أطلقت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، نداءً عاجلًا للعالم والمؤسسات الحقوقية الدولية للضغط على الاحتلال للكشف عن مصير معتقلي غزة، ووقف جريمة (الإخفاء القسري) بحقّهم.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تحقيق دولي محايد وعاجل في تصفية جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين بعد اعتقالهم من مناطق متفرقة من قطاع غزة.
اعتراف صهيوني
وتصاعدت المعطيات حول جرائم مروعة تنفّذ بحقّ معتقلي غزة، وكان آخرها معطيات نشرتها صحفية (هآرتس) العبرية اليوم، تشير إلى استشهاد عدد من معتقلي غزة في معسكر (سديه تيمان) في منطقة (بئر السبع)، بعد السابع من أكتوبر، دون معرفة عددهم بشكل دقيق، وظروف استشهادهم.
وكشفت "هآرتس"، الاثنين، عن استشهاد عدد من الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة خلال احتجازهم بمركز توقيف داخل قاعدة عسكرية في النقب.
وأشارت الصحيفة، إلى أن مئات المعتقلين جمعوا في مركز احتجاز داخل قاعدة “سديه تيمان” العسكرية شمال غربي بئر السبع، وأعلن جيش الاحتلال عن وفاة عدد منهم دون توضيح الحيثيات.
وقالت الصحيفة إن ظروف احتجاز الأسرى قاسية جدًا، إذ يتم احتجازهم مقيدي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين غالبية ساعات النهار، ولا تتيح لهم القيود سوى التحرك بشكل محدود وتناول الطعام أحيانًا.
وبيّنت الصحيفة أن جيش الاحتلال احتجز 500 فلسطيني من القطاع حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي، بزعم انتمائهم لحركتي حماس والجهاد الاسلامي.
وقالت الصحيفة إن الأسرى ينامون على فرشات رقيقة جداً في ثلاث أقسام اعتقال يحتوي كل منها على نحو 200 معتقل، بينما يجري إقامة قسم رابع خلال الأيام الأخيرة.
ويحتجز الاحتلال أسرى قطاع غزة ضمن قانون “المقاتلون غير الشرعيين” وهو قانون تم سنّه عام 2002 ويسرى على معتقلي القطاع فقط، ويتيح تمديد اعتقالهم مدة 30 يوما وبعدها تقديمهم للمحاكمة خلال 45 يوما.
وأشارت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال أحضر 71 معتقلا فقط أمام المحاكم الصهيونية، وتم نقل بعضهم للسجون التابعة لإدارة السجون أو لمراكز تحقيق الشاباك.
ويأتي الاعلان عن استشهاد عدد من الأسرى بعد كشف الصحيفة قبل أيام عن استشهاد 6 أسرى فلسطينيين داخل سجون الاحتلال تحت التعذيب منذ السابع من أكتوبر.
نداء هيئة الأسرى
بدورها، قالت "هيئة الأسرى" و"نادي الأسير"، إن استمرار تكتم الاحتلال على مصير معتقلي غزة هو بمثابة غطاء على الجرائم التي تنفذ بحقّهم.
ووجهت مطالبة عاجلة للجنة الدولية للصليب الأحمر ولهيئة الأمم المتحدة، وجميع المؤسسات الدولية، بمراجعة دورها اللازم إثر كثافة الجرائم التي يصعد الاحتلال من تنفيذها بحقّ الأسرى والمعتقلين، ومنهم معتقلو غزة، في سبيل الضغط على الاحتلال لوقف جرائمه المستمرة والمتصاعدة بحقّهم.
وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال، وبعد مرور 73 يومًا على بداية العدوان والإبادة الجماعية في غزة، تواصل تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّهم والتي تشكّل مخالفة صارخة للقانون الدولي، ويرفض الإفصاح عن أي معطيات بشأن مصيرهم، وكنا قد حذرنا مرارًا من استمرار تكتم الاحتلال على مصيرهم، بهدف تنفيذ إعدامات بحقّهم.
وفي بيان مشترك قالت "الهيئة" و"النادي": إنّ إصرار الاحتلال على عدم الإفصاح عن مصيرهم وإخفائهم قسرًا، يحمل تفسير واحد، هو أن هناك قرارًا بالاستفراد بهم، بهدف تنفيذ المزيد من الجرائم بحقّهم بالخفاء، وذلك على الرغم من أنّ قوات الاحتلال قد أقدمت على نشر صور ومشاهد مروعة، حول عمليات اعتقال المئات من غزة وهم عراة، خلال الاجتياح البري، واحتجازهم في ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية، والتي تكفي لأن تكون مؤشرًا لما هو أخطر وأكبر على صعيد مستوى الجرائم التي تنفّذ بحقّهم.
وأوضحت أنّه وبعد 73 يومًا من العدوان، وعلى الرغم من كافة المطالبات التي تقدمنا بها للجنة الدولية للصليب الأحمر، ولعدة جهات حقوقية دولية للضغط على الاحتلال للإفصاح عن مصير معتقلي غزة، إلا أنّ هذه المطالبات لم تلق آذانا صاغية، وحتّى اليوم فإنّ الاحتلال لم يفصح رسميًا عن هوية أحد شهداء غزة الذي ارتقى في معسكر (عناتوت) في شهر نوفمبر، إلى جانب الشهيد ماجد زقول الذي ارتقى في سجن (عوفر).
وقالت إن المعطيات المتوفرة لنا، وهي فتات معطيات حول معتقلي عزة، تتمثل: بـاحتجاز أسيرات من غزة في سجن (الدامون) بينهم مسنّات وطفلات، واحتجاز معتقلين في معتقلات (الجلمة، بيتح تكفا، عسقلان، عوفر) إلى جانب معسكرات مثل معسكر (عناتوت) ومعسكر (سديه تيمان)، إضافة إلى ما أعلن عنه الوزير الفاشي (بن غفير) بناء على أمر تقدم به إلى مسؤولة إدارة السّجون بنقل معتقلي من غزة إلى قسم (ركيفت) المقام تحت سجن (نيتسان – الرملة).
وبحسب معطيات من إدارة سجون الاحتلال نشرتها في نهاية شهر نوفمبر، فإن (260) من من معتقلي غزة صنفوا (كمقاتلين غير شرعيين)، جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر.
وأشارت كذلك إلى أنّ عدة شهادات حصلت عليها من أسرى أفرج عنهم، تحديدًا من سجن (عوفر) أشارت إلى أنّ عمليات تعذيب مروعة ينفّذها الاحتلال بحقّ معتقلي غزة، علمًا أنّ الاحتلال اعتقل قبل يومين مواطنة من سكان بلدة (حوارة) لمجرد أنها تحمل بطاقة تشير إلى أنها من غزة وهي مريضة بالسرطان ومقيمة في الضّفة، ونقلت إلى معسكر( عناتوت).
تحقيق دولي
ومن جانبه، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تحقيق دولي محايد وعاجل في تصفية جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين بعد اعتقالهم من مناطق متفرقة من قطاع غزة.
وأشار المرصد الأورومتوسطي في بيان له، الاثنين، إلى تطابق شهادات جمعها مع ما كشفته صحيفة “هآرتس” بشأن جرائم إعدام ميداني جرى نُفذت بحق معتقلين، فيما قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم في معسكر للجيش يُعرف باسم “سديه تيمان”، يقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبًا.
وقال: "المعسكر المذكور تحول إلى سجن “جوانتنامو” جديد يتم فيه احتجاز المعتقلين في ظروف قاسية جدًا، داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة من الوقت".
وتتراوح الفئات العمرية للمعتقلين في المعسكر المذكور بين القصر وكبار السن، ويتم التحقيق معهم معصوبي الأعين وأيديهم مكبلة معظم اليوم في مجمعات مسيجة. وبحسب الإفادات، فإنه وخلال ساعات الليل، تكون الأضواء مضاءة ومسلطة عليهم بقوة بهدف إرهاقهم وتعذيبهم.
وبحسب شهادات جمعها الأورومتوسطي لمعتقلين تم الإفراج عنهم من المعسكر الإسرائيلي المذكور، فإنهم تعرضوا إلى أنماط متعددة من التعذيب وسوء المعاملة وجرى منعهم من استخدام الهواتف، ولم يحظوا بفرصة لقاء محامين أو بزيارات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأكد هؤلاء وجود مسنين معتقلين تعرضوا للضرب المبرح والمعاملة المهينة، بالإضافة إلى تكبيل أيدي وأرجل المعتقلين في الحافلة خلال نقلهم واحتجازهم دون ماء أو طعام وهم مكبّلون ومعصوبو الأعين، فيما يُقابل بالعنف والشتائم كل من يحاول طلب شيء.
وقال أحد المفرج عنهم (طلب عدم ذكر اسمه خشية من الانتقام منه)، إنه شهد على إطلاق جنود إسرائيليين الرصاص بشكل مباشر على خمسة من المعتقلين وتصفيتهم في حالات منفصلة.
استشهاد معتقلين
وفي 3 نوفمبر، وثق المرصد الأورومتوسطي وفاة العامل “منصور نبهان محمد ورش”، بعد اعتقاله لمدة 24 يوما، وقد تبين أن جسمه كان مليئا بالكدمات وآثار تكبيل ما أدى إلى موته بسكتة قلبية.
وفي 7 نوفمبر، أعلن عن وفاة العامل ماجد أحمد زقول (32 عاما) بعد احتجازه في سجن (عوفر) وتعرضه لتعذيب شديد. وما يزال مصير مئات آخرين من عمال قطاع غزة مجهولًا.
ووثق المرصد الأورومتوسطي شن جيش الاحتلال حملات اعتقال عشوائية طالت أكثر من 1,200 من المدنيين الفلسطينيين من مناطق مختلفة من قطاع غزة عقب اقتحام منازل سكنية ومدارس تحولت إلى مراكز إيواء لآلاف النازحين.
وفور اعتقالهم، يعمد جيش الاحتلال إلى تجريد المعتقلين من ملابسهم، وتقييد أيديهم، وإجبارهم على الجلوس على ركبهم في مناطق مفتوحة، فيما تُمارس ضدهم أشكال مختلفة من الضرب والمضايقة والحرمان من الاحتياجات الأساسية.
وأفاد الأورومتوسطي بأنه لم يتمكن من التأكد حالات اعتقال لمسلحين فلسطينيين حتى اللحظة، إما بسبب عدم إعلان جيش الاحتلال عن هويات المعتقلين أو بسبب عدم وقوع أحدهم في الأسر، أو نتيجة عدم رغبة الأهالي بالإبلاغ عن مثل تلك الحالات.
الإخفاء القسري
وأشار التقرير إلى تعمد جيش الاحتلال نشر مقاطع مصورة وصور صادمة وحاطة للكرامة الإنسانية للمعتقلين الفلسطينيين وهم شبه عراة ومعصوبي الأعين يجثون على الأرض بحراسة جنود الاحتلال أو يتم اقتيادهم في حافلات عسكرية إلى أماكن مجهولة.
وأكد المرصد تلقيه شهادات من معتقلين تم الإفراج عنهم تفيد بإجبار جيش الاحتلال بعض المعتقلين على حمل أسلحة بغرض التقاط الصور لهم وتسويق تبرير حملة الاعتقالات وما يتضمنها من تعذيب وضرب مبرح وسوء معاملة.
وأضاف أن حملات الاعتقالات العشوائية التي شنها جيش الاحتلال طالت أطباء وممرضين وصحتفيين وأشخاص من كبار السن، فضلًا عن عشرات النساء، من بينهن “هديل يوسف عيسى الدحدوح” التي ظهرت في صورة تم اقتيادها داخل شاحنة مع مجموعة رجال وهم عراة في مشهد غير إنساني.
"الأورومتوسطي" حث اللجنة الدولية للصليب الأحمر والفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالضغط على السلطات الإسرائيلية لكشف مصير المعتقلين من قطاع غزة والإفراج عنهم والتحقيق فيما تعرضوا له من انتهاكات جسيمة.
ومنذ بداية العدوان تجري حكومة الاحتلال تعديلات على تعليمات التنفيذ لقانون المقاتل غير الشرعي وكان آخرها في شهر كانون الأول الجاري، حيث يتيح هذا التعديل، احتجاز المعتقل مدة 42 يومًا قبل إصدار أمر الاعتقال، وتجري عملية المراجعة القضائية للأمر بعد 45 يومًا من توقيعه، كما ويُمنع المعتقل من لقاء محاميه حتى 80 يومًا.
وعمد الاحتلال على تعديل قانون الاعتقالات 1996، والذي يطبق على الأسرى من قطاع غزة الذين يخضعون للتحقيق في مراكز التحقيق، حيث يتم تمديد توقيف المعتقل لمدة 45 يوما للتحقيق وتمدد لفترة 45 يوما إضافية، ويمنع من لقاء محاميه طوال هذه الفترة، دون أي رقابة فعلية من قبل المحكمة على ظروف احتجازه وهل يتعرض للتعذيب أم لا، وحتى الآن لا نعلم العدد الدقيق للمعتقلين الذين يخضعون للتحقيق.