نشر جيش الاحتلال صورة جديدة زعم أنها لقائد أركان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف، وعلى سبيل التحريض خرج الناطقون باسم جيش الأعداء ليحرض عليه لإمساكه بدولارات بيده اليسرى وكوب شاي بعبوة بلاستيكية بيده اليمنى هو ورفيقه في الصور التي سبق ونشرها مدعيا أنه عثر عليها في حاسوب أثناء اقتحامه أحد بيوت قطاع غزة.


وتعود الصورة (الثانية التي تزعم قوات الاحتلال إنها عائدة للضيف) للعام 2018، ولم يؤكد أي طرف، غير إسرائيل، ما إذا كان هو الضيف الذي تنتشر صوره على منصات التواصل الاجتماعي أم شخص آخر. 


وقال متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: "صورة المدعو، محمد الضيف، مع الدولارات"، و"تم كشفها من أحد الحواسيب التي تم ضبطها خلال العملية البرية في غزة". وأضاف: "انظروا إلى الصورة، هذا ما يهم قادة حماس، الأموال، الدولارات". وتابع: "قادة حماس في النعيم وشعب غزة في الجحيم". 


وأظهرت الصورة رجلا أشيب الشعر ملتحيا يحمل نقودا في يده اليسرى وكوبا بلاستيكيا في يده اليمنى، في حين أنه هو نفسه من زلزل أركان العدو باعتباره أحد العقول المدبرة للهجمات المباغتة التي شنتها حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية، في 7 أكتوبر 2023، فضلا عن نجاته من نحو 5 إلى 6 محاولات اغتيال نجا منها بأعجوبة.


منى عمري وعبر (اكس) @MonaOmary قال: "تعليق سريع على صورة محمد الضيف التي نشرها دانيال هغاري الليلة وروج لها بسياق أنها إحدى المعلومات المهمة التي تم الحصول عليها من الاعترافات التي جمعتها إسرائيل ممن استسلموا في جباليا، يقصد رجال المقاومة على حد تعبيره. 


وأضافت "درست موضوع البروبوغندا والتخطيط الاستراتيجي في اللقب الثاني، مهتمة بتأثير الصورة الاعلامية على عقل الفرد والجماعة منذ سنوات، وعليه أقول هذه أغبى صورة ممكن ان يستخدمها ناطق بلسان جيش في كل الكوكب، لماذا!؟ 


وأوضحت "لأنه وبينما يوصل هچاري لجمهوره وللعالم رسالة أنه قادر على الحصول على صورة جديدة للضيف وأن استخبارات بلاده التي أثبتت فشلها أول الحرب تعمل بشكل عظيم الآن وتجلب صورة للضيف، وقع الصورة يقول التالي: 

الرجل الذي تبحث إسرائيل عنه منذ بداية تسعينات القرن الماضي، يجلس بهدوء في وضح النهار، غير خائف، حافي يعني غير جاهز للهروب لأنه متأكد أنه آمن، لا يعيش في الأنفاق كما روجت إسرائيل لجمهورها، يحمل بيده اليمنى قهوة (يعني لولا شوي في رحلة طبيعة) وبالثانية يحمل دولارات، وهذه وقعها أخطر على الجمهور الإسرائيلي الذي سيفهمها أن حماس تملك أموالا طائلة والحصار لم يؤثر عليها، والأهم أن الرجل ينظر للساعة، وهذه تعطي وقع أنه يدير الأمور ويدبر بسلاسة".


وخلصت إلى أن ".. الصورة ساهمت بجعل الرجل أسطورة هذه المرة في عقول الإسرائيليين.. طبعا إذا كانت هذه أصلا صورة محمد الضيف".


إن كانت صحيحة

واتفق المحلل السياسي إبراهيم المدهون من غزة عبر (اكس) @ibmadhun مع هذا المنحى.. وقال: "الصورة المزعومة لقائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف التي نشرها الاحتلال إن كانت صحيحة، هي شرف كبير للحج أبو خالد حفظه الله، وتظهر جوانب إنسانية وتربوية عميقة، ولاقت قبولا واسعا ومحبة في قلوب الملايين من شعبنا وأمتنا".


وأضاف "هيئة بسيطة يشرب الشاي بكوب بلاستيك بين جنده وفي خنادقهم، يلاطفهم ويمازحهم، ويعد لطوفان الأقصى التي أحرق الاحتلال، هذه الصورة المنتقاة أراد العدو بطريقة سخيفة الإساءة لرمز المقاومة وعنوانها، فأحسن إليه أن رفع ذكره وأوضح جوانب نحتاج لمعرفتها عن أبي خالد".


وتابع: "وحقيقة في وجهه نورا قد سابق القمرا، لم نكن نعرف أن قائد القسام رغم إصاباته ورغم مطاردته واختفائه أن الضيف بهذه الهيئة المبهجة، وقد زاد يقيننا أن الله سيكتب له النصر والظفر، وسيدخل المسجد الأقصى معززا مكرما، يقود رجاله وكتائبه وشعبه وأمته للتحرير".


جيش الأغبياء

واعتبر الصحفي الغزاوي أدهم أبو سلمية @adham922 أن "جيش العدو الصهيوني غبي جداً..بعد اكتشافه لحذاء السنوار ينشر الآن صورة لرجل يدعي أنه #محمد_الضيف وهو يحمل بعض النقود في محاولة يائسة لإثارة جدل داخلي بين المقاومة والحاضنة الشعبية..".


وأوضح "لكن سر الغباء أن العالم يُدرك ان الضيف لو أراد الدنيا لنالها من أوسع أبوابها، ولو أرادها لما سخر حياته كلها للجهاد فما من مكان في جسده إلا وفيه شظية أو جرح..".


وزعم حساب الصهاينة الناطق بالعربي أن جيشهم عثر على الصورة "في جهاز حاسوب تم ضبطه خلال العملية البرية في غزة" مدعيا أن حفنة الدولارات من "المساعدة القطرية".


اهتمام بالصورة

ولكم تمنى الاحتلال أن ينال من الأصل لا من الصورة، ومحمد الضيف قائد كتائب القسام هي الأمر الوحيد الذي باتت سلطات الاحتلال متأكدة منه على ما يبدو، فبعد سنين من المعلومات الاستخبارية التي نشرتها عن صحة الضيف وكونه يسير الكتائب وهو مقعد على كرسي متحرك! عادت وقالت إنها حصلت على مقاطع فيديو تظهره بصحة جيدة، رغم تقديراتها السابقة بأنه فقد القدرة على الحركة.


الضيف تعرفه الأمة الإسلامية فضلا عن العربية ويعرفون الهتاف "حط السيف قبال السيف وإحنا رجال محمد ضيف" وعنده يضطرب الاحتلال رعبا، فهو من أعلن في 7 أكتوبر 2023، إطلاق عملية طوفان الأقصى التي عدها مراقبون الأكبر والأعمق منذ حرب أكتوبر 1973.


طوفان الأقصى بدأتها كتائب عز الدين القسام فوضعت الكيان وما زالت تحت النار. وأسقطت مستوطنات بمنطقة غلاف قطاع غزة. وعبر البر والبحر والجو، انطلق جنود القسام "رجال محمد ضيف" الأكثر ترديدا، كما يطلقون عليه "صوت المقاومة"، "صوت القسام"، و"وزير الدفاع"، وفي إسرائيل فيطلقون عليه “رأس الأفعى” و”ابن الموت”، لوقوفه وراء عمليات عسكرية كبرى استهدفت الاحتلال خلال سنوات.


وبعد أكثر من 70 يوما على العدوان على غزة في أكتوبر 2023، ذكر إعلام عبري أن محمد الضيف “في وضع صحي جيد” ويتحرك على قدميه دون مساعدة أو كرسي متحرك.


وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن الأجهزة الأمنية للاحتلال لديها مقاطع فيديو تظهر الضيف بصحة جيدة، رغم تقديراتها السابقة التي ادعت أنه فقد قدرته على الحركة الطبيعية، بسبب إحدى محاولات الاغتيال التي تعرض لها.


عمليات ضد الاحتلال

وخلال مسيرته في المقاومة، أشرف القائد العسكري محمد الضيف على عمليات عدة ضد الاحتلال، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994.


وردا على اغتيال يحيى عياش في 5 يناير 1996، خطط الضيف لعمليات استشهادية انتقاما للقائد القسامي البارز، أوقعت عشرات القتلى في صفوف الاحتلال.


وخلال 2002، تسلم القائد محمد الضيف القسام بعد اغتيال قائدها العام صلاح شحادة. وكشفت العمليات التي قادها منذ ذلك الحين، عن قدرته الكبيرة في التخطيط والتنفيذ، التي أقّضت مضاجع الاحتلال، عبر عمليات نوعية أوقعت مئات القتلى والجرحى.


وفي معركة العصف المأكول عام 2014، وجه الضيف في تسجيل صوتي رسائل سياسية وعسكرية إلى أطراف داخلية وخارجية. وأتبع الكلمة تصويرا لعملية ناحل عوز، التي نفذتها القسام خلف خطوط جيش الاحتلال، وقتلت خلالها عددا من جنوده من دون أي خسائر بصفوفها.


وفي أثناء المعركة (2014) تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الخامسة. ورغم نجاته منها إلا أنها أدت إلى استشهاد زوجته وطفله الرضيع خلال وجودهما في منزل بحي الشيخ رضوان شمالي القطاع.

 

عجز الاحتلال

سلطات الاحتلال التي تتباهى بصور الضيف التي تعود ل2018 تدعي أنها تمتلك أفضل أجهزة الاستخبارات والتجسس بالعالم، لا تملك صورة حديثة لوجهه.


قدرة الضيف المتميزة على التخفي، أبرزت عجحز الاحتلال فخلال جنازة والدته في يناير 2011، إذ حضر عدد كبير من قيادات “حماس” الجنازة. فيما لم يعرف أحد إن كان محمد الضيف قد حضرها أم لا، بل إنه تردد حينها، أنه حضر ولم يعرفه أحد.


ولم يظهر الضيف في أماكن عامة، لدرجة أنه وفق أهالي غزة “إن ظهر فلن يعرفه أحد”. إذ أنه لا يحب الظهور، كما أنه لا يستخدم التكنولوجيا. وخلال جميع العمليات السابقة، فإنه نادرا ما اضّطر لبث رسائل صوتية، لأهداف متعلقة غالبا بإثبات بقائه على قيد الحياة.


الحس الأمني العالي، الذي تميز به محمد الضيف، ربما يفسر فشل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أو قوات السلطة الفلسطينية في الوصول إليه مرات عدة. رغم أنه يعد المطلوب الأول لدى إسرائيل، التي تعمل ليل نهار على تعقبه وتصيد الفرصة للإيقاع به.


خان يونس مسقط رأسه

وولد محمد الضيف، واسمه الحقيقي محمد دياب إبراهيم المصري، عام 1965، لأسرة فلسطينية أجبرت على مغادرة قريتها (القبيبة)، الواقعة في الأراضي المحتلة عام 1948، فكان مسقط رأسه مخيم خان يونس، جنوبي قطاع غزة.


وحصل الضيف على بكالوريوس العلوم من الجامعة الإسلامية بغزة عام 1987. وخلال دراسته برز في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما تميز بالتمثيل المسرحي فأنشأ فرقة (عائدون) الفنية الإسلامية.


وينتمي الضيف منذ الجامعة للفكرة الإسلامية، فانضم مبكرا إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية. ونهاية 1987، تعرف عبر نشاطه بالمساجد، على حركة “حماس”، ليتشرب فكرتها، ويصبح أحد أبرز قادتها.


يشهد له رفاقه في الحي الذي نشأ فيه بمخيم خان يونس، بأنه شخصية وديعة، وصاحب دعابة، وخفة ظل، وطيب القلب، إضافة إلى أنه يفضل العزلة، وفق وسائل إعلام عربية.


ونهاية ثمانينيات القرن الماضي، ومع بروز أدوار كتائب القسام على ساحة المقاومة الفلسطينية، التحق محمد الضيف بصفوفها، بعد أن نفذت عمليات عدة ضد أهداف إسرائيلية.


عقب ذلك، انتقل مع عدد من قادة القسام بقطاع غزة إلى الضفة الغربية، وأشرف فيها على تأسيس فرع للكتائب. ومع اغتيال القائد العسكري بالقسام عماد عقل عام 1993، برز الدور القيادي للضيف.


وقبل بروز اسمه وتوليه قيادة القسام، أسَرت إسرائيل محمد الضيف عام 1989. وقضى حينها عاما ونصف العام في سجون الاحتلال من دون محاكمة، بتهمة العمل في الجهاز العسكري (القسام) لحركة حماس.


كما اعتقلته السلطة الفلسطينية في مايو 2000، بطلب من إسرائيل. وتذكر مواقع عربية، أن ذلك الاعتقال كان ضمن تفاهمات، إذ كانت علاقته برئيس السلطة الراحل ياسر عرفات جيدة.


عقب الإفراج عنه، تعرض لمحاولة الاغتيال الأولى عام 2001 التي انتهت بالفشل. وفي العام التالي لها جرت المحاولة الثانية، عبر استهدافه بصاروخين إسرائيليين، أدى أحدهما لإصابته. وعالجه حينها قائد حركة حماس الطبيب الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، الذي اغتالته إسرائيل عام 2004.


وفي 2003، حاولت طائرة مقاتلة تابعة لقوات الاحتلال اغتيال محمد الضيف وعدد من قادة “حماس”. وذلك خلال اجتماع لهم في منزل بمدينة غزة، لكن الصاروخ أصاب الطابق الخطأ.


وبعد 3 سنوات، أصاب صاروخ شديد الانفجار منزلا كان الضيف يجتمع فيه مع قادة بكتائب القسام، لتنتهي المحاولة بالفشل مجددا، وقالت تل أبيب إنه أصيب بجروح بالغة، وادعت أنه بات مقعدا وفقد إحدى عينيه، فإن حماس لم تؤكد أو تنف الادعاء.


وفي 2021، عاد اسم محمد الضيف للواجهة وذلك مع تصاعد اعتداءات الاحتلال على القدس والأقصى، ومحاولته الاستيلاء على منازل فلسطينيين بحي الشيخ جراح، وتهجير سكانه قسرا، حيث وجه الضيف تحذيرا مباشرا للاحتلال، مشددا على أنه إذا لم يتوقف العدوان على الشيخ جراح، فإن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي. لينفذ تهديده في 10 مايو 2021، ويطلق عملية سيف القدس دفاعا عن الأقصى والشيخ جراح.