أعاد اتهام الداعية عبدالله رشدي لإحدى المستشفيات الخاصة بالتسبب في وفاة زوجته، فتح ملف «الأخطاء الطبية»، وهي مشكلة متكررة تطفو على السطح من حين لآخر، مع تجدد حوادث الإهمال، وبينما كانت أغلب حوادث الإهمال في الماضي بطلتها مستشفيات حكومية، وكانت مثل هذه الحوادث تثير تعليقات تطالب بمزيد من الإنفاق الحكومي على تدريب الأطباء وتطوير هذه المستشفيات، فإن ملفات المحاكم أصبحت مؤخراً مليئة بقضايا إهمال، وقعت أحداثها في المستشفيات الخاصة أيضاً.

واتهم "رشدي" مستشفى بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة، بارتكاب خطأ طبي أدى إلى دخول زوجته البالغة من العمر 35 عاماً في حالة حرجة، وتوقف قلبها، مشيراً في بلاغه إلى أنه وُضعت على أجهزة إعاشة، حتى وافتها المنية.

ونعى رشدي عبر حسابه في تويتر زوجته قائلا: "انتقلت إلى رحمةِ الله تعالى زوجتي الحبيبة بعد عشرة دامت 15 سنة، كانت فيها الزوجةَ المُحبة ورفيقة الدرب الوفية، مضى أمر الله أن نفترق اليوم على أمل أن ألتقيها في جنات الخلد إن شاء الله".

بداية القصة

ونشر الداعية عبدالله رشدي، فيديو له عبر يوتيوب، قائلا: "كثير من الأشخاص طلبوا مني الحديث عن واقعة ما حدث مع زوجتي والإهمال الطبي الجسيم الذي تسبب في وفاتها".

وأوضح رشدي أنه لم يكن سيتحدث عن ما حدث لولا خروج مدير المستشفى متحدثا عن الواقعة، مردفا: "وكنت أظن أن من ارتكب خطأ يصلحه، وكان يكفيني أن يأتي من أخطأ ويعتذر، ويطلب الجلوس معنا، ويقدم العزاء، ويعرف طلباتنا، ونحن لم نكن سنطلب أي شيء".

وأكد الداعية: "المهمل يجب أن يُعاقب، ومن تسبب في وفاة زوجتي وحرم أطفالي من والدتهم يجب أن يُعاقب"، منوها إلى اتخاذه إجراءات قانونية، وأخرى ستنفذ خلال الفترة المقبلة، كي يستعيد حق زوجته.

وتابع: رشدي "من أخطأ يجب أن يُعاقب، ومن يتحدث من المستشفى عن الواقعة دون وجه حق يجب أن يُعاقب، بكرة المحامي بتاعي جاي معايا علشان نسعى بكل الطرق القانونية المشروعة لإثبات حق زوجتي، وحق مراتي هيرجع".

 

تكرار الأخطاء الطبية

وأثارت وفاة عبدالله رشدي غضب متابعين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين تفاعلوا مع شكواه، بالحديث عن تضخم ملف الأخطاء الطبية في مصر بالآونة الأخيرة.

فكتب محمد البسيوني (مدرس) إنه «بعد أن كان بعض أخطاء الأطباء في الماضي من نوعية نسيان أدوات جراحية داخل بطن مريض، وبعضها الآخر من نوعية تلوث نتيجة عدم تعقيم غرفة العمليات، أصبحت الأخطاء أسرع في التسبب بحدوث الوفاة».

بينما تساءل حامد المحلاوي (محاسب) عن أسباب لتواتر حالات الإهمال الطبي في مصر مؤخراً، وقال إن «السبب الرئيس هو تكالب المستشفيات الشديد على جمع الأموال بكل الطرق الممكنة، خلافاً للقواعد المهنية. وطبعاً يأتي هذا على أعصاب الطبيب، نتيجة للجهد المبذول فوق الطاقة، وهو ما ينعكس بدوره على تركيزه خلال الكشف، وقد لا ينتبه إلى علاج خاطئ وربما قاتل يفتك بالمريض».

وقال أحمد صالح: "ربنا يرحمها ودا قضاء الله وقدره لكن دا مش مانع إنه يأخذ بالأسباب خاصةً إن سبب الوفاة خطأ طبي والحالة والعملية كانت بسيطة مش معقدة".

 

180 ألف خطأ سنويا

وأشارت مؤسسة «ملتقى الحوار للتنمية» (مؤسسة حقوقية مصرية) في أكتوبر الماضي، عبر تقرير لها إلى أن عدد الأخطاء الطبية في مصر سنوياً يبلغ 180 ألف حالة، وأن نحو 20 طبيباً يتم شطبهم من نقابة الأطباء سنوياً، بسبب الأخطاء الطبية.

ولفت التقرير إلى أن الأخطاء الطبية تقع في جميع دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث تمثل السبب الثالث للوفاة بعد أمراض القلب والسرطان مباشرة؛ لكن المشكلة التي أشار إليها معدو التقرير، هي تواتر الأخطاء في مصر، وكأنها مسلسل لا ينتهي.

ومن جهته اعترف الطبيب خالد مناع، استشاري أمراض القلب، بوجود أخطاء طبية؛ لكنه رفض من ناحية أخرى تضخيم المشكلة، معتبراً أن رقم 180 ألف حالة سنوياً مبالغ فيه.

وأوضح  مناع في تصريحات صحفية: «تضخيم مثل هذه الأمور يضر بالطبيب المصري الذي له سمعة طيبة في الخارج، تدفع كثيراً من أبناء الدول العربية إلى القدوم للعلاج في المستشفيات الخاصة المصرية».

وأشار إلى أنه «من الخطورة الإسراع في الحديث عن وجود خطأ طبي، لمجرد أن شخصاً ما تقدم ببلاغ دون انتظار لنتائج التحقيقات الرسمية التي غالباً ما تنتهي بحفظ البلاغ، لسبب بسيط هو أن أهل المريض من حرصهم على شفائه ورغبتهم في تجاوز أزمته الصحية، حتى لو كانت صعبة، يتخيلون أن المستشفى لم يبذل ما في وسعه لإنقاذه، فيتقدمون ببلاغ يتهم المستشفى بالإهمال».

ويخشى أن يأخذ قانون الممارسة الطبية المعطل في البرلمان طريقة نحو التنفيذ؛ حيث إن هذا القانون الذي يتم تقديمه على أنه سيعالج المشكلة، لن يزيدها إلا تعقيداً.

واختتم مناع: «هذا القانون الذي يضع عقوبات بالحبس على الأطباء في حالة الإهمال الطبي، سيدفع الأطباء إلى الخوف من التعامل مع الحالات الصعبة، وقد يدفع المستشفيات إلى رفض قبول دخول هذه الحالات من الأساس، وبذلك نكون قد حاولنا علاج مشكلة فأنتجنا مشكلة أكبر».

 

القوانين ليست حلا

ويرى الطبيب دسوقي أحمد، استشاري الصدر وسرطان الرئة (طبيب حر)، أن وضع القوانين ليس حلا قائلا يجب أن يبدأ أولا بمراجعة تعريف الخطأ الطبي بشكل قانوني، وكذلك بشكل مجتمعي، والتفرقة بين المضاعفات الممكنة والأخطاء الطبية، ومعرفة درجات الخطأ الطبي.

وتابع دسوقي في تصريحات صحفية: «نحن لا نحتاج اختراع العجلة من جديد، فكل هذه القوانين معروفة بشكل عالمي وفي متناول الجميع، وعلى الجهات المشرعة للقوانين أن تبدأ جهداً قانونياً في إطار حوار مجتمعي بين الجمهور والفئات المتخصصة، للوصول إلى هذه التفاهمات، وإلزام الجميع بها».