قال بنك الاستثمار الأمريكى «جولدمان ساكس» اليوم الأربعاء، إن البنك المركزى المصري، يحتاج إلى نحو 5 مليارات دولار تقريبًا لتمكين الانتقال المنظم إلى سعر صرف مرن وموحد للعملة الخضراء فى السوق المحلية وضمان تجنب انهيار الجنيه.
وأوضح محللو البنك العملاق أن البنك المركزي المصري يحتاج إلى تأمين نحو خمسة مليارات دولار قبل الإقدام على تخفيض جديد للعملة المصرية، لمقابلة الطلبات المتراكمة، إذا أراد تجنب انهيار كبير في قيمة العملة المصرية، رغم إشارتهم إلى انخفاض احتمالية تخفيض قيمة الجنيه قريباً، فضلاً عن التحول إلى المرونة الكاملة لسعر الصرف، التي طلبها صندوق النقد الدولي.
جولدمان ساكس أشار أيضاً إلى أن الخمسة مليارات التي يحتاجها البنك المركزي لن تكون كافية لسد العجز بين المطلوب والمعروض من العملة الخضراء، والذي قال إن البعض في مصر يقدرونه حالياً بما يتراوح بين 15 – 18 مليار دولار.
وتوقع البنك أن تكون شركات النفط العاملة لمصر هي الأكثر تأخراً في حصولها على مستحقاتها منذ شهر فبراير من العام الماضي، حيث تباطأت مدفوعات الحكومة لها، أو توقفت تماماً في بعض الأحيان، ما أدى إلى تراكم استحقاقاتها لتصل إلى 7 – 8 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات جولدمان ساكس، الذي قال إنه لا يعرف كم منها تأخرت مصر في دفعه.
قدّر البنك نجاح الجهود الحكومية الحالية، الرامية لتنفيذ برنامج بيع الأصول، إلا أن محلّليه أكدوا توقعهم تباطؤ عمليات البيع تلك أيضاً بسبب “المعوقات الهيكلية” التي ما زالت تفرض كلمتها. وقال البنك إن تعثر عمليات البيع سيزيد احتمالات تعرض العملة المصرية لضعف كبير، وهو ما قد يمنع وصول تمويلات أخرى من المؤسسات الدولية، بما فيها قرص الصندوق الذي تم الاتفاق عليه في ديسمبر الماضي.
جولدمان ساكس رأى أنه سيكون من الضروري إجراء مزيد من التعديلات على الحساب الجاري لإدارة مخاطر التمويل الخارجي، لكنه قلل من مخاطر التخلف عن السداد، معللاً ذلك بـ”رغبة الحكومة المصرية الواضحة في عدم التخلف، وانخفاض عبء الدين الخارجي التجاري نسبيًا، بالإضافة إلى انخفاض احتمالات حدوث اضطرابات اجتماعية”.
وقال البنك “نرى مجالاً للتراجع أكثر عن وتيرة تنفيذ مشاريع البنية التحتية التي تقودها الدولة، والتي نعتقد أنها تزيد من الضغط على موارد العملات الأجنبية الشحيحة”.
وقال محللو جولدمان ساكس إن أغلب من قابلوهم في مصر أجمعوا على ضرورة توفير “احتياطيات كافية من العملة الأجنبية، من أجل إدارة مخاطر حدوث انخفاض كبير في قيمة الجنيه المصري”، “وهو ما يجعل التوقعات الاقتصادية رهينة للتقدم في مبيعات الأصول، المصدر الأكثر احتمالاً لهذه السيولة”، وفقاً لتقرير البنك الاستثماري الأميركي.
وأشار البنك إلى أن “بعض المتشائمين” فقدوا الثقة بقدرة الحكومة على تنفيذ الإجراءات المتفق عليها مع الصندوق، من أجل التصدي للتحديات الاقتصادية، وهو ما رأوا أنه أدى إلى تأجيج المخاوف بشأن التطورات التي يمكن أن تطاول الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.
وأضاف “هذه المخاوف تدعم سلوك المضاربة في الاقتصاد، مثل اكتناز العملات الأجنبية، وهو ما يمنحها نوعاً من الزخم، ويدفع باتجاه تحقق المخاوف”.
ومن ناحية أخرى، يجادل المتفائلون في مصر بأن بلدهم “أكبر من أن يفشل”، وأن “صندوق النقد الدولي ودول الخليج سيتدخلون لإنقاذها”، أو أن “الحكومة تدرك ما عليها فعله، وستقوم به في لحظة ما”. وقال البنك “الشيء المتفق عليه هو أن لا يوجد بديل آخر لتلك الاحتمالات”.
ورغم استبعاد حدوث اضطرابات اجتماعية على المدى القريب في مصر، فقد رأى محللو البنك أن ارتفاع تكاليف المعيشة، وتراجع القوة الشرائية للمصريين، يثيران استياء الرأي العام، مرجحين أن يمثلا مصدر قلق للسلطات. وأشاروا إلى أن هذا الوضع أدى إلى مزيد من التدخل الحكومي في الاقتصاد، بدلاً من تقليله.