في خطوة تعيد خلط الأوراق داخل البيت الوفدي، أعلن الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد الأسبق، ترشحه رسمياً لانتخابات رئاسة الحزب، مدشناً معركة "استعادة الروح" لكيان سياسي يصفه مراقبون بأنه يمر بمرحلة "انعدام وزن".
ترشح البدوي يأتي في وقت بالغ الحساسية، وسط تكهنات بأنه المرشح "الأكثر حظاً" لتوحيد صفوف الحزب المنقسم، خاصة في مواجهة الرئيس الحالي عبد السند يمامة، الذي التزم الحذر في الرد، والدكتور بهاء أبو شقة، الذي يتردد اسمه كمنافس محتمل.
المشهد الوفدي اليوم يبدو مفتوحاً على كل الاحتمالات، بين رغبة في العودة لدور تاريخي مفقود، وصراعات داخلية قد تعصف بما تبقى من استقرار الحزب العريق.
البدوي يعود لـ"لم الشمل": الوفد ليس مجرد كيان
أكد الدكتور السيد البدوي أن ترشحه يأتي استجابة لما وصفه بـ«نداء القواعد الوفدية» ورغبة واسعة داخل الحزب في استعادة روح الوفد بعد سنوات من التراجع والجمود التنظيمي، مشددًا على أن الوفد لم يكن يومًا مجرد كيان حزبي، بل مدرسة وطنية وضميرًا سياسيًا للأمة.
وأوضح البدوي، في بيان موجّه إلى قيادات وأعضاء الحزب، أن الحزب مرّ خلال السنوات العشر الماضية بحالة من الغياب عن المشهد العام، وتحول إلى «جسد بلا روح»، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان لعودة الحزب فاعلًا ومؤثرًا، وقادرًا على التعبير عن طموحات أعضائه وقواعده وجمهوره التاريخي.
وشدد على أن برنامجه الانتخابي سيركز على لمّ شمل الوفديين، وإعادة بناء المؤسسات الحزبية على أسس ديمقراطية واضحة، وتفعيل دور الحزب سياسيًا وإعلاميًا، بما يليق بتاريخه الممتد ودوره الوطني المعروف.
واختتم رئيس حزب الوفد الأسبق بيانه بالتأكيد على أن «الوفد سيبقى ضمير الأمة»، داعيًا جميع أعضاء الحزب إلى المشاركة الإيجابية في المرحلة المقبلة، والعمل على استعادة الحزب لمكانته ودوره في الدفاع عن الحريات والحياة الحزبية الحقيقية في مصر.
من الفصل إلى الترشح: تاريخ من "المد والجزر"
شهدت علاقة الدكتور السيد البدوي بحزب الوفد عددًا من المحطات المفصلية على مدار ما يقرب من 15 عامًا، تنقلت بين رئاسة الحزب، وإسقاط العضوية، والانسحاب من المشهد، وصولًا إلى إعلان ترشحه مجددًا لرئاسة الحزب.
وخلال عامي 2010 و2014، فاز السيد البدوي برئاسة حزب الوفد في ولايتين متتاليتين، قاد خلالهما الحزب في مرحلة سياسية بالغة التعقيد أعقبت ثورة يناير، وشهدت تحولات حادة في المشهد الحزبي والسياسي المصري.
وفي عام 2019، قرر حزب الوفد رسميًا إسقاط عضوية السيد البدوي، على خلفية عدم سداد المديونيات المالية المستحقة عليه، وهو ما أعقبه إعلان البدوي اعتزاله العمل السياسي في ذلك التوقيت، وابتعاده عن المشهد الحزبي.
وبعد سلسلة من الأزمات الداخلية التي مرّ بها الحزب خلال السنوات الأخيرة، أعلن السيد البدوي انسحابه الكامل من المشهد الوفدي، مؤكدًا أن قراره جاء نتيجة ما وصفه بحالة الارتباك التنظيمي والخلافات التي شهدها الحزب.
ومع تطورات عام 2025، أصدر الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد الحالي، قرارات بفصل السيد البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الوفدية.
وفي تطور لاحق، عاد السيد البدوي إلى الواجهة السياسية مجددًا، معلنًا ترشحه من جديد لرئاسة حزب الوفد، في وقت يشهد فيه الحزب حالة من الحراك الداخلي والاستعداد لانتخابات رئاسته.
وفي تصريحات متزامنة، اتهم السيد البدوي قيادات حالية داخل الحزب بالسعي إلى تحقيق مكاسب شخصية على حساب الدور التاريخي للوفد، مؤكدًا أن ترشحه يستهدف إعادة الحزب إلى مكانته الطبيعية واستعادة دوره كفاعل سياسي مؤثر.
يمامة "يترقب" والمنافسة تشتعل
قال الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد، إنه سيُعلن خلال الأيام القليلة المقبلة موقفه النهائي من الترشح لرئاسة الحزب مرة ثانية، مؤكدًا أن قراره سيُبنى على تقديراته الشخصية بحكم موقعه الحالي على رأس الحزب.
وأوضح يمامة أن تقييمه للمرحلة الراهنة يستند إلى خبرته خلال فترة رئاسته للحزب، وما شهده من تطورات تنظيمية وسياسية داخل الوفد، مشيرًا إلى أن الإعلان النهائي عن موقفه سيأتي في التوقيت المناسب.
وفي سياق متصل، أكد رئيس حزب الوفد أنه لن يعلّق على ترشح كل من السيد البدوي والدكتور بهاء أبو شقة لرئاسة الحزب مرة أخرى، موضحًا أن تركيزه ينصب حاليًا على إدارة شؤون الحزب واستكمال مسؤولياته التنظيمية.
ويأتي تصريح عبد السند يمامة في وقت يشهد فيه حزب الوفد حالة من الحراك السياسي والتنظيمي، مع اقتراب موعد انتخابات رئاسة الحزب، وسط ترقب واسع داخل الأوساط الوفدية لمواقف المرشحين المحتملين وخيارات المرحلة المقبلة.
ويأتي هذا الحراك في ظل منافسة متوقعة داخل حزب الوفد، مع ترقب لمواقف شخصيات وفدية بارزة أخرى، من بينها الدكتور بهاء أبو شقة، وسط انقسام واضح في آراء القواعد الوفدية حول مسار الحزب وقيادته المقبلة.

