كشف التقرير السنوي الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، والذي يشمل 180 دولة، عن تصنيف الدول العربية في مؤشر "حرية الصحافة" لعام 2023.

ويقع مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس، وهي معنية برصد حرية الصحافة بالعالم، ويتزامن نشر تقريرها مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة في 3 مايو من كل عام منذ 1993.

وتدل مؤشرات التقرير على أن "الوضع خطير للغاية" في 31 بلدًا، و"صعب" في 42 بلدًا، و"إشكالي" في 55 بلدًا، في مقابل "جيد" أو "جيد نوعًا ما" في 52 بلدًا فقط.

ويحتسب التقرير الدرجة المخصصة لكل بلد على أساس حصيلة كمية للانتهاكات المرتكبة ضد الفاعلين الإعلاميين أثناء ممارسة عملهم، وكذلك ضد وسائل الإعلام، بالإضافة إلى تحليل نوعي للوضع في كل دولة بناء على إجابات خبراء متخصصين من بينهم صحافيون وباحثون ومدافعون عن حقوق الإنسان.

ويعتبر التقرير بمثابة الضمير الذي يذكر الحكومات بضرورة الوفاء بتعهداتها تجاه حرية الصحافة، ويتيح للعاملين في وسائل الإعلام فرصة التوقّف على قضايا حرية الصحافة والأخلاقيات المهنية.

ويعد اليوم العالمي لحرية الصحافة كذلك فرصة للوقوف إلى جانب وسائل الإعلام الملجومة والمحرومة من حقها بحرية الصحافة ومساندتها. كما يُعد أيضًا فرصة لإحياء ذكرى أولئك الصحفيين الذين قدموا أرواحهم فداءً لرسالة القلم.

 

ترتيب الدول العربية

ووفق التقرير، احتلت جزر القمر المرتبة 75 عالميًا والأولى عربيًا، فيما جاءت موريتانيا بالمرتبة 86 عالميًا والثانية عربيًا، وقطر بالمرتبة 105 عالميًا والثالثة عربيًا.

وجاء ترتيب بقية الدول على النحو التالي: لبنان في المرتبة 119 عالميًا والرابعة عربيًا، تلته تونس 121، والجزائر 136، والصومال 141، ثم المغرب في المرتبة 144 عالميًا، وفقًا لـ"الأناضول".

فيما احتلت الإمارات المرتبة 145 عالميًا والتاسعة عربيًا، تلاها الأردن (146 عالميًا)، ثم السودان (148)، وليبيا (149) والكويت (154) وعُمان (155) وفلسطين (156).

وبحسب التقرير نفسه، جاءت جيبوتي في المرتبة 162 عالميًا والـ16 عربيًا، تلتها مصر (166) عالميًا والـ17 عربيًا، والعراق (167) واليمن (168) والسعودية (170) والبحرين (171).

أما سوريا فقد احتلت المرتبة الأخيرة عربيًا، والـ175 عالميًا، وفق المصدر نفسه.

 

مصر.. "تضييق غير مسبوق"

يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين، محمد سعد عبد الحفيظ، لموقع "الحرة" إن "الصحافة المصرية تعاني منذ سبع سنوات على نحو غير مسبوق، "حيث يعمل الصحفيون في ظل حصار وقيود تفرض على وسائل الإعلام"، بعض تلك القيود من خارج الإطار التشريعي وجزء آخر منها وُضعت له قوانين وتشريعات.

وأوضح عبد الحفيظ، في تصريحات لموقع "الحرة"، أن "الجزء غير المشرّع له علاقة بالممارسات والضغوط التي تمارس على المؤسسات الصحفية التي هي من المفترض وفقًا للدستور مؤسسات مستقلة حتى لو كانت قومية، ولكن هذا الاستقلال جرى تهميشه وجرى حصار المؤسسات بوضع خطوط حمراء كثيرة حول كثير من الملفات".

وأضاف أن "هناك تحديات أخرى تتعلق بالقوانين التي تم إصدارها تقيد بشكل مباشر حرية الإعلام، مثل القانون 180 لتنظيم الصحافة والإعلام الذي صدر لسنة 2018".

 

22 مادة تقيد حرية الصحفيين والمؤسسات

وأوضح عبد الحفيظ: "يفترض بأن هذا القانون جاء لتنظيم عمل الإعلام، لكننا رصدنا في نقابة الصحفيين 22 مادة في القانون تقيد حرية الصحفيين والمؤسسات من خلال فرض الكثير من الخطوط الحمراء على ممارسة الصحفيين لعملهم، بدءًا من الطابع الحكومي لمجلس تنظيم الإعلام من خلال منحه الحق في المنع والحجب ووقف الطبع والظهور، ما يعني أنه بمثابة دور الرقيب رغم أن الدستور حظر الرقابة على الصحافة ووسائل الإعلام إلا في وقت الحرب أو التعبئة العامة".

وتحظر السلطات المصرية عشرات من المواقع الإخبارية وبعض تطبيقات التواصل الاجتماعي.

يشير عبد الحفيظ إلى مسألة الحبس في قضايا النشر بشكل مخالف لمواد الدستور التي قصرت ذلك في ثلاث حالات فقط.

ويقول: "لا يزال هناك أكثر من 14 مادة في قانون العقوبات وقوانين أخرى تجيز الحبس في قضايا النشر، وهي مواد لم تراجع حتى هذه اللحظة من قبل البرلمان بالرغم من وجود إلزام دستوري بمراجعتها، وكأن هناك من يريد أن يظل سيف الحبس مسلطا على رقاب الصحفيين".

 

حبس 10 صحافيين نقابيين 

وأشار إلى أن هناك عشرة من الصحفيين النقابيين محبوسون حاليًا، فيما تشير تقارير أخرى إلى وجود عدد مماثل من صحفيين غير تابعين للنقابة.

يشير عبد الحفيظ إلى إلزام دستوري آخر يتعلق بضرورة إصدار قانون ينظم حرية تداول المعلومات، "لكن رغم مرور عشر سنوات على إقرار الدستور، لا يوجد قانون لحرية تداول المعلومات وهذا يجعل الصحفيين حائرين بين الجهات المختلفة للحصول على المعلومات التي هي حق لكل مواطن".

يشير رئيس قسم التحقيقات بصحيفة الدستور المصرية، أحمد عاطف رمضان، إلى مسألة تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني الرواتب للغاية باعتبارها العمود الفقري للاستقرار للعاملين فى مجال الصحافة وأسرهم، إضافة إلى عدم اهتمام المؤسسات الإعلامية بتدريب وتأهيل الصحفيين وتتركهم يمارسون العمل الصحفي وأحيانًا في المناطق الخطر والمعادية دون أي تدريب أو حتى أدوات.

وينتقد رمضان، عدم الاعتراف بالصحفيين الإلكترونيين في مصر بسبب القوانين والتشريعات، "رغم أنه بات لهم الدور الأكبر فى الإعلام العالمي".

 

تحسن أوضاع الصحافيين

ويأتي انطلاق الحوار الوطني الذي دعا إليه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة.

وقال عبد الحفيظ: إذا كانت السلطة جادة في أن يكون هناك إصلاح سياسي وتطور ديمقراطي، فإن البداية أراها سهلة، وهي من خلال تهيئة المناخ، وهذا لا يتأتى إلا بإصلاح أحوال الصحافة من خلال إدخال تعديلات في التشريعات، ووقف الممارسات، والإفراج عن الصحفيين المحبوسين، وإصدار قانون لحرية تداول المعلومات".