احتشد مئات الآلاف في مدينة إسطنبول التركية تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، في تجمّع جماهيري ضخم تجاوز مليونا و700 ألف شخص، قبل أسبوع واحد من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري يوم 14 من الشهر الجاري.

ورصدت صور ومقاطع فيديو حشودا هائلة من أنصار الرئيس التركي وتحالفه الانتخابي "الجمهور"، حيث ملؤوا ساحة "حديقة الشعب" بمطار أتاتورك وسط المدينة، يرفعون ويهتفون بشعارات تؤكد وقوفهم بجانب أردوغان الذي ينافس 3 مرشحين رئاسيين.
وعلق الكاتب الصحفي جمال سلطان على مشهد الحشود معتبرا أنها حشودا غير مسبوقة في اسطنبول ، تحضر المؤتمر الانتخابي للرئيس أردوغان ، الأعداد وصلت حتى الآن مليون و 700 ألف ، وهناك حشود أخرى عالقة على مداخل مطار أتاتورك حيث ينعقد اللقاء.

واعتبر أن المشهد مؤشر على تحولات مهمة، ودعم سياسي كبير لأردوغان وحزبه ، فاسطنبول 18% من أصوات تركيا بكاملها.

مشاركة فاعلة 
وقالت " الأناضول " إن شوارع مدينة إسطنبول التركية شهدت ازدحاما كثيفاً واختناقات مرورية جراء كثافة أعداد المشاركين من المواطنين الأتراك في الفعالية الانتخابية "تجمع إسطنبول الكبير" الذي دعا له حزب العدالة والتنمية، والمقام في "حديقة الشعب" خامس أكبر حديقة في العالم بمطار أتاتورك.

الباحث حسام عبدالكريم عبر Hossam Abdelkariem اعتبر أن الدعاية التي تروجها بشكل قبيح الصحف الاوروبية ك(الإيكنوميست البريطانية) و(لو بوان) و(لكسبريس) الفرنسيتين حقيرة ضد أردوغان ودعوة صريحة وتحريض مباشر على خلع رئيس دولة واستباق للنتائج والادعاء انها ستزور في "تحشيد صريح ودعوة واضحة لإشعال ما يشبه الاقتتال الداخلي وإدخال تركيا في نفق مظلم".
وأشار إلى السوابق الغربية من خلال إعلامهم في الكيل بمكاييل عدة في قضية واحدة مثل أوكرانيا وفلسطين ومع قطر في كأس العالم واعترافهم وتطبيعهم القذر مع الطاغية الديكتاتور السفاح (السيسي) وأخيرا مع تركيا..".
وعن تناقض بعض أنصار الطغاة حتى ممكن يعيشون في الغرب ويتساقون مع دعايته أضاف عبدالكريم أن "منطقتنا مفيهاش سياسة ولا انتخابات، منطقتنا فيها معركة وجود ايدبولوجية، بين كل ما هو إسلامي أو شرقي محافظ، وبين كل دلاديل وأغوات وطواشي ومحاظي الغربي المستعمر الsفاح المنحط".
وكتب "المعادلة بتقول باختصار اللي يركب يفرم ويدعس التاني بوضوح وشفافية وصدق مع النفس، هي دي المعادلة شئنا أم أبينا، مشكلتنا إننا لا حول لنا ولا قوة ومتداس على وشوشنا بقالنا سنين لما مبقالهاش معالم، لكن ابو بلال فهم المعادلة وشغال صح وعارف ازاي يتعامل معاهم من اليوم الأول وبأدواتهم".

نقطة تحول مفصلية
الأكاديمي د.رضوان جاب الله رأى في قراءة عامة للمشهد أن الانتخابات التركية نقطة تحول مفصلية من عدة جوانب:

أولا: كل المؤشرات تقول بأن الانتخابات التركية خلال الأيام القادمة هي الأكثر أهمية وهي إحدى أهم مؤثرات التغيير للعقد القادم ليس في تركيا وحسب بل في الشرق الأوسط والعالم وأن المنافسة فيها حادة ومتقاربة وغير متوقعة سواء في الرئاسة أو في البرلمان.

ثانيا: هناك تمايز واستقطاب حاد بين اتجاهين ومشروعين  وتحالفين:

١-(تحالف اتفاق الجمهور) بقيادة حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس الحالي الطيب أردوجان ويضم الجزء الأكبر من الاتجاه الإسلامي الوسطى القريب من مدرسة الإخوان المسلمين سواء في العدالة والتنمية أو الأحزاب الكردية الإسلامية الصغيرة مع الاتجاه القومي التركي بقيادة بهشلي ومعه مجموعة من الأحزاب القريبة وبعض الأحزاب الليبرالية الوسطية والمهاجرين.

٢- (تحالف الملة) بقيادة حزب الشعب ومرشحه كليشدار أوغلو ويضم الجزء الأكبر من ذوي الاتجاهات الليبرالية الرأسمالية واليسار وحزب الشعوب الاشتراكي الكردي  وفئات إسلامية متشددة تجاه العدالة والتنمية مثل فصيل من حزب السعادة (يشبه حزب النور في مصر) ومجموعات من جماعة كولن وشخصيات منشقة عن حزب العدالة والتنمية وكذلك أنصار حزب العمال التركي وفئات أرمينية وعلوية (وبخاصة بعد تصريح كليشدار مرشح الرئاسة بأنه علوي ويفتخر في إشارة لكسب أصوات العلويين والشيعة في اسطنبول).

أما الجانب الثالث:السياسات المعلنة للطرفين:

-تحالف أردوجان والعدالة يسير في سياسة الانفتاح المتدرج على العرب والمسلمين  والشرق لإحداث نوع من التوازن مع الغرب والاستمرار في سياسة تجنب  التصادم الخشن مع الغرب أو روسيا ولعب دور الحياد الإيجابي في حرب أوكرانيا مع رفض فكرة القروض والديون من البنك الدولي والدخول لعالم الصناعة بقوة وبخاصة الصناعات العسكرية وتعزيز الوجود التركي السياسي والاقتصادي والثقافي في مجموعة الدول الناطقة بالتركية وشرق المتوسط والرفض الضمني للانقلابات العسكرية والاستمرار في تحديث تركيا وتعزيز دورها الإقليمي والدولي ومحاولة الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الاستقلال العسكري والسياسي والاقتصادي ونشر ثقافة الديمقراطية في الحياة السياسية.

-تحالف كليشدار وحزبا الشعب والشعوب يطرح سياسة الانخراط التام مع المحور الغربي ودعم أوكرانيا بوضوح حتى لو وصل الأمر لموقف مشابه لموقف تركيا العسكرية من الحرب الكورية في القرن الماضي والتماهي مع سياسات حكومات الدول العربية الحالية  أيا كان نوع السلطة فيها والانسحاب من شمال سوريا ومن العراق ومن ليبيا والتوازن في علاقة تركيا مع كل من أرمينيا وأذربيحان وأن هذه السياسات ستعجل بقبول تركيا في الاتحاد الأوربي والقبول الغربي العام .. وأن تركيا عليها ألا تقدم على خطوات تقلق الغرب مثل
التصنيع العسكري واسع النطاق أو فتح أسواق تنافس الغرب أو مزاحمة الغرب في مناطق نفوذه..


مزايدات من الأطراف
ورأى جاب الله أن الوضع الداخلي هناك مزايدات في الوعود بين الطرفين ولكن تجربة العدالة والتنمية مقبولة لدى كبار السن وكل من عاصر الحقبة العسكرية فمقاربة العدالة والتنمية بالنسبة لهم ناجحة مقارنة بما كان من تجارب الأحزاب الليبرالية الغربية التي كانت فيها ٢٠ الف ليرة = دولارا ويمارس في تركيا القمع والإخفاء القسري والانقلابات العسكرية المستمرة باسم الديمقراطية أو حماية الدستور العلماني.
وعن الشباب التركي الذي ولد وشب في ظل العدالة والتنمية فأشار إلى أنه يغلب على قطاع كبير منه التطلع للتغيير بأي شكل وسط دعاية كبيرة في أوربا وأمريكا وتركيا نفسها  والدول العربية الموالية للغرب مضادة للعدالة والتنمية وتعد على أردوغان وحزبه أنفاسهم.

وعن وضع القضية الفلسطينية قال إن الموقفين متقاربان باعتبارها قضية دولية كما يقول الباحث أوزيز وليست إقليمية والدعم اللازم للشعب الفلسطيني يقدم في الحدود المسموح بها دوليا..
واستدرك في منشور عبر فيسبوك أن العدالة والتنمية جرب تجاوز هذه الخطوط من قبل في أربعة مواقف مشهورة الأول الرد الصادم من أردوغان على شيمون بيريز في دافوس وتبعه محاولة انقلاب فاشلة أثناء إجراء جراحة خفيفة لأردوجان وتحريك حزب العمال ضد تركيا وموقف سفينة مرمرة تبعه تأليب الدول العربية تجاه اردوجان أما استقبال هنية ومشعل في البرلمان والسماح بعقد مؤتمر الجمعيات الأهلية الفلسطينية في العالم  فقد تبعه حصار اقتصادي أما رفض تركيا المشاركة في دعم الانقلاب على الربيع العربي والتعاطف مع المظلومين بشكل إنساني ولم تتجاوز ذلك لفعل سياسي مؤثر في الأحداث ومع ذلك عوقبت بمحاولة انقلاب ثانية فاشلة ٢٠١٦.

ومع أن تحالف كليشدار يبدو متشددا تجاه المهاجرين ومتقاربا مع نظام بشار إلا أن هناك مصالح قومية تركيا هي في النهاية التي ستحكم المسألة وعملية تنفيذ هذه التوجيهات..
 

استطلاعات واقعية أم فرقعة؟
وقبل أيام أظهرت بعض الاستطلاعات تفوق المعارضة تم إجراؤها قالت الباحثة آسية إبراهيم في تقرير ل(الجزيرة نت) إنها (الاستبانات) كانت بدعم وتمويل مادي من المعارضة" وهو ما نقلته عن عضو البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية أمر الله إيشلر.

الاستطلاعات المعنية هي التي أشارت إلى تفوق مرشح "تحالف الأمة" كمال كليجدار أوغلو على منافسه بالانتخابات الرئاسية الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان مرشح "تحالف الجمهور".

وجاءت تصريحات إيشلر تعليقا على نتائج استطلاع رأي أجراه مركز "ORC" للأبحاث بأنقرة، أظهر توقع فوز كليجدار أوغلو بنسبة 49.3% مقابل 42.4% لأردوغان.

وأثارت نتيجة الاستطلاع، الذي أجراه المركز الفترة بين 19-22 أبريل/نيسان الماضي، جدلا بين مشكك في نتيجته واتجاهات المركز الذي نظمه، ومن يراها نتيجة واقعية ترصد اتجاهات الناخبين السياسية في الوقت الراهن.

وأضاف إيشلر في تصريحات صحفية أن الهدف من نشر نتائج تلك الاستطلاعات هو التأثير على الناخبين، قائلا "الاستطلاع الانتخابي الحقيقي يتم إجراؤه على أرض الواقع، واعتمادًا على تجولي (مع الحملة الانتخابية) لعدة أيام ولقائي بالناس، أرى أن الرئيس أردوغان سيفوز بالجولة الأولى بنسبة تفوق التي حازها بالانتخابات السابقة، أي تتخطى الـ 52%، وهو ما تظهره بعض الاستطلاعات التي أُجريت مؤخرًا".

وعن أنواع الاستطلاعات الانتخابية في تركيا، اعتبر سنان أولجن المحلل السياسي التركي ومدير مركز "إدام" (EdamOrg) للأبحاث بإسطنبول أنه يمكن تقسيمها إلى 3 فئات تبعًا لنوعية ووضع الشركات القائمة بها.
وأوضح أن أن أن أن الفئة الأولى هي شركات تظهر فقط فترة الانتخابات وتنشر نتائج لاستطلاعات رأي بهدف أن تتصدر أجندة الرأي العام والإعلام، ولهذا لا يمكن الوثوق في نتائج تلك الاستطلاعات.

أما الفئة الثانية "استطلاعات تقوم بها شركات موجودة في هذا المجال منذ سنوات طويلة، لكنها تجريها لتكون نتائجها مؤيدة لحزب سياسي معين، حيث تكون نسب ذلك الحزب دائمًا مرتفعة في استطلاعاتها".

وكانت الفئة الثالثة "شركات تجري استطلاعات رأي باتباع منهجية موثوقة وتنشر نتائجها مهما كانت، وهذه الشركات عددها أقل في تركيا".

وعن أدوات الاستطلاعات، لفت إلى أنها إما أن تكون عن الاتصال بالهاتف أو المقابلات وجهًا لوجه، أو استطلاعات عبر الإنترنت أو عن طريق الهواتف الذكية.

وفي هذا الصدد، يرى البرلماني إيشلر أن "بعض مراكز الاستطلاعات الانتخابية تدعمها وتمولها المعارضة، وقسم من شركات الاستطلاعات وخاصة القريبة من المعارضة تهول من نسب الاستطلاعات وفقًا لـ (مصلحة) الجهة الممولة لها".

ولفت أن "هناك مؤسسات دولية أو أجنبية تمول شركات لبحوث الرأي العام لإجراء استطلاعات، لاهتمامها بنتيجة الانتخابات القادمة التي تعد انتخابات القرن، إلا أنها عادة لا تُنشر".

وأكد إيشلر أن المجتمع الدولي أصبح "يعرف أن أردوغان سيفوز بالانتخابات الرئاسية، وهو ما أصبح يُنشر في وسائل الإعلام الدولية".