أوضحت صحيفة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن الزلزال الأخير في تركيا وسوريا عزز من احتمالات عودة بشار الذي كان منبوذًا إلى الحظيرة العربية، ولكن يبدو أنه من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى بدء إعادة الإعمار في البلد الذي مزقته الحرب.

وقالت في تحليل كتبه "باسم مروي" و"كريم شهيب": "مع دخول الصراع السوري عامه الثالث عشر، لا تزال حكومة "بشار الأسد" ترفض تقديم تنازلات لخصومه المحليين، رافضة مطالب الولايات المتحدة القديمة وحلفاءها باعتبارها حلًا سياسيًا لا يزال بعيد المنال”.

وأضافت: "وكثفت دول الخليج جهودها لتطبيع العلاقات مع حكومة "الأسد"، لكن محللين أشاروا إلى أن "الشلل السياسي المستمر يرجح أن يمنعهم من ضخ مليارات الدولارات لإعادة الإعمار في سوريا”.

وأدى الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص - من بينهم حوالي 6 آلاف ضحية في سوريا - إلى تفاقم الدمار الناجم عن الصراع السوري المستمر منذ 12 عامًا والذي أودى بحياة ما يقرب من نصف مليون شخص.

وقدر البنك الدولي في تقييم أولي بعد الزلزال، أن الكارثة تسببت في أضرار مادية بقيمة 5.1 مليار دولار في سوريا.

ومنذ تحول ميزان القوى لصالح "الأسد" خلال السنوات القليلة الماضية، أعادت الحكومة بناء أجزاء صغيرة من البلاد بمساعدة حلفائها. ولكن لا تزال مدن وبلدات وقرى بأكملها في حالة خراب؛ حيث تسبب الصراع في أضرار دائمة لأنظمة الكهرباء والنقل والصحة في البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن الوكالات الطبية والإنسانية الدولية تخشى من تفشي الأمراض بشكل خطير بسبب تضرر شبكات المياه والصرف الصحي في البلاد بسبب الزلزال.

وقال الأمين العام العالمي للصليب الأحمر مؤخرًا، إن إعادة بناء البنية التحتية يجب أن تكون أولوية.

ومع ذلك، قد يكون الزلزال والتقارب الأخير بين القوى الإقليمية الإيرانية والسعودية - اللتين دعمتا الأطراف المتنافسة في الصراع السوري منذ عام 2011 - نقطة تحول في حظوظ دمشق السياسية.

وترى الصحيفة أنه يبدو أن "الأسد" مستعد للعودة السياسية في العالم العربي، بعد مرور أكثر من عقد على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية المكونة من 22 دولة؛ بسبب قمعه الوحشي للمتظاهرين ولاحقًا للمدنيين خلال الحرب.

ويبدو أن التعاطف الدولي في أعقاب الزلزال أدى إلى تسريع التقارب الإقليمي الذي كان يختمر منذ سنوات؛ حيث كانت دولة الإمارات قد أعادت بالفعل علاقاتها مع دمشق قبل كارثة الزلازل، بينما كانت سوريا تزيد اتصالاتها مع تركيا، الداعم الرئيس للمعارضة.

بعد الكارثة، قدمت الدول العربية المعادية سابقًا - مثل السعودية - مساعدات لسوريا التي تسيطر عليها الحكومة. وبدأ حلفاء واشنطن الرئيسيون في استعادة أو تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية.

قال الرئيس التونسي مؤخرًا، إنه يأمل في إعادة العلاقات مع سوريا، بينما التقى وزيرا خارجية الأردن ومصر "الأسد" في دمشق للمرة الأولى منذ 2011. واتفق كبار نواب المنطقة في قمة بغداد الشهر الماضي على العمل من أجل إنهاء العزلة السياسية لسوريا.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية "أحمد أبو الغيط" يوم الثلاثاء، إن الرياض تستضيف القمة المقبلة للجامعة العربية في مايو، حيث تأمل معظم الدول في استعادة عضوية سوريا بعد تعليقها في عام 2011.

وتأمل سوريا أن هذه المصالحة ستطلق العنان للأموال التي طال انتظارها لإعادة بناء البلد المنكوب. ومع ذلك، قال محللون إنه من غير المرجح أن يحدث ذلك على أي نطاق واسع في الوقت الحالي.

 وقال الاقتصادي السوري البارز "سمير سيفان" المقيم في اسطنبول: "إعادة الإعمار وتمويلها قضيتان شائكتان وليستا مطروحتين حاليًا على الطاولة”.

قدّر "سيفان" أن سوريا عانت من أضرار مادية بنحو 150 مليار دولار، وقال إن إعادة الإعمار قد تكلف في النهاية أكثر من 400 مليار دولار”.

وأضاف أن "بعض الدول العربية، مثل قطر الداعم الرئيس لسوريا، تريد من الأسد تقديم تنازلات للمعارضة من أجل المصالحة”.

ولفتت الصحيفة إلى أنه ربما يكون أكبر عائق أمام إنهاء العزلة الدولية لسوريا هو أن واشنطن لم تغير موقفها تجاه الأسد.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لوكالة "أسوشيتد برس" شريطة عدم الكشف عن هويته: "لقد كنا واضحين عندما يتعلق الأمر بسياستنا بشأن نظام الأسد. في غياب التقدم المستمر نحو حل سياسي للصراع السوري، لن نقوم بتطبيع العلاقات مع النظام، ولن ندعم تطبيع العلاقات مع دول أخرى”.

لم تنفذ سوريا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي تم تبنيه في ديسمبر 2015 كخريطة طريق للسلام في سوريا، وكان قبول خريطة الطريق مطلبًا رئيسًا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتطبيع العلاقات مع دمشق.

يدعو القرار إلى عملية سياسية بقيادة سورية، تبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالية، تليها صياغة دستور جديد وتنتهي بانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.

وأردفت الصحيفة: "يأمل مسؤولو الأمم المتحدة أن يدفع الزلزال الآن أطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات، بعد أن ضاعفت الأضرار التي لحقت بها الدمار الذي خلفته الحرب”.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، في بيان، بمناسبة الذكرى السنوية الـ 12 للحرب السورية: "يجب توجيه الدعم المقدم في أعقاب هذه الزلازل إلى طاقة متجددة على المسار السياسي، لمعالجة القضايا الأساسية التي يقوم عليها الصراع السوري”.