تضمن بيان رئاسة الجمهورية عن المسودة الأولى لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، الصادر في 24 ديسمبر الماضي؛ مسائل الولاية على المال، ومنح صلاحيات جديدة للقاضي للتعامل مع الحالات العاجلة، ووضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة، واستحداث إجراءات للحد من الطلاق، والحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كلٍ منهما في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج، وإعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتي الزواج والطلاق، وتوثيق الطلاق كما هو الحال في توثيق الزواج، وعدم ترتيب أي التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به.


واستعراض البيان نتائج اجتماع السبت 24 ديسمبر 22م، والذي ضم؛ عبدالفتاح السيسي بحضور رئيس حكومته مصطفى مدبولي ووزير العدل بحكومته عمر مروان واللواء جمال عوض، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، بعد عشرين اجتماعا، وصياغة 188 مادة، والإعلان عن انتهاء مشروع القانون خلال شهر ثم طرحه بعد ذلك للحوار المجتمعي، بحسب البيان.

ورصد موقع ومنصة "الشارع السياسي" 7 مسائل خلافية تتعلق بتوجيهات وأوامر السيسي لحكومته ولجنة شكلها بصفته رئيس المجلس الأعلى للقضاء من 12 قاضيا وعضو نيابة، لترجمة رؤيته حول بعض القضايا المهمة والحساسة والتي يخالف فيها أحكام الإسلام الثابتة وموقف الأزهر الشريف..

 

الطلاق الشفهي

المسألة الخلافية الأولى تتعلق بإصرار السيسي على عدم الاعتراف بالطلاق الشفهي. وزعم الوزير وجود موافقة مكتوبة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء بشأن توثيق الطلاق، لكن الأزهر نفي ذلك في بيان رسمي الخميس 29 ديسمبر (22م)، الذي جدد فيه التأكيد على الرأي الصادر من هيئة كبار العلماء في بيان الأحد 5 فبراير 2017؛ بشأن الطلاق الشفوي.

وأكد "الأزهر" و"هيئة كبار العلماء" خمسة نقاط أبرزها "وقوع الطلاق الشفوي المكتمل الشروط والأركان والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق.. على المطلِّق أن يبادِرَ في توثيق الطلاق فوْرَ وقوعه حفاظًا على حقوق المطلقة وأبنائها.. من حقِّ ولي الأمر شرعًا أن يتَّخذَ ما يلزم من إجراءات لسنِّ تشريعٍ يكفل توقيع عقوبة رادعة على مَنِ امتنع عن التوثيق أو ماطل فيه، التحذير من الاستهانة بأمر الطلاق، ومن التَّسرع في هدم الأسرة وتشريد الأولاد وتعريضهم للضياع، على الزوج أن يلتزم بالتوثيق دون تراخ حفظًا للحقوق ومنعًا للظلم".

مشيخة الأزهر أعدت بالفعل مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسلمين سنة 2019م، استعان في إعداده ومراجعته بذوي الاختصاص، لكن الحكومة لم تأخذ به.

الورقة اعتبرت تدخل السيسي بشكل خشن في قضية الطلاق، وعدم اعتبار وقوع الطلاق الشفهي -برؤية مغايرة  للسيسي لما استقر عليه كلمة الأزهر وهيئة كبار العلماء- وهي قضية علمية فقهية بحتة، يمثل عدم اكتراث بالأحكام الشرعية.

ولفتت إلى تداعيات وخيمة شرعيا وأخلاقيا، حيث بقاء الزوجية “حكوميا” بعد تلفظ الزوج بالطلاق حتى يتم التوثيق القضائي، يجيز للزوج معاشرة زوجته وهي مطلقة شرعا، ولو مات الزوج ورثته ولا علاقة قرابة بينهما، ما يعني (إشاعة للفاحشة ونشر للزنا بين المسلمين) مستلهما وضع المرأة غربيا.



وديعة وصندوق

أما عن المسألة الثانية، فأشارت إلى أنها تتعلق باقتراح السيسي؛ إلزام المتزوجين بوضع وديعة مالية في صندوق رعاية الأسرة، مضيفا في تصريحات "وثيقة تأمين" لدعم الأسرة ماديا لاسيما في حالات الانفصال.

وأضاف "الشارع السياسي" أن مقترح السيسي قوبل برفض شعبي واسع، واعتبروه عدم إدراك بحجم المعاناة التي تواجه المقبلين على الزواج في ظل الغلاء الفاحش الذي طال كل شيء..

وتجاهل السيسي صندوقا آخر تابعا لبنك ناصر الاجتماعي، باسم "صندوق تأمين الأسرة" منشأ منذ عام 2004، بموجب القانون 11 لسنة 2004، يستهدف مساعدة الأسر التي هجرها عائلها بلا منفق، بجانب تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير النفقات والأجور وما في حكمها، لكنه صندوق مهمل ولا يجد من الدولة اهتماما، وقد يكون بابا من أبواب النهب المنظم لبعض المسئولين في الدولة.



التحاليل الطبية

المسألة الثالثة،  تتعلق بإلزام العروسين بتقديم تحاليل طبية شاملة قبل إتمام الزواج، بهدف معرفة الحالة الصحية فيما يتعلق بمسألة القدرة على الإنجاب أو الأمراض المزمنة.


واستعرض الموقع إصرار السيسي على حكومته إجراء التحاليل ومساندة عمر مروان في تصريحات لاحقة، وللكن وزير العدل أبان سبب إصرار السيسي وهو يشير إلى "قيمة التحاليل الطبية ستكون مبالغ زهيدة".

كما لفت إلى الأسباب الطبية من تحذيرات طبية من الأمراض الوراثية التي تهدد 5 ملايين مصري، ويرجع السبب الأكبر في ذلك إلى زواج الأقارب، فضلا عن تسبب الحالة النفسية والعقلية ب42% من أسباب العنف الأسري، وفق تصريحات وزيرة التضامن نيفين القباج.

واستعرض الموضع كيف يعتبر البعض أن التحاليل الطبية شكلا من أشكال الإعاقة والمزيد من القيود ورفع تكلفة أعباء الزواج؛ لأن الحكومة ستلزم المقبلين على الزواج بالتحليل في معامل حكومية برسوم باهظة كما كان يحدث في تحاليل كورونا والتي مثلت شكلا من أشكال الجباية.



الفحص النفسي


وعلى غرار التخوف من بيزنس التحاليل الطبية، تخوف موقع "الشارع السياسي" من أن يؤدي إلى زيادة نسب العنوسة (ارتفاع سن الزواج) والتوسع في العلاقات غير الشرعية، وفتح باب الفساد والرشوة لتغيير نتائج التحاليل على سبيل المثال أو التأثير في المعلومات المقدمة إلى اللجنة، بالتالي تغيير قرار القاضي، إضافة إلى دفع نسبة أكبر من الشباب إلى العزوف عن الزواج.

وأشارت إلى "سيدات قد تقبل بالزواج  من شخص عاجز جنسياً أو عقيم على رغم علمها، بهدف آخر وهو الستر أو أن لديها ظروفاً اقتصادية خاصة وزواجها الجديد سيساعدها على مجابهة متاعب الحياة، وهذا ما لا يضعه الكثيرون في الحسبان".

ولم تهمل ورقة الموقع -التي جاءت تحت عنوان "مشروع قانون «الأحوال الشخصية».. أهم المحطات والمسائل الخلافية"- الرأي القائل أن الفحص النفسي ليس حضا على الزواج أو منعا له بقدر ما هي تنوير لكل طرف باحتمالات النجاح أو الفشل مسبقا استنادا على طبيعة شخصية الطرفين واحتمالات إصابة أحدهما بأمراض نفسية مستقبلا.

 

الموافقة القضائية

ومن أبرز المسائل الخلافية؛ "ضرورة الحصول على موافقة قضائية قبل الزواج"، وقال الموقع أن بعض تسريبات مشروع القانون هدفت أجهزة النظام قياس ردود الأفعال الشعبية، كتسريب أن يأخذ المأذون موافقة القاضي قبل إتمام عقد الزواج بعد الاطلاع على نتائج التحاليل والفحوصات الطبية والنفسية للزوجين، قائلة إن البعض رأى ذلك "نوعا من التدخل في أدق تفاصيل شؤون المواطنين، خاصة تلك التي تتصل بالأبعاد الدينية والاجتماعية، في حين يترقب الجميع بدء الحوار المجتمعي حول القانون".

وأضاف الموقع الشرط ضمن القيود والعراقيل والأعباء المالية والنفسية للمقبلين على الزواج؛ فضلا عن منح صلاحيات جديدة للقاضي للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة، إلى جانب وضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة، فضلاً عن استحداث إجراءات بدعوى الحد من الطلاق.



الولاية على المال

وتتعلق المسألة السادسة،  بوضع الإجراءات ومسائل الولاية على المال، والخلاف هنا يتعلق ب"ما يتردد حول نصيب كلٍ منهم في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج؛ لأن ذلك قد يفتح بابا من أبواب الخلاف وكثرة القضايا أمام أمام المحاكم ما لم يتم تحديده بدقة وضرورة الفصل بين الدخل المستقل للرجل والدخل المستقل للمرأة، وأن هذا يتعلق فقط بما جرى إدخاره أو شراؤه من أصول بمال مشترك ساهم فيه كل منهم بنصيب واضح لا خلاف عليه، كشراء بيت مثلا ساهمت فيه الزوجة بالنصف والزوج بالنصف الآخر، أو حصول الزوجة على ميراثها ووضعه في بناء البيت أو شراء أصل بالتشارك مع الزوج"، بحسب "الشارع السياسي".



الشروط الملحقة

أما سابع الخلافيات، فتتعلق بالوثيقة الملحقة لعقد الزواج والتي تتضمن الشروط المتبادلة والمسائل التي يتفق عليها الطرفان، فالتسريبات تتحدث عن إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتي الزواج والطلاق.


وأوضحت أن الوثيقة الملحقة تتضمن قيودا على الزواج الثاني وحتى الرابع رغم أنه مباح للزوج، دون اعتبار لما يمكن أن يحدث من تغيرات في محطات الحياة المختلفة؛ فقد تصاب الزوجة لاحقا بمرض يحول دون قيامها بواجبات الزوجية، أو يمنعها من الإنجاب مثلا؛ فإذا ما أراد الزوج الارتباط بأخرى قيدته الوثيقة الملحقة التي جرى الاتفاق عليها مسبقا! وهناك مئات الاحتمالات التي تجعل من هذه الوثيقة الملحقة قيدا يعرقل الزواج ويحول دون إتمامه لأنهم فتحوا مسائل محتملة لمشاكل محتملة قد لا تقع.

وقد تضمنت مسودة مشروع الحكومة في فبراير 2021م مقترحا  يلزم الرجل  بإخبار زوجته بزواجه الثاني، وحقها في تقدير  بقائها على ذمته من عدمه، ويفرض وقد تضمنت مسودة مشروع الحكومة في فبراير 2021م مقترحا  يلزم الرجل  بإخبار زوجته بزواجه الثاني، وحقها في تقدير  بقائها على ذمته من عدمه، ويفرض غرامة قدرها من 20 إلى 50 ألفا على الزوج والمأذون الذي عقد الزواج الثاني دون علم الزوجة الأولى!.

وتنظم مسائل اﻷحوال الشخصية  للمسلمين في مصر حاليًا أربعة قوانين، هي: 25 لسنة 1920 وتعديلاته، و25 لسنة 1929 وتعديلاته، إضافة إلى القانون رقم 1 لسنة 2000، والخاص بإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والقانون 10 لسنة 2014، والخاص بإنشاء محاكم الأسرة، وتنظم تلك القوانين مسائل: الزواج والطلاق والخلع والنفقة والحضانة والإرث والوصية للمسلمين.