اعتبر مراقبون أن رفع سعر بيع منتجات البنزين اعتبارا من الساعة الثانية صباح الخميس 2 مارس وراء حالة الغليان التي سجلها المصريون عبر هاشتاجات تصدرها (البنزين)، و(الاسعار الجديده)، و(التسعير التلقايي)، و(المنتجات البتروليه)، و(المنتجات المصريه) وكذلك دون هاشتاجات.
ورأى المراقبون أن جعبة برنامج "صندوق النقد" التقشفية والتي قرر السيسي وحكومته تطبيقها حتى قبل الحصول على القرض الهزيل (3 مليارات دولار) لا تشمل فقط رفع واحد للمواد البترولية ولأسعار الطاقة بما في ذلك (الكهرباء) و(الغاز المنزلي) بل توقعوا أن تزيد المواد البترولية مجددا مرة واثنين وثلاثة على مدى العام 2023، وتوقعوا أيضا أن يتدهور الجنيه المصري تحت غطاء (قيمته الحقيقية) في السوق أمام العملات الأجنبية التي تتعامل بها مصر حكومة وقطاع خاص.
وأشار المراقبون في هذا التوقع أولا لتحذيرات مجلة السياسية الخارجية الامريكية (فورين بوليسي) التي رجحت أن "القادم أسوأ ما لم تتغير السياسات"، واستندت أيضا لآراء الخبير الإستراتيجي في بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي، جيرجلي أورموسي الذي رجح تدهور الجنيه المصري خلال العام الجاري ليصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 37 جنيها.
وقال أورموسي في مقابلة مع قناة "اقتصاد الشرق بلومبرج": " الجنيه المصري سيضعف لأن البنك المركزي المصري والسلطات قدمّا التزامات إلى صندوق النقد الدولي والأطراف الأخرى من أجل الحصول على التمويل".
وربط الباحث الفرنسي من خلال (@AsharqbEGY) بين هذا التدهور وشروط البنك الدولي بالمضي قدما في زيادة الاحتياطيات الأجنبية وهذا يعني أن مصر يجب أن تقنن مواردها وأن نتنبه إلى عدم تعديل قيمة الجنيه لتقويته أو التدخل في السوق لحمايته.
وأوضح أنه "عندما ينتقل البنك المركزي المصري إلى سعر صرف أكثر مرونة حينها قد نرى في بعض الفترات ارتفاعا في الجنيه لكن لا نتوقع حدوث هذا الأمر في العام الجاري بل يمكن أن يحدث في 2024 إذا لجأت الحكومة والبنوك المركزية في تطبيق الإصلاحات"

 

لجنة التسعير
وقررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، رفع أسعار جميع المنتجات بدءًا من الساعة الثانية صباح الخميس، وذلك وفقًا للبيان المعلن.
وجاء في نص البيان: أنه في ظل تذبذب أسعار خام برنت وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، بشكل ربع سنوي، في اجتماعها التوصية بتعديل الأسعار الحالية السائدة في السوق المحلي، حيث تم تعديل سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة اعتبارًا من الساعة الثانية صباح يوم 02 / 03 / 2023.
فبات سعر 8.75 جنيه محددا للتر البنزين 80، المعروف بـ"بنزين الفقراء"، و10.25 جنيه للتر البنزين 92 و11.50 جنيه للتر البنزين 95، وسعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز ليصبح 6000 جنيه للطن، وتثبيت سعر بيع السولار عند 7.25 جنيه للتر، وتثبيت سعر المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية، فضلا عن زيادة غاز تموين السيارت ليصبح 4.50 جنيه/ متر.
وفي اجتماعها السابق في أكتوبر الماضي، قررت لجنة التسعير التلقائي تثبيت سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة في السوق المحلية عند 8.00 جنيه للتر لبنزين 80 وعند 9.25جنيه للتر لبنزين 92 وعند 10.75 جنيه للتر لبنزين 95 وعند 7.25 جنيه للتر للسولار، وسعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز عند 5000 جنيه للطن.
لكن لجنة تسعير البنزين في مصر قررت رفع سعر البنزين بين 75 و100 قرشا في مصر كأعلى نسبة زيادة منذ إنشاء اللجنة عام 2019.
وفي محاولة لتبرير رفع الأسعار قالت حكومة السيسي إن السعر المتوسط للبنزين عالميًّا سجل نحو 1.30 دولار للتر (ما يعادل بين 37 جنيهًا وحتى 40 جنيهًا)، موضحة أن هناك فروقًا ملحوظة ما بين الدول، ومتجاهلة في الوقت ذاته فروق الدخول وحجم الدعم الحكومي المسدد للمواطنين والمقميين.

 

مرتكزات الزيادة
وقال مراقبون إن آلية التسعير "التلقائي" في مصر تستند لأهم مؤثرين ومحددين لتكلفة إتاحة وبيع الوقود، وهما: تغير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، ومتوسط السعر العالمي لبرميل خام برنت في الأشهر الثلاثة السابقة لقرار لجنة التسعير.
وتُعدل أسعار البيع بنسبة لا تزيد على 10%، ارتفاعا وانخفاضا، كل ربع عام؛ وهو ما لم تلتزم به الحكومة بزيادة أسعار بنزين 92 أوكتان بنسبة تصل إلى 11%.
أما عن معدلات الزيادة فرصدها مراقبون كالتالي؛ ارتفع سعر بنزين 80 بنسبة قياسية بلغت 872%، ومنذ عام 2014؛ حيث تصدر السيسي انقلابه، كان يُباع بنزين 80 بسعر 0.90 جنيه للتر. وبنزين 92 الذي كان يُباع بـ1.85 جنيه للتر بنسبة 454%، وبنزين 95 الذي كان يُباع بـ5.85 جنيه للتر بنسبة 96%، كما ارتفع سعر السولار الذي كان يُباع بـ1.10 جنيه للتر بنسبة 559%، والغاز المستخدم في السيارات بنسبة 1025%؛ حيث كان يُباع بسعر 0.40 جنيه للمتر المكعب عام 2014.


اشتراطات النقد
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 16 ديسمبر الماضي، على عقد اتفاق قرض مدته 46 شهرا مع مصر في إطار "تسهيل الصندوق الممدد"، بقيمة 3 مليارات دولار.
وحين تواصلت حكومة السيسي للحصول على القرض في 27 أكتوبر الماضي، أورد تقرير لخبراء الصندوق التزامها بمجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية، منها السماح لأسعار معظم المنتجات البترولية بالارتفاع حتى تتماشى مع آلية مؤشر الوقود في البلاد.
وخفضت مصر قيمة عملتها أكثر من مرة في تاريخها استجابة لأزمات، أو في محاولة للتوفيق بين العرض والطلب، من أجل تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة احتياطاتها من العملات الأجنبية، وهو ما أثر في الوقت ذاته على مستويات معيشة المواطنين.
وفي 10 أشهر فقط، تراجعت قيمة العملة المصرية 104% في مقابل الدولار، بعدما خفضت 3 مرات استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي، حسب ما أفادت به مصارف حكومية.