تواجه شهادات الادخار الجديدة بالدولار، "الأهلي فورًا، والأهلي بلس، والقمة، وإيليت" الصادرة عن بنكي الأهلي ومصر بعائد سنوي 7% إقبالًا ضعيفًا من قبل المتعاملين، مع أكبر ذراعين ماليين للحكومة. ووصفت مصادر بنكية الطلب على شراء شهادات الادخار، بأنه "محدود للغاية"، وذلك بعد مرور يومين على إطلاق الشهادات.

وأعربت مصادر عليمة بالبنك الأهلي عن أملها أن يبدأ الزخم على طلب الشهادات، الأسبوع القادم، مشيرة إلى تلقي استفسارات واسعة حول مميزات الشهادات، بما يبشر برغبة الكثيرين في التعامل عليها.

ووفقًا لـ"العربي الجديد"، فقد أعد البنكان حملة إعلامية مكثفة، تنشر مطلع الأسبوع المقبل، في وسائل الإعلام المحلية، لجذب حائزي الدولار، على التعامل مع الشهادات، التي جاء الإقبال عليها في المرحلة الأولى من الطرح مخالفًا لتوقعات قيادات البنكين الكبيرين.
 

شكوك حول إمكانية سداد العوائد

وقال المستشار المالي وأستاذ الاقتصاد بجامعة لافبروه البريطانية، شريف سليمان أبو المجد، إن منح عائد سنوي على الودائع الدولارية في البنوك بقيمة 7% يعتبر الأعلى في العالم، فلا توجد أي دولة تعطي مثل هذا الرقم.

وأضاف أنه على سبيل المثال فيما يتعلق بشهادة الثلاث سنوات ذات العائد السنوي 7%، من المفترض أن يسترد المودع شهادته بالدولار بزيادة 21%، بمعنى أنه في حالة الوديعة بمبلغ 10 آلاف دولار من المتوقع أن يستردها الشخص 12 ألف دولار، ومن يُودع مليون دولار سيستلمه مليون و20 ألف دولار، وفقًا لموقع "الحرة".

وتابع الخبير المالي أن "السؤال المطروح حاليًا بقوة هو: من أين سيتم تسديد هذه العوائد، في ظل ما تعانيه مصر من أزمة اقتصادية متمثلة في ارتفاع الديون المحلية والخارجية في مقابل الناتج المحلي، بالإضافة انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع الدولار في السوق السوداء، وتراجع الاستثمار الأجنبي؟".

وشكك أبو المجد في قدرة حكومة الانقلاب على الوفاء بتسديد هذه العوائد في توقيتاتها بالدولار، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي في مصر وحجم الديون المتراكمة.

وتحدث أستاذ الاقتصاد عن سبب تشكيكه في قدرة مصر الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها في البنوك، قائلًا إن قرار اللجوء لهذه الشهادات يعني أن أزمة السيولة في مصر أصبحت عميقة بشكل كبير، وهذا يدل على أن الحكومة المصرية تعاني من صعوبة في جذب التدفقات النقدية أو التمويل، سواء من الشركاء الإقليميين أو من الاستثمارات الخارجية، بالإضافة إلى فشل عمليات بيع الأصول الحكومية.

وأضاف أن مصر من خلال طرح الشهادات تستهدف جذب الأموال الساخنة، والتي تمثل عبئا أكبر على الاقتصاد المصري، لأن مصر لديها تراجع عجز في صافي الأصول الأجنبية الذي وصل، خلال مايو الماضي، إلى 24.4 مليار دولار.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن صافي الأصول الأجنبية هو الفارق بين ما تمتلكه البنوك والبنك المركزي من أصول وما عليها من التزامات بالعملة الأجنبية لصالح غير المقيمين، والعجز يعكس تواجد خلل هيكلي في موارد والتزامات القطاع المصرفي بالعملة الأجنبية.

 

تخفيض تصنيف البنوك

وأوضح أنه نتيجة هذا العجز تعرضت أربعة من أكبر البنوك المصرية لتخفيض تصنيفها الائتماني درجة، بعد تخفيض تصنيف مصر من مستقرة إلى سلبية.

وقال إن خطورة تخفيض تصنيف البنوك تكمن في أنها تعني تعثرها في سداد التزاماتها من ودائع الأشخاص والقروض الملتزمة بسدادها، وهذا بالتالي يتسبب في فقدان ثقة المستثمرين في شراء سندات أو أذون خزانة وهم يدركون عدم امتلاكك للسيولة الكافية.

 

ارتفاع إجمالي الدين العام بالنسبة للناتج المحلي

سبب آخر يدفع أبو المجد للتشكيك في عدم قدرة البنوك المصرية على سداد التزاماتها بالدولار، وهو أن إجمالي الدين العام بالنسبة للناتج المحلي ارتفع ليصل إلى 97.7%، وهذا يعني أن الدولة المصرية غير قادرة على مواجهة الأزمات والتحديات ومن الممكن أن تتعثر في سداد الديون، موضحًا أن الناتج المحلي هو مؤشر قوة الاقتصاد الذي ينظر إليه المستثمرون والجهات الدولية.

وتحدث أبو المجد عن تخوف آخر بالنسبة للشهادة ذات العائد السنوي 9%، الذي يصرف تراكميًا بنسبة 27% مقدما بالعملة المحلية، موضحًا أن هذا يعني بشكل كبير أن الحكومة ستطبع المزيد من الجنيه، وهذا يعني زيادة التضخم وبالتالي خفض قيمة الجنيه.

 

كيف تسدد البنوك فوائد الشهادات الدولارية؟

وفي سؤاله عن كيفية تسديد البنوك لفوائد الشهادات الدولارية، قال رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس بنك مصر، محمد الأتربي، في مداخلة هاتفية عبر قناة "أون تي في"، الثلاثاء، إن البنوك تستثمر ما لديها من ودائع دولارية مع شركات أخرى لديها مصادر بالعملة الأجنبية، وبالتالي ستكون حصيلة هذه الاستثمارات بالدولار، موضحًا أنه لم يحدث سابقا تخلف أي بنك في مصر عن سداد ودائع عملائه الدولارية.

وقفز التضخم في مصر، على أساس سنوي، خلال يونيو الماضي إلى 35.7% من 32.7% في مايو، تحت ضغوط رفع الحكومة لأسعار السولار، وشح العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، وعودة تكدس البضائع في الموانئ، وفقًا لوكالة "رويترز".

وأظهرت بيانات البنك المركزي فيما يخص أداء ميزان المدفوعات، الصادرة الثلاثاء، أن تحويلات المصريين بالخارج انخفضت إلى 17.5 مليار دولار، في الفترة ما بين يوليو ومارس من العام المالي الجاري، مقابل 23.6 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.

كما أظهرت بيانات البنك المركزي، في يونيو الماضي، أن المدفوعات المستحقة على مصر تشمل 2.49 مليار دولار من الديون قصيرة الأجل في يونيو، بينما في النصف الثاني من 2023 تشمل 3.86 مليار دولار من الديون قصيرة الأجل و11.38 مليار دولار من الديون طويلة الأجل.

ويؤكد محللون ماليون أن ضبابية المشهد أوجدت أزمة ثقة بين الحكومة والمواطنين، أثرت بشدة على سمعة المؤسسات المالية، رغم وجود قوانين تضمن حقوق المودعين بالبنوك، من البنك المركزي، حيث أصبحت مشكلة انهيار المصارف اللبنانية بارزة في عيون حائزي العملة الصعبة، يصعب تغيير مشهدها دون عودة الثقة المفقودة بين المواطنين والحكومة بشأن قدرتها على الخروج من الأزمات التي تمر بها الدولة.

وكان البنك الأهلي قد طرح شهادتي ادخار لمدة 3 سنوات، الأولى "الأهلي بلس" لمدة 3 سنوات، بسعر عائد سنوي 7%. يصرف العائد بذات العملة كل 3 أشهر، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وتبلغ مدة الشهادة الثانية "الأهلي فورًا" 3 سنوات، بعائد سنوي 9%، مقدمًا بالجنيه عن الفترة كلها، لتصل إلى 27%. وطرح بنك مصر شهادتي ادخار "القمة" بعائد 9% سنويًا يصرف بالجنيه، مقدمًا بنسبة 27%، و"إيليت" ذات عائد 7%، بعائد ربع سنوي بالدولار. وسمح البنكان ببيع الشهادة للمصريين والأجانب.

ووفقًا لـ"العربي الجديد"، يؤكد محللون ماليون أن ضبابية المشهد أوجدت أزمة ثقة بين الحكومة والمواطنين، أثرت بشدة على سمعة المؤسسات المالية، رغم وجود قوانين تضمن حقوق المودعين بالبنوك، من البنك المركزي، حيث أصبحت مشكلة انهيار المصارف اللبنانية بارزة في عيون حائزي العملة الصعبة، يصعب تغيير مشهدها دون عودة الثقة المفقودة بين المواطنين والحكومة بشان قدرتها على الخروج من الأزمات التي تمر بها الدولة.