تسارع معدل التضخم في مصر إلى 36.6%، في يونيو، متجاوزًا مستواه القياسي السابق، المسجل في 2017، ومقارنة مع 30.6%، في إبريل، بينما قفز التضخم الأساسي لمستوى قياسي أيضًا مسجلًا 41%.

وتصر حكومة الانقلاب على المضي قدمًا في اتخاذ قرارات تؤدي إلى تفاقم تضخمها القياسي ووضع مزيد من الضغط على الجنيه، ما لم تبطئ وتيرة زيادة المعروض النقدي الذي يقول مصرفيون ومحللون إنه يُستخدم لسد العجز المتزايد في الموازنة، بحسب ما ذكرته رويترز.

 

أسباب زيادة التضخم

توقع الخبير الاقتصادي علي متولي، استمرار ارتفاع معدلات التضخم في مصر. وقال إن التضخم في مصر باتجاه صاعد، لعدة عوامل أبرزها:

1 - زيادة الطلب على السلع الغذائية، وذلك نتيجة لاستمرار حدة الأزمة الروسية الأوكرانية، وانعكاس ذلك على تقلص سلاسل التوريد العالمية، مما أدى إلى زيادة الطلب على السلع الغذائية خاصة الحبوب واللحوم والأسماك والزيوت والسكر التي زادت بمعدلات تتراوح من 5% إلى 15%.

2 - قرار لجنة تسعير المواد البترولية بزيادة أسعار الوقود في المراجعة الربع سنوية في شهر مارس الماضي، وهو ما انعكس على التضخم خلال هذا الشهر، وانعكس بتأثيره على أرقام الربع الثاني (إبريل ومايو ويونيو).

3 - تخفيض قيمة الجنيه، بواقع النصف أمام الدولار منذ مارس 2022، وهو ما أسهم في زيادة تكاليف استيراد السلع، وبأكثر من ذلك في السوق السوداء. وتتوقع سوق العقود الآجلة للعملة أن يهبط الجنيه إلى 40 مقابل الدولار خلال العام المقبل من حوالي 30.9 حاليًا.

وكشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الاثنين، أن تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع على أساس سنوي إلى مستوى قياسي بلغ 36.6% في يونيو، بعد أن كان قد أعلن قبلها بساعات أنها 35.7%، وذلك ارتفاعًا من 32.7% في مايو، ومقابل 14.7% لنفس الشهر من عام 2022، متجاوزًا المستوى القياسي السابق الذي سجله في 2017 بما يعكس الضغوط الاقتصادية الحادة التي تتعرض لها البلاد منذ أوائل العام الماضي.

 

ارتفاع المعروض النقدي

وأكد الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادي ومدير المركز الاستراتيجي للتنمية، أن ارتفاع المعروض النقدي وحجم الأموال المتداولة في الأسواق كان من ضمن الأسباب التي أدت إلى زيادة معدلات التضخم خلال الفترة الخاصة بشهر يونيو الماضي.

وتظهر أرقام البنك المركزي أن المعروض النقدي "ن1"، الذي يشمل العملة المحلية المتداولة والودائع تحت الطلب بالجنيه، قفز 31.9% خلال عام، حتى نهاية مايو من عام 2023، بعدما زاد 23.1% في السنة المالية المنتهية في نهاية يونيو من عام 2022 و15.7% في السنة المالية، 2021/2020.

وتسارع نمو المعروض النقدي بشكل حاد على مدى ثلاث سنوات تكشفت خلالها نقاط الضعف الأساسية في الاقتصاد بعد تعرضه لسلسلة من الصدمات بما في ذلك جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.

كما تتعرض المالية العامة للدولة لضغوط بسبب عجز مستمر في العملة الأجنبية والديون المتزايدة التي تحتاج لإعادة تمويل أو سداد 20 مليار دولار منها خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة.

في غضون ذلك، ارتفع الإنفاق بدرجة كبيرة مع سعي الدولة لتنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة تشمل مدنًا جديدة وتوسعة كبيرة لشبكة الطرق بينما تحاول الاستمرار في تقديم بعض الدعم في ظل تدني مستويات المعيشة.

 

ارتفاع الأسعار

ومن جهته، قال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن البنك المركزي أعلن ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 41% في يونيو 2023"، مشيرًا إلى أن هذه أعلى نسبة تضخم منذ عقود

وأضاف الدكتور بدرة - خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "على مسئوليتى"، تقديم الإعلامي المقرب من الأمن الوطني أحمد موسى، المُذاع عبر فضائية "صدى البلد" - أن "مؤشر التضخم يعكس الحقائق حول ارتفاع الأسعار"، لافتًا إلى أن انخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار يشكل تحديًا أمام أي دولة في العالم.

وأكد أن "استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا وراء زيادة معدلات التضخم"، موضحًا أن مستويات الأسعار يتم السيطرة عليها ولكنها تحتاج إلى مدى زمني كبير.

وأضاف الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي: "الأسعار في العالم بدأت تأخذ حيز الانخفاض"، لافتًا إلى أن "هناك عوامل من الخارج تؤثر على ارتفاع التضخم منها الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع مستويات الفائدة في العام".

وأكد: "أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بالسلب على مصر، كما أن ارتفاع تكلفة النقل عالميًا أثر سلبًا على مصر"، مشيرًا إلى أن "ارتفاع تكلفة الاقتراض أثر سلبًا، أيضًا، على مصر".

 

الاقتراض الحكومي

يقول مصرفيون ومحللون لوكالة "رويترز" إن الطريقة الأساسية التي زاد بها البنك المركزي المعروض النقدي هي الإقراض المباشر للحكومة بما يشمل شراء سندات حكومية.

ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ما أعلنه البنك المركزي عن صافي المطالبات المستحقة على الحكومة الذي قفز إلى 1.48 تريليون جنيه، بنهاية مايو عام 2023، من 1.06 تريليون جنيه، بنهاية يونيو من عام 2022، بحسب بيانات البنك المركزي.

وقد ترتفع فاتورة الفائدة على الدين المحلي أكثر بعد رفع سعر الفائدة لأجل ليلة بمقدار ألف نقطة أساس منذ مارس عام 2022. وقفز سعر الفائدة على أذون الخزانة لأجل عام واحد إلى 24.07% في أحدث مزاد، في السادس من يوليو من 14.09% قبل عام.

وعلى مدى الأشهر الخمسة المنقضية، خفضت وكالات التصنيف الائتماني، موديز وستاندرد آند بورز وفيتش، تصنيف الدين السيادي لمصر. وفي مايو، وضعت وكالة "موديز" مصر قيد المراجعة من أجل خفض آخر محتمل وعزت ذلك لبطء التقدم في بيع الأصول.

ومن شأن تخفيض آخر للتصنيف الائتماني من "موديز" أن يجعل تصنيف مصر يتراجع من "B3" إلى "caa" على الأقل بما يشير إلى "موقف ضعيف وتعرض لمخاطر ائتمانية مرتفعة". وتقول موديز مثل تلك المراجعات تستغرق عادة 90 يومًا.