قفزت أسعار السلع في الأسواق بصورة كبيرة واختفت بعض السلع الأخرى، بعد قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه للمرة الثالثة خلال 2022.

وقام البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس 2022، كان آخرها يوم الأربعاء الماضي؛ ارتباطًا باتفاقها الأخير مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، وتعهدها باعتماد سياسة سعر صرف مرنة بصورة دائمة، عقب هروب عشرات المليارات من الدولارات من الأموال الساخنة مطلع العام الماضي.

وفقد الجنيه نحو 74% من قيمته أمام العملات الأجنبية، وخلال يومي الأربعاء والخميس فقد 10% من قيمته.

 

أسعار الدجاج زادت بنسبة 100%

وحدث ارتباك كبير في الأسعار نتيجة انخفاض قيمة الجنيه، وزادت أسعار الكثير من السلع الغذائية، بداية من الحبوب والبقوليات والأرز والدقيق، وحتى الألبان والزبادي والزيوت والبيض والسمن بأنواعها.

وارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بصورة غير متوقعة؛ إذا ارتفع بيع اللحم البلدي في محال التجزئة إلى 220 جنيهًا للكيلوجرام بزيادة 10%. علمًا بأنّ نصيب الفرد في مصر تراجع إلى نحو 28 كيلوجرامًا من اللحوم سنويًا، مقابل 42 كيلوغرامًا وفق المعدل العالمي للفرد.

بينما سجلت أسعار الدجاج زيادة قدرها 100% مقارنة بأسعارها في يناير الماضي، ووصل سعر الكيلو من الدواجن البيضاء 65 جنيهًا للكيلوجرام في أسواق القاهرة، والدواجن البلدية إلى 80 جنيهًا للكيلوجرام، والدواجن "البانيه" إلى 140 جنيهًا للكيلوجرام، بزيادة تقدر بـ20%، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وتجاوز سعر طبق البيض (عدد 30) حاجز الـ90 جنيهًا في أغلب المناطق؛ بما يعادل 3 جنيهات للبيضة الواحدة (مزارع)، و3.25 جنيهات للبيضة (البلدي).

وارتفعت أسعار الألبان بصورة غير مسبوقة؛ إذ بلغ سعر الليتر من الألبان المعبأة إلى 29 جنيهًا مقارنة مع 25 جنيهًا في بداية الأسبوع الماضي، وأسعار اللبن السائب المستخدم في صناعة الجبن بنسبة 15% بسبب زيادة أسعار الأعلاف، وهي المكون الرئيس لتكلفة اللبن.

أما أسعار الأجبان فقد شهدت طفرة كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الألبان، حيث وصل سعر الكيلوجرام من الجبنة البيضاء إلى 95 جنيهًا، والجبن الرومي إلى 190 جنيهًا.

وبالنسبة لزيوت الطعام، وعلى الرغم من تناقصها الشديد بالأسواق، إلا أن أسعارها شهدت قفزات متتالية في الأيام الأخيرة، حتى وصل سعر الليتر من زيت الذرة إلى 80 جنيهًا، ومن زيت دوار الشمس إلى 65 جنيهًا، وربما يعزى ذلك إلى ارتفاع أسعار الزيت الخام المستورد من الخارج؛ بخلاف تكاليف عمليات التكرير والتعبئة.

وكتبت العديد من المتاجر والمولات تحذيرات للمستهلكين من أنه لا يمكن للفرد الواحد شراء "أكثر من 3 عبوات أرز زنة كيلوجرام واحد أو عبوة واحدة زنة 5 كيلوغرامات"

 

هل يمتنع المواطن عن الأكل؟

وأرجع عضو شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، أن من أهم أسباب ارتفاع الأسعار، هو "طرح شهادات بعائد يصل إلى 25% لأنها سوف تزيد من أعباء التكلفة على المصنعين والمنتجين عند الاقتراض، وسوف تزيد من سعر المنتج النهائي، ومن ثم سوف ترتفع الأسعار مجددا، والمتضرر في كل ما يجري هو المواطن، الذي يتحمل أعباء كل هذه التقلبات والقفزات في الأسعار في كل شيء".

وهاجم شيحة أولئك الذين يدعون المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك، وقال: "هل على المواطن أن يمتنع عن الأكل إذا كانت المواد الغذائية الأولية ارتفعت بشكل غير مسبوق مثل العدس والفول والبيض والدجاج والزيت، ماذا سوف يأكل؟ على الذين يلوكون هذه الكلمة أن يكفوا عن الاستخفاف بأوضاع الناس؛ لأنهم يعلمون الحقيقة، والحديث عن الترشيد في بلد يعاني الغلاء وتدني الأجور، هو ضرب من الجنون؛ هناك من يأكل وجبة واحدة في اليوم"، وفقًا لـ"عربي 21".

وأكد شيحة أن "أزمة ارتفاع الدولار مفتعلة، ومصر بها من الموارد الدولارية ما يكفي احتياجاتها لاستيراد ما يلزم من سلع ومواد، لكن هناك من يضارب على الدولار للإضرار بالاقتصاد الوطني، وهناك من يتآمر على الاقتصاد المصري من خلال شركات متعددة الجنسية في الداخل والخارج".

وإذا كانت الأسعار ترتفع، فأحد الأسباب هو عجز المستوردين عن الحصول على الدولارات اللازمة من المصارف، وتفيد مصادر بحكومة الانقلاب أن في الجمارك حاليًا بضائع بقيمة نحو 7 مليارات دولار.

وتخطى سعر صرف الجنيه في التعاملات الرسمية بالبنوك حاجز الـ 27.25 جنيها للدولار الواحد، وهو أدنى مستوى له على الإطلاق في السوق الرسمية، فيما تخطى سعره في "السوق السوداء" حاجز الـ40 جنيها للدولار الواحد.

وفي محاولة لمواجهة معدلات التضخم، أعلن أكبر بنكين حكوميين (الأهلي ومصر) عن طرح شهادات ادخار جديدة بأجل عام، بفوائد تصل إلى 25 بالمئة سنويًا.

وشهادات الادخار، عبارة عن سندات بعائد سنوي تحدده البنوك، وتهدف من خلالها إلى مساعدة البنك المركزي بسحب جزء من السيولة من الأسواق لكبح جماح التضخم.

وقفز معدل التضخم السنوي إلى 19.2 بالمئة خلال نوفمبر الماضي، من 16.3 بالمئة في أكتوبر السابق له، وهو أعلى مستوى له منذ خمس سنوات.