كان المصريون من بين مئات المهاجرين على متن سفينة غرقت قبالة اليونان الشهر الماضي. وسلطت تلك الرحلة المميتة الضوء على عدد المصريين الذين يخاطرون بكل شيء للحصول على فرصة في حياة أفضل.
واستضافت المذيعة "آية البطراوي" من الإذاعة الوطنية الأمريكية العامة شقيق أحد الأشخاص الذين فقدوا على متن سفينة المهاجرين التي غرقت قبالة سواحل اليونان الشهر الماضي، والذي كان شابًا مصريًا لم يسبق له أن غامر بالخروج من بلدته الريفية من قبل. لكنه مثل كثيرين، انطلق أولاً إلى ليبيا، بعد أن استدرجه المهربون، ووعد بإيصاله إلى أوروبا. 
وتحدثت "آية" مع الشقيق وآخرين لمعرفة سبب فرار الكثير من مصر، البلد الذي لا يعاني من حرب ولا فوضى.
وقالت "آية": "تلقت عائلة "محمود إبراهيم" مكالمة بعد أيام قليلة من اختفائه. كان في ليبيا ويحتاج إلى المال. وقال لي شقيقه "محمد" عبر الهاتف، لقد ذهلت الأسرة. وعاش الرجل البالغ من العمر 28 عامًا مع زوجته وطفلها في بلدة ريفية فقيرة في محافظة الشرقية شمال مصر ولم يسافر أبدًا حتى القاهرة. الآن، هو مدين للمهربين الليبيين بمبلغ 4500 دولار مقابل مكان على متن سفينة متجهة إلى إيطاليا، وهو رقم فلكي للعائلات في هذه الأجزاء من مصر".
وقال "محمد إبراهيم": "بمجرد أن طلب منا الدفع، قمنا ببيع بعض الأراضي التي كانت لدينا، وجمعنا المال من هنا وهناك واقترضنا".
 وأضافت "آية": "يتحكم المهربون في مكان نوم المهاجرين ومقدار الطعام الذي يحصلون عليه والسفن التي يركبها الأشخاص. ودفعت الأسرة المال لرجل ملثم في مصر، وهو جزء من شبكة مهربين وعدوا بعبور آمن للمصريين اليائسين الباحثين عن حياة أفضل. ويجدون عملاء محتملين وحتى يجذبون الأطفال على فيسبوك ومجموعات الدردشة".
وأضاف "إبراهيم": "وعدوه أن الحياة جميلة وسهلة. لن تلمس الماء أبدًا. يومين أو ثلاثة فقط، وستكون في إيطاليا وترى عالماً جديداً. إنه وهم - وهم".
"محمود إبراهيم" لم يتمكن من رؤية عالم جديد. إنه من بين مئات المصريين والباكستانيين والسوريين والفلسطينيين الذين يُفترض أنهم لقوا حتفهم بعد غرق سفينتهم المكتظة "أدريانا" الشهر الماضي بالقرب من اليونان، بعيدًا عن الشواطئ الإيطالية التي حلموا بالوصول إليها. 
تمتلئ صفحات فيسبوك بصور المصريين المفقودين وعائلاتهم الذين يسعون بشدة للحصول على معلومات عن أحبائهم.
في إحدى المنشورات، ظهر رجل يدعى "محمد الشرقاوي" بكاميرا هاتفه وهو يبحث بلا حول ولا قوة في اليونان عن أخيه وأبناء عمومته. وكان من وراء سياج ودرابزين معدني، يصرخ بأسماء أقربائه.
ولفتت "آية" إلى أن المصريون من المدن الفقيرة عبروا البحر منذ فترة طويلة إلى أوروبا، لكن هذه الأرقام ارتفعت بشكل كبير العام الماضي. أحصت المنظمة الدولية للهجرة ما يقرب من 22 ألف مهاجر مصري وصلوا إلى أوروبا عن طريق البحر في الغالب العام الماضي، متجاوزين كل الجنسيات الأخرى - بما في ذلك البلدان التي تشهد حروب مثل أفغانستان وسوريا. 
وتقول "رحاب رضا" لماذا غادر زوجها "مصطفى عادل السيد" مصر وخاطر بحياته ليذهب إلى أوروبا: "ترتفع تكاليف المعيشة كل يوم، وليس كل شهر أو كل عام - لا، كل يوم. هناك أسعار جديدة للغذاء والملابس والمعيشة. لذا فإن دخلنا لا يكفي. وهذا هو الحال بالنسبة للجميع، وليس فقط بالنسبة لنا".
اعتمد ملايين المصريين الفقراء على الإعانات الحكومية والإعانات للبقاء على قيد الحياة. لكن الاقتصاد المصري عانى من ضربات كبيرة خلال العام الماضي. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير منذ أوائل عام 2022، تزامنًا مع الارتفاع الحاد في أعداد المهاجرين المصريين الوافدين إلى أوروبا.
من بين ما يقدر بـ 750 شخصًا في "أدريانا"، نجا 104 فقط، بينهم 43 مصريًا. وكان زوج "رضا" من بين الناجين. لكنه الآن محتجز في اليونان، وهو واحد من تسعة مصريين متهمين بالانتماء لشبكة التهريب. وتقول "رضا" إن زوجها بريء وإن المهربين الحقيقيين لا يخاطرون بحياتهم على هذه القوارب. بعد إنهاء المكالمة، أرسلت لي ملاحظة صوتية تحتوي على شيء آخر.
لم ينج ابن عم "رضا" الذي كان على متن السفينة، وهم لا يعرفون ماذا حدث له.

https://www.npr.org/2023/07/12/1187354607/egypt-is-suffering-neither-war-nor-chaos-but-people-are-migrating-away-anyway