لا يكف المصريون عن الحديث عن الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، إذ تجاوز 65 جنيهًا مقابل الدولار الواحد في السوق الموازية، وبلغ في بعض المعاملات 67 جنيهًا للدولار الأربعاء.


وفي الوقت ذاته، ظل سعر صرف الدولار ثابتًا في البنوك الرسمية وشركات الصرافة المعتمدة من الدولة عند ما يقرب من 31 جنيهًا للدولار منذ مارس الماضي، وهو ما يعني أن سعر الدولار في السوق الموازية تخطى ضعف سعر صرفه الرسمي.


وتزامنت الزيادة الأخيرة في سعر صرف الدولار في السوق الموازية مع الزيارة التي قامت بها بعثة صندوق النقد الدولي لمصر لمناقشة قرض بنحو 3 مليارات دولار لمصر، وذلك لتخفيف الضغوط على الاقتصاد المصري نتيجة الحرب في قطاع غزة.


وحسب بيان نشرته وكالة “رويترز” فإن بعثة صندوق النقد برئاسة إيفانا فلادكوفا هولر “تواصل المناقشات بخصوص المراجعة الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح المصري”.


ويطالب صندوق النقد بحزمة اجراءات يرى أنها ضرورية لمواجهة العجز الكبير في الميزان التجاري لمصر، إذ تستورد مصر أكثر كثيرًا مما تصدر، ومن أبرز هذه الإجراءات تحقيق مرونة أكبر في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وهو ما يعني أن تسمح السلطات المصرفية في مصر بانخفاض قيمة الجنيه حسب العرض والطلب.


وتسمح السلطات في مصر حاليًا بسعر صرف مرن بشكل جزئي، إذ تسمح له بالتحرك في حدود سقف معين خشية حدوث انخفاض كبير في قيمة الجنيه، ما يؤدي إلى موجة واسعة من التضخم في الوقت الذي يعاني فيه المستهلكون أصلًا من ارتفاع قاس في الأسعار.


أسباب الارتفاع


وتعاني مصر من تراجع المعروض من الدولار لأسباب متعددة، منها تراجع إيرادات السياحة، التي تشكل مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبي، نتيجة تداعيات الحرب في غزة.


ووفقًا لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للتنمية، فإن خسائر مصر والأردن ولبنان مجتمعة خلال 3 أشهر من الحرب في غزة تجاوزت 10.3 مليارات دولار، ما يعادل 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا الدول.


ومن جانب آخر تراجعت إيرادات مصر من قناة السويس بنسبة 40% خلال شهر يناير الجاري، وذلك حسبما أعلن رئيس هيئة قناة السويس هذا الشهر، وذلك نتيجة تراجع حركة مرور السفن في القناة بنسبة 30% لتجنب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.


كما أسهمت التوقعات بتخفيض قيمة الجنيه المصري، وفق الإجراءات التي يطالب به صندوق النقد، في تراجع قيمة الجنيه.


ومن جانب آخر هناك طلب كبير على الدولار في مصر لسداد أقساط الديون الخارجية المستحقة على مصر وفوائدها التي تبلغ نحو 30 مليار دولار في عام 2024 حسب تقرير البنك المركزي المصري.


ونظرًا لتراجع المعروض من الدولار في مصر من جانب، وزيادة الطلب عليه لسداد الديون وفوائدها علاوة على سداد فاتورة الواردات الهائلة في مصر، فإن سعر صرف الدولار يرتفع بشكل مستمر في السوق الموازية التي لا سقف على سعر الصرف فيها، بخلاف البنوك الرسمية.


وقبل أيام خفضت وكالة “موديز” للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية”.


وعن أسباب تراجع تصنيفها لمصر قالت “موديز” في بيان إن الزيادة الكبيرة في مدفوعات الفائدة والضغوط الخارجية أدت إلى تعقيد عملية إصلاح الاقتصاد الكلي في مصر.