر رسمية من الطرفين.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل الخاضعة لمحاكمة أمام "العدل الدولية" بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين، حربًا مدمرة على غزة خلَّفت حتى الثلاثاء 28 ألفًا و576 شهيدًا و68 ألفًا و291 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، بحسب السلطات الفلسطينية.