بعد مضي 46 يومًا على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.. هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها: أين ذهبت أحلام الجيش الإسرائيلي بالحسم العسكري في قطاع غزة؟ وماذا حقق من حرب الإبادة في غزة؟ وهل نجح في تحقيق الأهداف التي رفعها مع بداية شن الهجوم الوحشي على غزة؟

 

الحسم العسكري أمر صعب

قال المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل، الأحد الماضي، إن الحسم العسكري للمواجهة في قطاع غزة "أمر صعب، رغم الضربة القوية التي تلقتها القدرات العسكرية لحماس في شمال القطاع".

هارئيل، وهو محلل بصحيفة "هآرتس" العبرية، أوضح في مقال أنه "تم تكريس جهود مالية وتكنولوجية ولوجستية هائلة لقضية هدم الأنفاق، منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي، وكانت هناك تطورات إيجابية أخيرة تسببت في تفاؤل حذر في الجيش الإسرائيلي".

وأضاف أن "وزير الدفاع يوآف غالانت تحدث عن تحسن كبير في القدرة على تدمير الأنفاق من الجو أو الأرض"، وفقًا لـ"الأناضول".

لكن هارئيل قال إن هذه المسألة "مرتبطة بعدد كبار قادة حماس الذين يقتلون.. "حتى الآن لم يتأثر (زعيم حركة حماس في غزة يحيى) السنوار، والقادة المحيطون به بالحرب، وتشير التقديرات إلى أنهم فروا إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة، وهم في موقع محصن من التعرض للقصف".

وأردف: "كل هذه القضايا ترتبط باستمرار العمليات البرية (في القطاع منذ 27 أكتوبر الماضي)، حيث يخطط غالانت و(رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي) هليفي لتعميق وتوسيع العمليات في شمال قطاع غزة".

ولفت إلى أن "وزير الدفاع قال إن الأحياء الغربية لمدينة غزة تم احتلالها وتطهيرها، الجزء الأول من هذا البيان صحيح، والثاني مثير للجدل، حيث لا يزال بإمكان حماس قنص قواتنا"، مضيفًا أن "الجيش لا يخفي نيته تنفيذ عمليات مماثلة تستمر عدة أشهر في مناطق أخرى من قطاع غزة في مرحلة لاحقة".

وأضاف "قد تكون هناك مرحلة يتم فيها تقليص حجم القوات داخل القطاع، حيث يتخذ الجيش مواقع على طول الحدود، أو داخل منطقة أمنية في القطاع ستكون بمثابة نقطة انطلاق لهجمات أكثر تركيزًا ضد ما تبقى من المواقع العسكرية لحماس، والهدف هو تفكيك قدرات حماس، العسكرية والتنظيمية".

لماذا كان الحسم العسكري في غزة ؟ | فلسطين الآن

الجيش الإسرائيلي لا يهتم بالمدنيين

وعن جنوب القطاع، قال هارئيل: "قد يكون الأمر أكثر تعقيدًا في الجنوب، ويرجع ذلك أساسا إلى الكثافة السكانية المدنية في المنطقة، وقد تواجه الخطط العسكرية عقبة الكارثة الإنسانية المتزايدة التي تتكشف الآن في قطاع غزة".

وأكد أن "القادة الإسرائيليين لا يهتمون بما فيه الكفاية بهذه المشكلة، ولا يبادرون إلى اتخاذ خطوات يمكن أن تقلل إلى حد ما من الضرر، وربما تخفف من تضاؤل الشرعية الدولية للتحركات العسكرية الإسرائيلية المستقبلية".

وأضاف: "سوف تتزايد هذه الصعوبات مع تحرك القتال جنوبًا، والذي يدور بحضور مليون مدني في منطقة كانت تضم في السابق نصف هذا العدد، وسيؤدي فصل الشتاء والأمطار ومشاكل الصرف الصحي، إلى زيادة هذه المخاطر بشكل كبير".

وبالنسبة للدور الأمريكي الداعم لإسرائيل، قال هارئيل إن "رفض الإدارة الأمريكية المطالبة بوقف إطلاق النار حتى بعد شهر ونصف من القتال، يعد إنجازًا كبيرًا لإسرائيل".

واستدرك: "لكن على صناع القرار في الجيش الإسرائيلي أن يأخذوا بعين الاعتبار أمرين: أولًا أن خططهم يمكن أن تتعطل بسبب متغيرات غير متوقعة تتعلق بالاحتكاك مع المدنيين، وثانيًا، حتى الدعم الأمريكي لن يستمر إلى الأبد".

والأحد، قال الجيش الإسرائيلي في بيان: "قامت الطائرات المقاتلة بتدمير أهداف عديدة لحماس في جباليا وبيت لاهيا (شمال القطاع)، و(حي) الزيتون (شرقي مدينة غزة)، كما هاجم أسطول سفن الصواريخ، أهدافًا تابعة لحماس على طول قطاع غزة".

وأضاف: "تقوم قوات لواء المظليين بالتعاون مع قوات المدرعات والهندسة وسلاح الجو، بخوض القتال في حي الشيخ عجلين وحي الرمال (بمدينة غزة)".

تحت نيران بوارج إسرائيلية.. القسام تتصدى لتوغل شمالي غزة | الشرق الأوسط

الاحتلال لم يحقق إنجازًا عسكريًا

ومن جهته، يؤكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللبناني، العميد ناجي ملاعب، أن الحكومة الإسرائيلية اليمنية الهمجية طرحت سقفًا عاليًا لحربها على قطاع غزة، من حيث القضاء على حركة حماس، ومسح حماس من غزة، والقبض على قادة المقاومة.. والهدف الثاني، كان الأنفاق، بالتعهد بإنهاء الأنفاق في غزة.. ثم إنقاذ المحتجزين من الأسرى لدى حماس.. ولكن بعد 46 يومًا، لم يستطيعوا لا إنقاذ الأسرى، ولم يستطيعوا إنهاء حماس.

وأضاف الخبير العسكري في تصريحات لموقع "الغد": رجال المقاومة الفلسطينية يملكون الأرض، ويعرفون كيف يواجهون وكيف يدافعون عن أرضهم، ورأينا كم دبابة وكم آلية أعطبت أو أخرجت من الخدمة، والتي يعمل العدو على سحبها في الظلام، أو قطع الاتصالات حتى لا تصور بقايا الدبابة «ميركافا»، أهم دبابة لدى الاحتلال.

وتابع العميد «ملاعب»، جيش الاحتلال قصف المدارس والمساجد والكنائس وأماكن الأونروا، والمستشفيات.. هم نجحوا حتى اليوم فقط في التدمير الممنهج، والأرض المحروقة، والقصف على المدنيين وتهجيرهم من شمال غزة إلى جنوبها.. ويبدو أن هناك خطة إسرائيلية لتفريغ غزة والضغط على سيناء لاستقبال الفلسطينيين، ولكن موقف مصر وموقف الأردن كان حاسمًا في التصدي لتلك المؤامرة.

 

حرب استنزاف تنتظر إسرائيل في غزة

وقال الخبير العسكري: هذه حرب عبثية.. ولكن العالم أثبت الآن أنه يقف مع العمل الفلسطيني، ويقف ضد الهمجية الإسرائيلية، وهذا كانت نتيجته واضحة في مجلس الأمن حين صوتت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا الداعمتين لإسرائيل، لصالح «هدن إنسانية»، وهو ما يعني أن الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل بدأ يخف، ولذلك هناك حرب استنزاف تنتظر العدو الإسرئيلي في غزة، إذا ما بقي في القطاع، وليس كما يطرح الاحتلال مستقبل غزة.. مستقبل غزة يرسمه أهاليها وبندقيتها الفلسطينية.

 

قتال الأنفاق

وأضاف، الوضع العسكري لم يُحسم.. القتال ما زال موجودًا.. والأنفاق التي بنتها المقاومة لم تُخرج من الأرض ما بها من أسلحة وذخائر وقذائف فلسطينية الصنع.. موجودة ولم تخرج بعد.. هناك تعامل مع خلفية العدو وما زالت الصواريخ تنهال على إسرائيل وعمقها.

قتال الأنفاق لم يدخل الحرب بعد، الأنفاق حسمت الحرب العالمية الثانية - أنفاق باريس وأنفاق برلين -  والأنفاق  أنهت حرب فيتنام مع الأمريكيين، وحاليًا تستفيد فيتنام دخلًا سياحيًا من الأنفاق نحو 2 مليار دولار.

شاهد تصريحات الخبير العسكري والإستراتيجي اللبناني، العميد ناجي ملاعب (اضغط هنا).

https://www.youtube.com/watch?v=Zb80af4CxdA&t=12s

 

ومنذ 46 يومًا يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 14 ألفًا و128 شهيدًا فلسطينيًا، بينهم أكثر من 5 آلاف و840 طفلًا و3 آلاف و920 امرأة، فضلًا عن أكثر من 33 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

فيما قتلت "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239 إسرائيليًا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.