سيتسبب الملء الرابع لسد النهضة في أزمة ندرة المياه في مصر التي تتفاقم بشكل كبير، بعد تقليص حصتها من مياه نهر النيل بما لا يقل عن 20 مليار متر مكعب، حسب مركز "جيوبوليتيكال فيوتشرز".

وفي أغسطس 2021، أهدرت حكومة السيسي اكثر من ٢٠ مليار متر مكعب من مياه  الفيضان في ذلك العام والتخلص منها بدعوى عدم وجود أماكن لاستيعابها وتخزينها.

وتساءل المراقبون عن دولة تعاني من الشح المائي ومقبلة على خطر يهدد وجودها لا تنشئ محطات تخزين اضافيه لمواجهة التحديات المقبلة.

وقبل مؤتمر الأمم المتحدة في نيويورك حول الوصول العالمي إلى المياه، حددت تقارير خسائر مصر من جراء الملء الرابع الذي يعادل 3 أضعاف الخسارة في الملء الأول والثاني والثالث مجتمعين.

فالمشكلات في دلتا النيل كانت تتفاقم منذ عقود، مشيرة إلى أن زيادة مستوى البحر المتوسط زادت من ملوحة المياه الجوفية والتربة، وزاد الضغط على مصادر المياه الموجودة بالزيادة السكانية، وفي الوقت نفسه أدَّى التخلُّص الجماعي من النفايات الصناعية في قنوات الري إلى تلوُّث المجاري المائية.

 

ملامح الكارثة المائية والبيئية التي تنتظر مصر، يتمثل في انحسار مستوى المياه في النيل داخل مصر سينخفض لدرجة أن كثيرًا من أنابيب المضخات سوف تنكشف لانحسار المياه عنها، وعندما ينخفض مستوى المياه إلى هذا الحد فإن الدلتا، وهي أكثر مناطق مصر خصوبة، وعلى إثر تراجع مستوى النيل، فإن مياه البحر ستدخل، مما يعني أن تربة الدلتا ستصبح مالحة وغير صالحة لكثير من المحاصيل الزراعية.
 

ولا تحصل مصر على كثير من الأمطار سنوياً، ولذلك فإن المياه الجوفية تأتي من النيل ذاته، وإذا ما انخفض مستوى مياه النيل فلن تعوض المياه الجوفية، بالإضافة إلى ذلك يخشى المصريون من أن مياه السد لن تستخدم فقط لتوليد الكهرباء.


ديفيد هيرست الصحفي البريطاني سبق أن حذر في مقال من أن إعلان الإثيوبيين أنهم لن يستخدموا المياه في الزراعة، وأنه بعد مرور ثلاثة أعوام، كما يزعمون، ستعود مستويات المياه في مصر إلى ما كانت عليه، محض زعم وكلام غير صحيح، حيث أن الإثيوبيين يمنحون الأراضي لمستثمرين أجانب، وها هم الآن يقسمونها ويوزعونها على مستثمرين محليين وأجانب. وسوف يستخدمون بشكل دائم ما بين عشرين إلى ثلاثين بالمائة من المياه التي عادة ما تذهب إلى مصر، مما سيكون له كبير الأثر على مصر، التي لا يوجد لديها مصدر آخر للمياه..

وكان معهد سميزرسونين في واشنطن، حذر من أن سد النهضة سيسهم في تقليص كمية المياه المتدفقة إلى مصر بنسبة 25% للحد الذي يقلص إمدادات المياه النظيفة، ويضعف قدرتها على توليد الطاقة.

 

وتوصل البحث إلى وجود خطر آخر يهدد مصر جراء بناء السد الإثيوبي، وهو غرق الأجزاء المنخفضة من دلتا النيل تحت مياه البحر المتوسط.

 

وأوضح البحث أن دور السد في تقليص كمية الطمي المتدفق إلى الدلتا بجانب الضغط الزلزالي، سيؤدي إلى إغراق أجزاء الدلتا المرتفعة حاليًا عن سطح البحر بنهاية القرن الحالي.

 

وقالت أحدث الدراسات العلمية لمنطقة الدلتا أنه من المتوقع أن يفقد 4 ملايين شخص من سكانها عملهم نتيجة تدهور الأراضي بالدلتا وفقدها، مما قد يؤدي إلى زيادة الهجرة غير الشرعية خارج البلاد، هذا بخلاف التأثيرات الأخرى للتغيرات المناخية والمتمثلة في حدوث حالات من الجفاف وزيادة معدلات السيول.

 

وتشغل دلتا النيل، مساحة تزيد على 12 ألف كيلو متر مربع على ساحل البحر المتوسط، وسيؤدي نقص المياه المتجددة بــ2% إلى فقدان 200 ألف مزارع مصري لعملهم، وهم من أقل الطبقات دخلاً، مما سيؤدي حتما إلى ارتفاع معدلات البطالة.

 

وتعتمد مصر في 97% من أعمالها على مواردها المائية التي تأتي من خارج حدودها شاملة المياه السطحية والجوفية، مما يضاعف من أي تأثيرات للتغيرات المناخية على مواردها المائية، وأن العجز المائي للبلاد وصل إلى نحو 90% يتم تعويضه من خلال إعادة تدوير المياه، والذي يمثل 25% من الاستخدام الحالي، كذلك استيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز.