استعرض فيلم وثائقي للمخرجة "نيكي بولستر" مقتل مئات المتظاهرين في ميدان رابعة العدوية بعد استيلاء "عبد الفتاح السيسي" على السلطة عام 2013.
وقال موقع "ميدل إيست آي" إن "الفيلم يؤرخ مقتل مئات المتظاهرين المصريين في ميدان رابعة في أعقاب انقلاب 2013 الذي أتي بعبد الفتاح السيسي إلى السلطة. وعرض الفيلم في الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا) يوم الخميس".
وأشار الموقع في تقرير كتبته "كاثرين هيرست"، أن الفيلم لاقى استحسانًا كبيرًا.
رافق عرض فيلم "ذكريات مجزرة (Memories of a Massacre)" حلقة نقاش ضمت نشطاء وصحفيين وشهود عيان من بينهم مراسل ميدل إيست آي "خالد شلبى".
وقال "شلبى": "كان واضحًا أن الخطة منذ البداية كانت قتل الجميع".
أثار تصوير الفيلم للإصرار على للقتل الجماعي، الذي خلف ما لا يقل عن 900 قتيل، ردود فعل عاطفية من الجمهور.
ومع ذلك اندلعت التوترات، حيث كان لا بد من إخراج مؤيدي "السيسي" من قاعة العرض؛ فعلى الرغم من أن عددهم كان يقل عن الخمسة ولكنهم بدأوا بتوزيع منشورات على الجمهور.
في يونيو 2013، في أعقاب الانقلاب على أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر "محمد مرسي"، نظم الإخوان المسلمون وأنصار الديمقراطية اعتصامًا جماهيريًا للمطالبة بإعادته إلى منصبه.
ووفقًا لـ"هيومن رايتس ووتش"، انضم ما يقرب من 85 ألف متظاهر إلى الاحتجاجات، التي شهدت العديد من الأشخاص يعيشون وينامون في ميداني رابعة والنهضة.
وشهدت روايات شهود العيان على الطبيعة السلمية للاحتجاج، حيث شبهه الكثيرون باحتجاجات ميدان التحرير في عام 2011 أثناء انتفاضة الربيع العربي، الذي شهد جوًا "سحريًا".
لكن مع مرور الوقت، شعر أنصار الجيش بالإحباط وأمروا بفض رابعة في 14 أغسطس، مع تقدم عربات مدرعة وجرافات ومئات من قوات الأمن.
على مدار الأربع وعشرين ساعة التالية، قُتل ما لا يقل عن 900 متظاهر، بينهم نساء وأطفال، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

 مذبحة مخطط لها
وأوضح "ميدل إيست آي" أن الفيلم يبدأ بصورة ملتقطة لشاب يمشي وسط حطام الدخان، ويتدلى من يده مقلاع. ويقول المصور إن هذه الصورة تم التقاطها قبل لحظات من وفاة الشاب.
كانت المذبحة واحدة من أكثر الأعمال الوحشية الموثقة بصريًا في التاريخ الحديث؛ حيث فتحت قوات الأمن النار على المحتجين في وضح النهار.
تم توثيق الكثير من تلك اللقطات في الفيلم. إلى جانب شهادات الناجين، ومجموعة من الرؤساء الذين يتحدثون من بينهم مسؤول إدارة أوباما السابق "بن رودس"، ومراسل نيويورك تايمز "ديفيد كيركباتريك"، ورئيسة هيومن رايتس ووتش السابقة في المنطقة "سارة ليا ويتسن".
وبعد سنوات، وجد تقرير "هيومن رايتس ووتش" أدلة على أن السلطات خططت للقتل الجماعي. وتشهد لقطات الفيلم على ذلك؛ حيث صور قناصين متمركزين بعناية على أسطح المباني المحيطة بالميدان وطائرات هليكوبتر تطلق النار من فوق.
وقال "أسامة جاويش"، رئيس تحرير منصة "إيجيبت ووتش" في مقدمته للفيلم: "كنت هناك. ولا أستطيع أن أنسى صوت صفارات الإنذار الرهيب. ما زلت أتذكر الصوت المخيف".
ولفت "ميدل إيست آي" إلى أن الوحشية تناقضت مع إنسانية المحتجين؛ حيث عرض الفيلم لقطات اللحظات الأخيرة للشابة الشهيدة "أسماء البلتاجي" البالغة من العمر 17 عامًا على أرض المستشفى، وشابة تُجبر على البحث في أكوام الجثث عن أخيها، وأخيرًا كلمات المصور "مايك دين" الحزينة "لقد تم إطلاق النار علي".

 لغة الإبادة الجماعية
 لكن الفيلم ليس مجرد توثيق لمجزرة. بل هو أيضًا يرسم موت الديمقراطية في مصر وتحطيم الأحلام التي نشأت في ميدان التحرير في الأسابيع التي سبقت وبعد سقوط الديكتاتور "حسني مبارك".
في رواية "بولستر"، تمثل رابعة النهاية المفاجئة لتلك الأحلام. وسط النشوة التي أعقبت انتفاضة 25 يناير 2011 ضد مبارك، استعد الإخوان المسلمون لأول انتخابات ديمقراطية في مصر. وأصبح الرئيس الراحل "محمد مرسي" أول رئيس منتخب في البلاد.
لكن على الرغم من ذلك، كانت البلاد لا تزال في قبضة الجيش؛ حيث عانى حكم الدكتور "مرسي" من نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي وحالات اختفاء الشرطة من الشوارع. وبمجرد الانقلاب عليه، اختفت هذه المشاكل بأعجوبة.
يلمح الفيلم إلى دور "الدولة العميقة" في هندسة نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي.
 وقال "ميدل إيست آي": "تميزت الأشهر التي أعقبت الانقلاب باحتجاجات واعتصامات. لكن مجزرة رابعة قضت على آخر بقايا الثورة".
 يتضمن الفيلم لقطات إخبارية من الحملات العامة ضد الاعتصام، حيث يُشار إلى المتظاهرين باسم "الصراصير" الذين يجب "سحقهم".
وقالت الأستاذة المشاركة في العلوم السياسية بجامعة لونج آيلاند "داليا فهمي" خلال حلقة نقاش: "هذه اللغة استخدمت في رواندا وسريبرينيتشا والمحرقة وكمبوديا ... كانت هذه إبادة جماعية".
سلطت "بولستر" الضوء على دور تقاعس الجهات الدولية الفاعلة في ترسيخ سلطة "السيسي"، مما سمح للإفلات من العقاب الذي مارسه في رابعة بتحديد حكمه، الذي شهد منذ ذلك الحين ما يقدر بنحو 65 ألفًا يقبعون خلف القضبان.
وقال الباحث في هيومن رايتس ووتش "عمرو مجدي" خلال حلقة النقاش: "أعتقد أن الخطة لم تكن فقط لتفريق الاحتجاجات، ولكن لمعاقبة الناس فعليًا وجعلهم عبرة".
واعترف "رودس" أن "السيسي" كان يعلم أن الولايات المتحدة لن تتدخل بعد الانقلاب.
وبحسب فهمي، فإن "الاستقرار" في مصر بالنسبة للإدارة الأمريكية يعني "زيادة القمع" لشعبها.
 وأضافت "فهمي": "مصر عبارة عن صندوق بارود ... خوفي هو أن الدورة التالية من التغيير قد لا تكون سلمية أبدًا".

https://www.middleeasteye.net/news/egypt-rabaa-memories-massacre-documentary-premiere-bafta-london