"كابوس جديد يحلق فوق رأس إسرائيل".. هكذا وصفت ماريسا نيومان، هذه الطائرات المصنوعة محليًّا بأقل التكاليف فاجأت القوات الإسرائيلية في عملية "طوفان الأقصى" وما زالت تثير الكثير من القلق في أوساط سلطة تل أبيب.
ووفقًا لتقرير نيومان الذي نشرته وكالة "بلومبيرج" فقد سلَّطت الضوء على هذا العنصر المؤرق لإسرائيل في قوة حركة حماس، مشيرة إلى أن طائرات حماس الرخيصة والمرتجلة تفوقت على الجيش الإسرائيلي بتقنيته العالية وتجهيزاته الفائقة.
طائرات حماس تفوقت على السياج الحدودي
طائرات دون طيار متاحة عبر الإنترنت مقابل مبلغ زهيد يصل إلى 6500 دولار، وفقًا لـ"بلومبيرج"، تمكنت في غمضة عين من الجيش الإسرائيلي من اختراق سياج حدودي تكلف مليار دولار، وتعطيل أنظمة اتصالات متقدمة، وتمهيد الطريق لاختراق ما زال يشكل صدمة لإسرائيل، وربما للعالم.
ويرى بنتسيون ليفينسون، الرئيس التنفيذي لشركة “هيف ندرونز” (Heven Drones) التي تزود الجيش الإسرائيلي بمسيرات ثقيلة وأخرى تعمل بالهيدروجين، أن الحرب مع حماس، دعوة لاستيقاظ جيوش الدرجة الأولى بشأن إمكاناتها الفتاكة، وقال “لدينا هذه المسيرات الضخمة، ولدينا طائرات وتقنيتنا أكثر تقدما بكثير”.
وقد كشف استخدام القسام مسيرات عن ثغرة كبيرة في الدفاعات الجوية والبرية التي تتبجح بها إسرائيل، حيث تفوقت هذه التكتيكات بميزانية ضئيلة على خصم أكثر تقدمًا بكثير.
طائرات حماس تشكل تهديدًا حقيقيًا
ومع اختراق أنظمة المراقبة ذات التقنية العالية، اجتاح الآلاف من مقاتلي حماس الحدود في الشاحنات والطائرات الشراعية، وقد رفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على كيفية التصدي للمسيرات، أو عن إخفاق أنظمة الإنذار المبكر، وقال “ستتم دراسة أسئلة من هذا النوع في مرحلة لاحقة” بعد الحرب.
ومع أن إسرائيل حدّثت نظام القبة الحديدية الذي يستخدم أجهزة اعتراضية للحماية من الصواريخ قصيرة المدى القادمة، من أجل اكتشاف المسيرات الكبيرة –كما يقول الموقع- فإن العديد من مسيرات حماس لا تزال قادرة على التسلل، علمًا أن الجيش يختبر نظامًا يعتمد على الليزر، مصممًا لاعتراض الصواريخ الأصغر حجمًا والصواريخ قصيرة المدى، ولكنه لن يكون جاهزًا قبل عام آخر على الأقل.
ومن بين الأنظمة التي طوّرتها هذه المبادرة، ويخضع الآن للاختبار الميداني في قواعد الجيش، تطبيق يربط بين كاميرتي هاتف محمول وأنظمة صوتية لمسح السماء بحثًا عن مسيرات، ويستخدم غلافًا مطبوعا ثلاثي الأبعاد يمكن تركيبه على المركبات، وتأمل المجموعة في طرح نظام التنبيه الرخيص بسرعة.
ولا تزال هجمات حماس بالمسيرات تشكل تهديدًا قويًا، حسب الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بإسرائيل، ليران عنتيبي، الذي يقول “إنها تمنحك القدرة على استخدام ذخيرة دقيقة أو موجهة، وهو أمر لم تكن تستطيع فعله إلا الدول المتقدمة جدًا حتى سنوات قليلة. بعقل إجرامي ومعدات صغيرة، يمكنك القيام بأشياء فظيعة مثل هجوم حماس الأول”.
وقد طوّرت حماس هذه التكتيكات -حسب الموقع- مع إيران والمهندس التونسي محمد الزواري، الذي قاد جهود الجماعة لتطوير المسيرات قبل أن تغتاله المخابرات الإسرائيلية في 2016، وقد أعطي اسمه لنموذج من المسيرات.
ويؤكد التقرير على أن الجيوش المنظمة باتت تستخدم الطائرات دون طيار بكثرة في الصراعات، كما ظهر ويظهر جليًّا في الحرب الروسية الأوكرانية.. وفي إسرائيل يتباهى الجيش بامتلاكه واحدًا من أكبر أساطيل الطائرات دون طيار في المنطقة.. وبحجم هذا التباهي كانت الصدمة من ضربة حماس بطائراتها المحلية الرخيصة.. ما وضع الكثير من الأسئلة أمام السلطات العسكرية في تل أبيب وحلفائها، وسط تخوفات من قدرات أخرى ربما لم تظهر بعد لتجهيزات الفصائل الفلسطينية على المستوى العسكري.