شهد الجنيه، في منتصف تعاملات اليوم الأربعاء، انخفاضًا جديدًا في قيمته أمام الدولار الأمريكي بنحو 6.5%، ليسجل 26.20 جنيهًا بالسوق الرسمية، لأول مرة في تاريخه.

ويأتي انخفاض الجنيه عقب إعلان بنكي الأهلي ومصر، اليوم، إصدار شهادة ادخار جديدة بعائد 25% يصرف سنويًا، أو 22.5% يُصرف شهريًا، بهدف سحب السيولة من الأسواق لمجابهة التضخم.

وصباح اليوم، كان سعر الدولار يُصرف عند 24.7، قبل أن يواصل هبوطه أمام الدولار ويصل إلى 26.43 جنيهًا.

وشهد سعر صرف الدولار تحركًا كبيرًا مقابل الجنيه، وارتفع اليوم من 150 – 190 قرشًا مرة واحدة، شراءً وبيعًا في البنوك.

وفي أكبر بنكين من حيث الأصول والتعاملات، البنك الأهلي المصري وبنك مصر، سجل سعر الصرف اليوم 26.25 جنيه للشراء، و26.3 للبيع، وفقًا لـ"مباشر".

وفي البنوك الخاصة، سجل سعر صرف الدولار في البنك التجاري الدولي 26.3 جنيه للشراء، و26.4 جنيه للبيع، وفي البنك المصري الخليجي سجل 26.51 جنيه للشراء، و26.55 جنيه للبيع.

وفي بنك المشرق سجلت أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه متوسط 26.60 جنيه دولار للبيع ومستويات 26.50 جنيه للدولار للشراء، بينما سجل في عدد آخر من البنوك الخاصة 25.9 جنيهًا للشراء و26 جنيهًا للبيع، وفقًا لـ"CNBC عربية".

وفي البنك المركزي، سجلت متوسطات أسعار الدولار مقابل الجنيه 26.38 جنيه للشراء، و26.47 جنيه للبيع.

يُذكر أنه وعلى مدار أسبوعين شهدت أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه استقرارًا تزامنًا مع تحركات محدودة حدثت مرتين فقط خلال 11 جلسة تداول بواقع قرشين في المرة الواحدة.

 

الهبوط منطقي جدًا

ويأتي هبوط الجنيه، اليوم، بعد ترقب صندوق النقد الدولي ضمن اتفاق القرض الأخير، تحول مصر إلى سعر صرف مرن بعد إلغاء شرط تمويل الواردات بخطابات اعتماد في نهاية ديسمبر الماضي.

ومن جهته قال منصف مرسي، الرئيس المشارك لقسم البحوث في "سي آي كابيتال، إن "ما يحدث الآن منطقي جدًا ويحصل بالتوافق مع صندوق النقد الدولي، وجاء بعد بداية الإفراج عن بعض البضائع المحتجزة بالموانئ"، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرج".

بينما يرى آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم المالية"، أن الجنيه قد يستقر عند "مستوى 28 جنيهًا مقابل الدولار الواحد، صندوق النقد كان يريد سعر صرف مرن وهذا ما يحدث الآن".

 

التعويم الثالث بدأ

وقال محللون إن الجنيه تراجع بما يكفي بموجب نماذجهم المختلفة للقيمة العادلة، إلا أن العملة تحتاج لفترة تكيف مع حل مشكلة الواردات المتراكمة وعودة الثقة.

ويؤكد خبراء اقتصاديون في موقع " Investing" أن التعويم الثالث للجنيه قد بدأ بعد أيام قليلة على بداية العام الجديد، بينما كانت التوقعات تترقب هذا الحدث منتصف ديسمبر الماضي عقب استلام الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي. وهو الأمر الذي يعيد للأذهان مجددًا التعويم المحتمل الذي توقعه أغلب الخبراء والبنوك العالمية.

وقال جاب ميجر من أرقام كابيتال: "نعتقد أننا سنشهد خفضًا أو تعديلًا آخر في قيمة العملة، لكننا لا نتوقع خفضًا إلى مستوى 32 - 34 مثلما توحي السوق السوداء.

وقال الخبير المصرفي، هاني جنينة، في وقت سابق، إنه في ضوء قرارات المركزي برفع الفائدة من المتوقع طرح شهادات ادخار ذات عائد مرتفع جدًا تكسر حاجز الـ18% وتصل لـ20%؛ وهو ما حدث اليوم من بنكي الأهلي ومصر.

وقال جنينة إن هذه الشهادات سيتم طرحها لمدة قصيرة تتراوح من 6 أشهر إلى عام، ثم يتم إيقاف العمل بهذه الشهادات مثل ما حدث في شهادات الـ18%، وذلك بهدف تحقيق عوائد مادية للبنوك.

 

توقعات البنوك

توقعت بنوك استثمار عالمية بينها ستاندرد تشارتر (NASDAQ:CHTR) واتش اس بي سي أن يستمر تراجع الجنيه مقابل الدولار الأمريكي خلال الأسابيع المقبلة.

ووفقًا لتوقعات البنوك التي نشرتها وكالة بلومبيرج؛ فمن المرجح أن يتجه الجنيه إلى مستويات تتراوح ما بين 26 جنيه للدولار إلى مستويات قرب الـ 27.8 جنيه للدولار خلال الفترة المقبلة.

وقالت الوكالة إن مصر ستتجه إلى مزيد من خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، متوقعة في الوقت ذاته مزيدًا من الانخفاض خلال الـ12 شهرًا المقبلة.

وأشارت الوكالة إلى ضعف مرونة سعر الصرف في مصر مقارنة بأوضاع السوق الذي من المتوقع أن يشهد مزيدًا من الانخفاض خلال الأشهر المقبلة.

 

لا توقعات لسعر نهائي للجنيه

وأكد مسئولو صندوق النقد أنهم يطلبون من حكومة الانقلاب 3 أمور أساسية، من أجل الوصول إلى حلول كاملة ومستدامة تساعد على استقرار سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية وهي:

  • القيام بإصلاحات هيكلية واسعة النطاق للحد من تأثير الدولة وتعزيز الحوكمة والشفافية.
  • خفض معدلات التضخم تدريجيًا وإلغاء دعم برامج الإقراض.
  • الضبط المالي وإدارة الدين لضمان تراجع نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي.

وحتى تتحقق هذه النقاط، تتوقع صحيفة "الإيكونوميست" أن يستمر سعر الجنيه في التراجع أمام الدولار خلال السنوات الأربع المقبلة؛ أي حتى عام 2026؛ مما يجعل توقع سعر ثابت أو نهائي للجنيه المصري أمرًا صعبًا، وهو الأمر الذي يشير إلى تحرير كامل لسعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وهو ما صرح به رئيس البنك المركزي إبان تعويم أكتوبر الماضي بأن "تحديد سعر صرف الجنيه سوف يترك لقوى العرض والطلب".

 

ما تأثير التعويم على السوق؟

من شأن تعويم الجنيه أن يقلل الضغط على البنك المركزي فيما يتعلق بحجم احتياطيات العملة الأجنبية فيه، بجانب أن انخفاض قيمة العملة الوطنية نتيجة التعويم سيؤدي إلى زيادة الصادرات، والمنتجات المصرية ستصبح أرخص كثيرًا في الأسواق الخارجية (لأن الجنيه انخفضت قيمته كثيرًا مقابل الدولار واليورو وغيرهما) ومن ثم تصبح أكثر تنافسية.

وفي المقابل ستصبح الواردات أغلى كثيرًا، ومن ثم سيصعب على المواطنين شراء الكثير من السلع المستوردة لارتفاع أسعارها بشدة.

وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق نهاية ديسمبر على مد مصر بثلاثة مليارات دولار من خلال اتفاق مدته 46 شهرًا. وأتاح القرار صرف دفعة فورية تعادل347 مليون دولار أمريكي، للمساعدة في تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة.

ويقدّر صندوق النقد الدولي أن مصر ستعاني من فجوة تمويل خارجي قيمتها 16 مليار دولار خلال 46 شهرًا هي مدة البرنامج الحالي.